نص الحديث
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): الجمال: في اللسان.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يشير الي الكلمة او الكلام أو التعبير بعامة، موضحاً أهمية ذلك من خلال إتسامه بما هو جميل قبالة ما هو قبيح مثلاً، أو قبالة ظواهر اخري بسائر أجهزة البدن أو سائر مظاهر السلوك، او سائر ظواهر الحياة والمهم:
اولاً: هو طرح مفهوم الجمال.
وثانياً: تحديده في الجهاز المشار اليه وهو: اللسان. وهذا يستاقنا الي ان نتساءل: ما هي الاستيحاءات أو الاستخلاصات الدلالية التي يمكن ان نتوفر عليها من خلال الحديث المذكور؟
بلاغة الحديث
من البين ان اللسان أو الكلام يظل تعبيراً عن دلالة الشيء، بمقدورك مثلاً ان تطلق الكلمة الطيبة، وهي - كما ورد في الحديث - صدقة، بمعني ان العبارة الصادرة من فمك اذا كانت مشحونة بما هو حسن وطيب: تكون بمثابة صدقة تتصدق بها: تفرح بها الآخر من جانب، وتدفع البلاء او الشدائد عنك من جانب آخر، هذا احد الاستخلاصات.
الاستخلاص الآخر هو: ان الشخصية ذات سمات متنوعة، كالسمة الجسمية مثلاً، وجمال الشخصية حقيقة ليس هو: مظهرها الفيزيقي بقدر ما يتمثل في خلقها: كما هو واضح، ولااشد تعبيراً عن حسن الخلق اكثر من الكلمة الطيبة، حتي انها تحول العدوّ من خلال ذلك الي وليّ حميم.
واما الاستخلاص الثالث من الحديث المذكور، فهو: الجانب البلاغي من ظاهرة اللسان، حيث يصفه النبيّ ص بان الجمال هو كامن في اللسان بما يصدر منه من الكلمات والاصوات والتركيب والتصدير، فانت بمقدورك ان تحقق جمالاً ملحوظاً من خلال انتقائك للعبارة ذات الجرس المناسب مع دلالتها، وبمقدورك ان تنتخب التركيب المتين في صياغة عبارتك، وبمقدورك ان تصوغ العبارة وفق صورة فنية هي: التشبيه او الاستعارة او الرمز وهو ما نجده في النصوص الاعجازية كالقرآن الكريم مثلاً او النصوص الكمالية مثلاً وهو ما يتوفر في النصوص الصادرة من المعصومين (عليهم السلام).
اذن الجمال في اللسان ينسحب علي مجموعة من الظواهر من حيث الدلالة ومن حيث البلاغة بالنحو الذي اوضحناه. نسأله تعالي ان يوفقنا الي ان نستخدم ما هو الجميل من اللسان، ونوظفه في نشر مبادئ الله تعالي، وان يوفقنا الي الطاعة، انه سميع مجيب.