نص الحديث
قال الامام السجاد (عليه السَّلام): عن استقبال الانسان لليوم الجديد من عمره: "اللهم صل على محمد وآل محمد وارزقنا حسن مصاحبته".
دلالة الحديث
الحديث او النص المتقدم شريحة من دعاء الامام السجاد (عليه السَّلام)، حيث يحفل الدعاء بموضوعات متنوعة ومنها: هذه العبارة وهي عبارة لها امتدادات لاحقة مرتبطة بها، ولكنا نكتفي بملاحظة هذه الفقرة، من حيث صياغتها البلاغية، حيث خلع الدعاء على (اليوم الجديد) طابع (المصاحبة) اي: الصاحب، وهو: الشخص الذي تتمشى أو تجلس او تتحدث معه الخ... والسؤال هو: ما هي دلالة الحديث اولاً، وما هي بلاغته ثانياً؟
هذا ما نبدأ بتوضيحه الآن.
اما دلالة الحديث فلا تحتاج الى تعقيب بقدر ما تشير بوضوح الى ان الامام السجاد (عليه السَّلام) يتوسل بالله تعالى بان يجعل هذا اليوم الجديد الذي يطل علينا كل يوم، يوماً نحقق فيه مهمتنا العبادية التي خلقنا الله تعالى من أجلها، تبعاً لقوله تعالى "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"...هذه هي دلالة العبارة، ولكن كيف صيغت من حيث البلاغة؟ الجواب: قلنا، ان الامام (عليه السَّلام) خلع طابع (المصاحبة) على العبارة، اي: اليوم الجديد الذي نستقبله كل صباح من اوقات عمرنا... وهذا يعني: اننا امام استعارة حيث خلع النص طابعاً بشرياً على اليوم المادي... فكيف نتأمله بلاغياً؟
بلاغة الحديث
ايضاً: قلنا ان المصاحبة تعني: المحادثة والمجالسة والتمشي... الخ مع شخص ما،... والمطلوب من الشخصية في ميدان التعامل مع الآخر ان يسلك سلوكاً رفيقاً مع صاحبه، مراعياً آداب المصاحبة وفق ما رسمه الاسلام... ولكن بما ان المصاحبة هي الآن: مع يوم مادي، حينئذ فان الذهن يتداعى سريعاً الى ان آداب المصاحبة مع هذا الرفيق المادي (اليوم الجديد)ينبغي ان تراعى وفق المبادئ الاسلامية...فما هي هذه المبادئ
الجواب: المبادئ هي ممارسة الواجب او ممارسة المندوب، وترك المحرم وترك المكروه... ثم ماذا؟ المباح (وهو ما لايترتب عليه ثواب وعقاب يتعين علينا (ان اردنا ان نمارس العمل العبادي وفق الأحسن: تبعاً لقوله تعالى "لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً" سورة هود آية 7 فأن الاحسن عن العمل (في احد مصاديقه) هو: ان نحول "المباح" الى "مندوب" اي نجعل لكل عمل نية حتى في الأكل والشرب: كما امرنا رسول الله تعالى بذلك.
اذن: مصاحبة يومنا الجديد ينبغي ان تراعى فيه المبادئ المتصلة بما هو واجب ومندوب وترك المحرم والمكروه وتحويل "المباح" الى "مندوب" بالنحو الذي اوضحناه
ختاماً: نسأله تعالى ان يوفقنا الى الطاعة، انه سميع مجيب.