نص الحديث
قال الامام الصادق (عليه السَّلام): القلب حرم الله، فلا تسكن حرم الله غير الله.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يجّسد صورة (تمثيلية واستعارية)، حيث يخلع علي القلب طابع (الحرم)، ويخلع عليه طابع (السكني)، ويجعلهما موقعاً او مكاناً لمحبَّة الله تعالي، وهذا ما سنوضحه بعد قليل، إلا اننا نستهدف الاشارة اولاً الي الدلالة العامة للحديث، متمثلة في الذهاب الي ان العبد ينبغي ألا يحب ّ إلا الله تعالي.
طبيعياً، لا تعني محبَّة الله تعالي عدم محبَّة الآخر، بل تعني: ان محبتك للآخر هي محبَّة لله تعالي، لأنه آمرك بمحبَّة الآخرين، ومساعدتهم، ومصادقتهم الى آخره.
اذن المحبَّة اولاً وبالذات هي لله تعالي، وهي ثانياً وبالتعرض للآخر والآن نبدأ لنحدثك عن الصورة الفنية التي رسمها الامام الصادق (عليه السَّلام) حينما اوضح بأن القلب هو حرم الله تعالي، وعلي الانسان إلا يسكن في حرمه غير الله تعالي. فماذا نستلهم منها؟
بلاغة الحديث
الصورة التمثيلية المتقدمة تظل من ابرز الصور دلالة، واشّدها عمقاً في التعريف بمحبَّة الله تعالي.
لقد جعل الامام الصادق (عليه السَّلام) المحبَّة لله تعالي، او (الحب لله) بمثابة (حرم) والحرم - كما هو واضح - المكان المقدس للتعامل مع الله تعالي فحسب، لذلك، فان المحبَّة لله تعالي او التعامل مع الله تعالي يظل هو الكامن وراء الحقيقة المتقدمة.
ومن البيّن ان (القلب) هو: المكان الذي تودع المحبَّة او الحب فيه، بمعني ان قلبك هو مكان الحبّ واذا كان الامر كذلك، فإن الامام (عليه السَّلام) استعار لقلبك مكاناً هو (الحرم) بصفته المكان الخالص للتعامل مع الله تعالي، هذا من جانب، من جانب آخر، أمرك الامام (عليه السَّلام) ألا تشغل هذا المكان بما هو ليس أهلاً له، فمادام (الحرم) هو مكان الله تعالي، حينئذ لا معني بأن تسكن سواه، والسكن هنا - استعارة لمعني (الحب) او (المحبَّة) لله تعالي، وهذا الحب - كما اوضحناه - لا يعني: خلّو الآخرين منه، بل يعني: ان محبَّة الآخر، طلبها الله تعالي، فتكون الظاهرة علي هذا النحو، اجعل قلبك خالصا من اجل الله تعالي، حتي محبتك وبغضك، اي تحب في الله تعالي وتبغض في الله تعالي، وهذا هو منتهي الاخلاص او الايمان المطلوب.
اذن، ادركنا دلالة الحديث المشير الي ان قلوبنا هي حرم الله تعالي، وضرورة ألا تسكن غير محبَّة الله تعالي في قلوبنا، سائلين منه تعالي ان يمدنا بمحبته، وان يوفقنا الي ممارسة الطاعة، انه سميع مجيب.