نص الحديث
قال النبي (صلى الله عليه وآله): العبادة مع اكل الحرام، كالبناء على الرمل.
دلالة الحديث
هذا الحديث من الاهمية بمكان كبير، انه يتحدث عن الاعمال العبادية التي يقوم بها الانسان كالشعائر من صلاة وصوم..الخ، او من اعمال انسانية كالانفاق او ممارسات اخرى واجبة او مندوبة، هذه الممارسات سوف لا تنفع صاحبها اذا لم تقترن بما هو حلال من الاكل، اي: اذا كان العبد يمارس اعماله العبادية المذكورة، ولكنه يأكل الطعام المحرم: كاللحم غير المذكى مثلاً، او المال الربوي الذي يشتري به الطعام، او المال الذي يكتسب به من الحرام.
ان هذه الانماط المرتبطة بما هو حرام من المال مباشر او غير مباشر سوف تنعكس آثارها على الممارسات العبادية فتجعلها هباءاً منثوراً، وبذلك يخسر العبد ما قدمه من الطاعات، وهذا هو قمة الخسران: كما هو واضح.
وقد رسم النبي (صلى الله عليه وآله) هذه الظاهرة، وفق صورة تشبيهية على النحو الآتي: فلنستمع جديراً الى ذلك.
بلاغة الحديث
قال (صلى الله عليه وآله): (العبادة مع اكل الحرام، كالبناء على الرمل). ان هذا التشبيه من الصياغات البلاغية الفائقة والعميقة والطريفة، فالبناء هو: عملية اقامة منزل او اي مكان يعد للسكن ونحوه، حيث يتحقق البناء من خلال اعتماده على اساس محكم كالصخر او الحديد ونحو ذلك، ولكن اذا اقمناه على التراب او الرمل او الماء، حينئذ فان البناء ينهار في تلك اللحظة ولا يثبت البتة، فتذهب اتعاب الباني هدراً، وهذا ما يتماثل مع عمل العبد الذي يمارس الطاعات ولكنه يتناول ما هو الحرام من الاكل، فتكون النتيجة هي: انهيار طاعاته وعدم حصول الثواب عليها، وهذا هو منتهى الدقة في توضيح أثر اكل الحرام وانعكاسه على الشخصية: كما هو واضح.