حضرات المستمعين الكرام السلام عليكم واهلاً بكم في حلقة اخري وجديدة من هذا البرنامج.
اعزاءنا، خلال ماضي حلقات هذا البرنامج تحدثنا حول حلقات هذا البرنامج تحدثنا حول الدور الثقافي والفكري لأيران خلال العهدين الأخميني والأشكاني علي ان هذا الدور بقي متألقاً حتي في زمن الدولة الساسانية وكانت ايران انذاك تشكل احدي القوتين العظميين في العالم القديم الي جانب الدولة الرومانية.
وكان ان استظلت عدة دول بمظلة الثقافة الأيرانية ومن تلك الدول تركمنستان والصين واجزاء مما وراء النهر مثل سمرقند.
وخلال العصر الساساني الذي سبق دخول الأسلام الي ايران كانت هناك مبادلات ثقافية ما بين الحضارة الأيرانية والحضارة الرومانية.
وحتي في المجال العلمي، كان هناك تبادل للخبرات، واهم مركز للتبادل العلمي في ذلك الوقت كان جامعة [ جندي شابور] الأيرانية ذائعة الصيت في التاريخ الحضاري.
وفي عام ٦٥۱ ميلادي انتهي حكم الدولة الساسانية وسقط آخر ملوكها وهو يزجرد الساساني، حيث دخل الأسلام ارض ايران حاملاً معه بشائر حضارته.
ويري المؤرخون ان هناك اسباباً اخري ادت الي سقوط الدولة الساسانية، منها الفساد الذي استشري بين رجال البلاط والظلم والتعدي علي حقوق الناس.
ورحب الأيرانيون بالأسلام ايما ترحيب وانشدوا الي تعاليمه الحضارية النيرة.
ومن بعد ذلك حمل الأيرانيون معالم حضارتهم وحضارة الأسلام الي اصقاع الدنيا مبشرة بالخير والعطا والأنجازات.
وحينما كان الغرب يعيش ظلام العصور الوسطي، كانت حضارة الأسلام وايران تضيء بلاد الشرق بمصابيح فكرها الوهاج.
ان من يقرأ التاريخ الأسلامي يري ان الدولة الأسلامية والتي صارت ايران جزءاً منها توسعت توسعاً ملفتاً وامتدت حدودها الي جنوب اوروبا واسبانيا حالياً وهذا التوسع لم يكن توسعاً جغرافياً وحسب بل كان توسعاً ثقافياً ذلك ان الأسلام ليس دين السيف كما يدعي بعض المستشرقين غير المنصفين انه دين السلام والصفاء والعقيدة والمبادي الأنسانية النابضة.
وكان لمشاهير الفكر الأيراني حضور فاعل في اجزاء الدولة الأسلامية، حتي ان العديد من اصحاب الفكر من الأيرانيين تسلموا مناصب مهمة في الدولة الأسلامية سواء كانت مناصب ادارية او علمية او ثقافية.
وانقض زمن من بعده اخذ نجم الدولة الرومانية بالأفول في مقابل تزايد اشراقات شمس الحضارة الأسلامية التي انصهرت الحضارة الأيرانية في بودقتها واندمحبت فيها.
لازال برنامج/ مشاهير الفكر الأيراني يأتيكم من اذاعة طهران- صوت الجمهورية الأسلامية في ايران- من بعد فاصل عودة للحديث فكونوا معنا.
ان المسلمين تمكنوا من فتح بلاد الشام سوريا ولبنان ووصلت طلائع الأسلام الي البحر الأبيض المتوسط، الذي كان يسمي في الكتابات الجغرافية القديمة بحر الروم وهكذا صار في امكان المسلمين التوجه نحو جنوب اوروبا وكذلك صوب آسيا الصغري.
وحينما تمكن المسلمون من فتح سواحل شمال افريقيا، نقلوا اليها حضارتهم والحضارة الأيرانية واذا قلنا ان الحضارتين الأسلامية والأيرانية تقاربتا الي حد كبير حتي صارتا كما يقال وجهان لعملة واحدة فأن هناك اسباب ساهمت في هذا التقارب وفي رؤية الباحثين فان وجود العناصر المشتركة بين الحضارتين ساهم الي حد كبير في تقاربهما. انه تقارب رفد مسيرة الأنسانية بالمشارب الفكرية.
ان قراءة حتي وان كانت عابرة للتاريخ الأسلامي في القرن الأول للهجرة تدلنا علي ان المسلمين بسطوا كثير نفوذهم علي ارجاء كبيرة من العالم وقت ذاك.
اجل / حضرات المستمعين/ ان ما يمكن نستخلصه مما مر هو ان ايران التي دخلت الأسلام في اوائل عقود عمره واصلت مسيرة التقدم الفكري والثقافي في ارجاء العالم، ولكن هذه المرة تحت راية الأسلام لا راية الحكومات الملكية التي تعاقبت علي حكم ايران قبل الميلاد وبعده بعدة قرون.
ان الفتوحات الأسلامية هي فتوحات ثقافية لا فتوحات عسكرية، وفي هذه الفتوحات كانت الدول والبلدان المفتوحة تتلقي زاد الثقافة والفكر الأصيل الذي ينبع من منهل الأسلام الفياض وعقيدة التوحيد التي بني اسسها في الرسالة الأسلامية النبي الأكرم (ص) الذي هو داعية العلم والثقافة والتحضر.
حضرات المستمعين الكرام هكذا انتهت هذه الحلقة من برنامج مشاهير الفكر الأيراني منار للبشرية.
علي أمل اللقا المتجدد بكم نتمني لكم اطيب الأوقات والسلام خير ختام.