نص الحديث
قال الامام عليّ عليه السلام: "لمحبينا افواج من رحمة الله ولمبغضينا افواج من سخط الله".
دلالة الحديث
الحديث المتقدم من النصوص البلاغية التي تحتمل اكثر من تأويل، وهذا مما يكسب النص ثراءً فنيا دون ادنى شك،... وسنوضح البعد الفني لهذا الحديث بعد قليل، ولكننا نودّ الاشارة اولاً الى الدلالة العامة للحديث ممثلة في المنتسبين الى خط اهل البيت عليهم السلام وللمنحرفين عنه، حيث جعل النص المنتسبين الى اهل البيت ومحبيهم مرتبطين برحمة الله تعالى، و جعل المنحرفين عنهم مرتبطين بغضب الله تعالى...
والآن مع اهمية هذه الدلالة حيث تحصر محبة الله تعالى بمن احبّ اهل البيت، وحيث تحصر سخط الله تعالى على من بغض اهل البيت، وهذا الحصر لا مشاهة يعني: ان المنحرف عن خط اهل البيت لا نجاة له في الاخرة، وهو ما لا سبيل الى احصاء الأسف على ذلك... والآن بعد ان أدركنا دلالة الحديث، نتجه الى بلاغته...
الحديث – كما قلنا – يحتمل اكثر من وجه ،.. و أحد التأويلات هو: ان الامام علياً (ع) نسج خطاباً او كلاماً ينتسب الى الاستعارة او الرمز،... من ذلك مثلاً: ان نقول: ان المقصود من عبارة "محبينا افواج من رحمة الله" ومقابله "ولمبغضينا افواج من سخط الله" هو: ان الافواج لغوياً هم ( الجماعة)، وبذلك يكون النص قد خلع على مفهوم (رحمة الله تعالى) طابع الجماعة مقابل الفرد، اي: ان رحمة الله تعالى ليست يسيرة بل هي من السعة بحيث تصبح بمستوى الجماعة وليس الفرد.... هذا احد التأويلين.
بلاغة الحديث
واما التأويل الاخر فهو، ان محبينا يشكلّون جماعة ترتبط او تقترن بمحبة الله تعالى، ومبغضينا ايضا جماعة ولكنها مقترنة بغضب الله تعالى، وبعبارة اوضح دلالة: ان محبينا هم جمهور من الناس، و مبغضينا ايضا جمهور من الناس، ولكن الرحمة الالهية للمحبين، والسخط الالهي للمبغضين...
وفي تصورنا ان التأويل الاول هو اقرب الى الواقع،.... ولكن مهما يكن الامر فان الدلالة العامة تظل واحدة:
وهي: ان المنتسب الى خط اهل البيت عليهم السلام مشمول برحمة الله تعالى، والمبغض مشمول بسخط الله تعالى... واما بلاغياً: فان التأويل الاول يظل تعبيراً استعارياً او رمزياً للافصاح عن سعة رحمته تعالى للمنتسبين الى اهل البيت عليهم السلام ومحبيهم، والعكس هو: الافصاح عن عظيم غضبه تعالى على المنحرفين.
ختاماً: نسأله تعالى ان يوفقنا الى التمسك باهل البيت عليهم السلام، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، انه سميع مجيب.