نص الحديث
قال الامام علي (عليه السلام): الحسد يأكل الايمان، كما تأكل النار الحطب.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يتناول أحد الامراض النفسية وهو (الحسد)، وهذه السمة تنتسب (من زاوية الامراض العصابية) الي (النزعة العدوانية) و(الذاتية) ايضاً، بمعني أن الحاسد يحوم حول قضاياه الفردية، فذا لم تتحقق اشباعها تتولد لدية النزعة العدوانية وهي كراهة الغير ممن غمرته النعمة، المهم ان هذه النزعة طالما يحذرنا الاسلام منها بصفة انها تعترض حكم الله تعالي وقسمته للنعم بحسب ما تتطلبة الحكمة، ولذلك ورد ان الحاسد هو الصاد لما قسمه تعالي للناس، وهذا هو عين الكفر بطبيعة الحال ويعيننا الان أن نعرض للحديث الفني الذي رسمه الامام علي (عليه السلام) للحاسد حيث شبه الحسد بالنار التي تأكل الحطب، وهو تشبيه يتطلب منا ان نخصه بشيء من التحليل.
أن الايمان بالله تعالي يعني: الايمان بما رسمه تعالي من المبادئ والالتزام بها. فالكذب مثلاً أو الصدق مثلاً: ظاهرتان أمر تعالي بأن تجتنب اولاهما، ونلتزم بالاخري، والحسد ايضاً أمرنا بأن نجتنب منه واعتبره ما حقاً للايمان.
بلاغة الحديث
سر ذلك أن الحاسد يتمني أن يزول من الشخص ما قرره تعالي له، بمعني انه اعترض علي الله تعالي ولم يلتزم بأوامره ونواهيه، وعدم الالتزام يعني: عدم الايمان. اذن الحاسد غير مؤمن والنكتة البلاغية هي: التشبيه الذي يربط بين النار والحسد يحرق الايمان، والنتيجة هي: لا ايمان ممن هو حاسد.
اذن لنتلمس طرافة هذا التشبيه طرافة التشبيه المتقدم هي: ان النار مادة لا تبقي ولا تذر، انها تذهب بكل ما يحترق بها وفيها، والحطب هو أكثر المواد قابلية للاحتراق، من هنا، فان الايمان بالله تعالي سوف يصبح بمثابة حطب قابل للاشتعال في حالة ما اذا مسته النار، وهذا يعني: ضعف ايمان الحاسد او انعدامه قبالة قوة اذا ما انصعنا اليها لاسبيل الي التغلب عليها، من هنا فان مصارعة الحسد اذا دربنا ذواتنا علي استمراريته أو اذا دققنا النظر في مبادئ الله تعالي تيسر لنا الغلبة علي الشيطان ووسوسته دون ادني شك.