نص الحديث
قال الامام الصادق (عليه السلام): لو انّ احدكم فرّ من رزقه لتبعه حتي يدركه.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يشير الي ان الله تعالي هو المتكفل بايصال الرزق الي العبد حتي لو فرضنا ان العبد يتواني او يترك ما قسمة الله تعالي له من الرزق حيث ان الرزق يصل اليه في الحالات جميعاً صحيح، ان الرزق نمطان احدهما رزق نطلبه والأخر رزق يطلبنا الّا ان هذا الأخير هو ما اشار الامام الصادق (عليه السلام) اليه حينما اوضح بان احدنا لوفر من الرزق لتبعه حتي يدركه، ولعل الطرافة في الحديث المتقدم تتجسد بشكل اوضح حينما نتجه الي ملاحظة صياغته البلاغية.
بلاغة الحديث
تتجسد بلاغة الحديث المتقدم من خلال ملاحظتنا لصياغته البلاغية المتمثلة في ما نطلق عليه مصطلح (الصورة الفرضية – الواقعية)، مقابل (الصورة الفرضية – التخيلية)، حيث ان الفرار من رزق الشخصية ولحوقه بها، هو عملية حيوية لما جماليتها المتمثلة في كونها مألوفة الي درجة الألفة التامة، اي: الفرار او الهروب من الشيء، ولكن الشيء يلحق الهارب علي الرغم منه.
بيد ان الطرافة في الصورة المتقدمة هي: ان الرحمة الالهية بعباده ينبغي ان تظل هي الهاجس لدي العبد الا وهو: ان استمرارية الحياة التي جعلها الله تعالي معيار لدلالة وجودنا فيها من خلال التجربة العبادية التي نمارسها تتطلب تدفق الرزق حتي تباح للشخصيته ان ثبت نجاحها او فشلها في الاختبار الالهي.
والمهم هو ان استمرارية تدفق الرزق، او لحوق الرزق للشخصية حتي لو هربت منه يظل من ادق الصور الفنية من حيث طرافتها ودلالتها (ليس من خلال صلتها بممارسة العبد لوظيفته العبادية فحسب، بل من خلال رعايته تعالي للعبد ايضاً بحيث نلاحظ بان الانسان قد يهرب من الاشياء التي يخشي منها ولكن يهرب من المحب الذي يتكفل بإشباع حاجاته والمحب) مع ذلك يلحقه فيرزقه، فهذا يفصح عن مدي درجة الحنان والرحمة من الله تعالي.