السلام على الارواح المنيخة بقبر ابي عبد الله الحسين، السلام عليكم يا شيعة الله وشيعة رسوله، وشيعة امير المؤمنين والحسن والحسين. السلام عليكم يا طاهرون، السلام عليكم يا مهديون، السلام عليكم يا ابرار، السلام عليكم وعلى ملائكة الله الحافين بقبوركم.
من بين الذين اصطفوا في معسكر الامام الحسين (عليه السلام)، رجل له تاريه حافل بالمواقف المشرفة، ذلك هو عبد الحمان بن عبد ربّ، الانصاريّ الخزرجي، من عرب الجنوب، كان صحابياً صاحب رواية, واحدى الشخصيات البارزة في الكوفة. ذكره الطبريّ في تاريخه، والطوسي في رجاله، والسيد ابن طاووس في لهوفه، والمجلسي في بحاره، كما ترجم له الشيخ السماوي في كتابه "ابصار العين، في انصار الحسين".
أما المحلي فقد كتب في "الحدائق الوردية": كان امير المؤمنين علي (عليه السلام) قد ربّاه وعلمه القرآن.
فيما روى ابن عقدة عن الاصبغ بن نباتة قال: نشد علي (عليه السلام) في الرحبة من سمع النبي (صلى الله عليه وآله) قال يوم الغدير ما قال، الاقام، ولايقوم الا من سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول، فقام بضعة عشر رجلاً، فيهم: ابو ايوب الانصاري، وسهل بن حُنيف، وخزيمة بن ثابت، والنعمان بن عجلان، وهذا الرجل الشهم الشهيد: عبد الرحمان بن عبد ربّ الانصاري، فقالوا: نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: «ألا إنّ الله عزوجلّ ولييّ، وأنا ولي المؤمنين، الا فمن كنت مولاه، فعليُّ مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، واحب من أحبه، وابغض من ابغضه، وأعن من اعانه». ذكر ذلك المؤرخ الشهيد ابن الاثير وكرره في موقف الذين قاموا من الصحابة، وذلك في كتابه المعروف: اسد الغابة، في معرفة الصحابة.
ويم كان عبد الرحمان الانصاري في الكوفة، كان احد الذين اخذوا البعة من اهلها للامام الحسين (عليه السلام)، حتى اذا تحرك الركب الحسيني الشريف من مكة المكرمة، سارع بالالتحاق به، ثم واصل سفره الجهادي الى ارض كربلاء، حيث معراج الشهادة مع سيد الشهداء ابي عبد الله الحسين صلوا ت الله عليه.
ويوم امر الحسين (عليه السلام) بفسطاط فضُرب له، وقف على بابه: برير بن خُضير الهمداني وعبد الرحمن بن عبد رب الانصاري. وقفا يحرسانه ويخدمانه، فجعل عندها بُرير يضاحك صاحبه عبد الرحمن، فقال له عبد الرحمن: يا برير أتضحك؟! ما هذه ساعة ضحك ولا باطل.
فقال بُرير: لقد علم قومي انني ما احببت الباطل كهلاً ولا شاباً وانما افعل ذلك استبشاراً بما نصير اليه، فولله ما هو الا ان نلقى هؤلاء بأسيافنا نعالجهم بها ساعة. ثم نعانق الحور العين.
وجاءت تلك الساعة المنتظرة، وحلق برير بن خضير في الافاق، لكن عبد الرحمن بن عبد رب الانصاري كان سبقه في التحليق الى عوالم الرضوان؛ إذ هجم في الحملة الاولى ولم يعد، بعد ان قاتل دون الاسلام والامام قتال الغيارى.
وفي صفوف الصحابة والاصحاب كان رجل شهم آخر يدعى: عمار بن ابي سلمة الهمداني الدالانيّ وبنو دالان بطن من همدان، من القحطانية عرب الجنوب في اليمن سكنوا الكوفة. وعمار كنيته ابو سلامة، كان صحابياً، وصاحب رؤيا ورواية، ذكره المؤرخ المعروف الطبري في تاريخه فقال: كان عمار الدّالانيّ من اصحاب علي عليه السلام، ومن المجاهدين بين يديه في حروبه الثلاث، الجمل وصفيّن والنهروان.
وعمار هذا هو الذي سأل امير المؤمنين علياً: يا امير المؤمنين، اذا قدمت عليهم (اي على جيش عائشة وطلحة والزبير في البصرة) فماذا تصنع؟
فأجابه امير المؤمنين (عليه السلام): ادعوهم الى الله وطاعته، فإن أبوا قاتلتهم.
فقال عمار عندها: اذن لن يغلبوا داعي الله!
وبأعتبار عمار الدّالانيّ صحابياً، اورد ابن حجر العسقلاني اسمه وترجمته في متابه (الاصابة في تمييز الصحابة)، ثم ختم تعريفه به بقوله: انه اتى الى الحسين (عليه السلام) وقتل معه.
اجل، ولكن متى وكيف؟
كتب المحليّ في مؤلفاته "الحدائق الوردية":
قـُتل من همدان: ابو ثمامة الصائدي ويزيد المشرفي وحنظلة الشبامي وعبد الرحمن الارحبي، وعابس الشاكري، وعمار ابن ابي سلامة الدّالانيّ وهم يسموّن فتيان الصباح من وادعة.
وذكره ابن شهر آشوب السرويّ في مؤلفه "مناقب آل ابي طالب" وقال: انه قتل في الحملة الاولى، حيث استشهد فيها جملة من اصحاب الامام الحسين (عليه السلام).
هذا، فيما كتب ابي مخنف في (مقتل الحسين (عليه السلام)):وحمل القوم بعضهم على بعض، واشتد بهم القتال، فصبر لهم الحسين واصحابه، حتى انتصف النهار.
وقال الشمر لأصحابه: احملوا عليهم حملة رجل واحد، واثنوهم على آخرهم. فتفرقوا يمينا وشمالاً وجعلوا يرشقونهم بالنبال والسهام فصار اصحاب الحسين بين جريح وطريح!
وكان من بين المطروحين الشهداء الطيبين: عمار بن ابي سلامة الدالانيّّ، في جملة من الاصحاب الاوفياء رضوان الله عليهم.
فوارس إذ نادى الصرخ ترى لهم
مكاناً بمستن الوغى ليس يُجهل
الى ان ثووا تحت العجاج تلفهم
ثياب عُلىٌٌ منها قنيٌّ وانصلُ
واما الرثاء الاسمى، فهو ما ورد في زيارة الامام المهدي خاتم الاوصياء، لأصحاب سيد الشهداء، يوم عاشوراء وقد جاء فيها: السلام على عمار بن ابي سلامة الهمداني.