نص الحديث
قال الامام المهدي (عليه السَّلام): عبر تعريفه بمقام اهل البيت (عليهم السَّلام): بأنهم "مصابيح الدجي" الي ان ختم ذلك بعبارة الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ.
دلالة الحديث
هذا النص نتناوله بين زاويتين الاولي بصفته ختاماً بجملة سمات ذكرها الامام (عليه السَّلام) والاخري: بصفته استعارة متنوعة من سورة الحمد حيث وردنا فيها اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ فيما اقتبس الامام (عليه السَّلام) هذه العبارة ووظفها في سياق آخر. والمهم هو: الحديث عن العبارة الثانية الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ دلالياً وجمالياً. اما دلالياً، فإن المقصود من ذلك هو: ان يهدينا الله تعالي الي الالتزام بالمبادئ التي رسمها تعالي لعباده، وطلب الالتزام بها. واما جمالياً: فإن الحديث عنها ندرجه ضمن ما يأتي:
بلاغة الحديث
( الصِّرَاطَ َ) لغوياً هو الطريق، واما (المُستَقِيمَ) فلا يحتاج الى توضيح، بيد ان (الطريق) قد ورد قرآنياً وحديثياً عبر لغة استعارية او رمزية ونحن نفضل بأن نطلق علي كلمة ( الصِّرَاطَ َ) بانها تعني (الرمز) من وجهة نظر بلاغية، بمعني انها ترمز الي الاسلام والايمان والولاية وسائر المبادئ التي رسمها الله تعالي، وطلب من عباده بأن يلتزموا بها في غمرة الوظيفة العبادية او الخلافية التي اوكلها تعالي الي الخلق: تبعاً لقوله تعالي مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ وتبعاً لقوله تعالي (جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً) ... وبما ان الرمز مرشح بعدة دلالات، ولذلك ورد في احدي دلالاتها ما ينسحب علي الولاية بصفتها اكمالاً للدين وارتقاء الاسلام. والسؤال بلاغياً: ماذا نستلهم من عبارة (الطريق) ولماذا نتوقع من الانتباه عليها مجموعة دلالات هي: الادق تعبيراً عن مبادئ الله تعالي. واضح، ان مفردة (الطريق) تعني: الدرب الذي يسير الانسان فيه، والدرب المستقيم هو اقرب من سواه من الطرق الانحرافية يميناً او شمالاً كما هو واضح، اي: اقرب الي الوصول نحو الهدف، هذا من جانب، من جانب آخر، الطريق هو الموصل الي الهدف دون سواه من الرموز او المصطلحات، وذلك لأن الانسان لا يصل الي المكان المطلوب وصوله إلا بواسطة مشيه في الطريق، حيث ينتخب طريقاً خالياً من الاذي: كالاشواك مثلاً، أو مضيئاً ليس مظلماً، أو آمناً غير مقترن بقطاع الطرق والقتلة، الخ... ومادام الامر كذلك، فان الطريق الي الله تعالي من خلال الممارسة الخلافية او العبادية تظل متناسبة مع المصطلح اللغوي (الطريق) بمعني ان العبد لا مناص له من المشي عبادياً او خلافياً حتي يحقق وصوله الي الهدف او المكان وهو: مطابقة عمله مع المبادئ التي رسمها الله تعالي متمثلة في الالتزام بطاعة الله تعالي ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) واولي الامر (عليه السَّلام)، وهذا ما نتجه به الي الله تعالي بأن يوفقنا الى تحقيقه. ختاماً: نكرر دعاءنا الي الله تعالي بأن يجعلنا متمسكين به، وبرسوله، وبأهل البيت، وان يوفقنا الي ممارسة الطاعة، انه سميع مجيب.