كشفت مجلة "نيتشر كوميونيكيشانز" مقالا يتحدث في إطار السعي الدؤوب لإيجاد حلول ناجعة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون وآثارها الكارثية.
وتمكن فريق يضم باحثين من جامعتي كيوتو وطوكيو اليابانيتين وجامعة جيانغسو الصينية من ابتكار مادة جديدة يمكنها احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون بشكل انتقائي، ومن ثم تحويله إلى مركبات عضوية مفيدة.
نشرت تفاصيل تلك المادة الجديدة بدورية "نيتشر كوميونيكيشانز" نهاية سبتمبر/أيلول المنصرم، حيث قام الباحثون بتطوير نوع من البوليمرات المسامية التي يمكنها احتجاز جزيئات غاز ثاني أكسيد بكفاءة أكبر، من البوليمرات المستعملة حاليا بحوالي عشر مرات، ثم تحويله إلى مركبات عضوية ذات أهمية عالية.
مادة أكثر كفاءة
ويعد احتجاز وإعادة تدوير ثاني أكسيد الكربون أحد الحلول التي يعول عليها لمجابهة الانبعاثات المتزايدة لهذا الغاز، غير أن الطرق المستخدمة حاليا لاحتجاز الغاز لا تتمتع بالكفاءة المطلوبة، كما أن استقرار مركب ثاني أكسيد الكربون كيميائيا يحول دون إمكانية إعادة تدويره بسهولة في صورة مركبات عضوية أخرى.
لكن يبدو أن هناك أملا جديدا يلوح بالأفق، إذ يوضح الباحث بكيمياء المواد بجامعة كيوتو وأحد أعضاء الفريق البحثي كين إيشي أوتاكي، في البيان الصحفي، أنهم صمموا مادة مسامية ذات جاذبية عالية لجزيئات ثاني أكسيد الكربون، يمكنها تحويل تلك الجزيئات إلى مركبات عضوية مفيدة بشكل سريع وفعال.
المادة الجديدة عبارة عن بوليمر تناسقي مسامي ذي هيكل معدني عضوي يحتوي على أيونات معدن الزنك، بالإضافة إلى مركب عضوي ذي شكل جزيئي شبيه بالمروحة، الأمر الذي يمكن تلك المادة من العمل مثل قطعة إسفنج يمكنها تصفية وامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون.
ولدى فحص واختبار المادة الجديدة باستخدام الأشعة السينية، وجد العلماء أنه عند اقتراب جزيئات ثاني أكسيد الكربون من البوليمر، فإن الجزء الشبيه بالمروحة يقوم بالدوران وإحداث تغييرات طفيفة بالقنوات الجزيئية المسامية بهيكل البوليمر، مما يؤدي إلى تعرف البوليمر على جزيئات ثاني أكسيد الكربون بشكل انتقائي، ومن ثم تصفيتها واحتجازها دون غيرها.
مركبات ذات قيمة عالية
بعد احتجاز جزيئات ثاني أكسيد الكربون داخل البوليمر التناسقي المسامي، يمكن استخدامه في تصنيع مركبات عضوية مفيدة، حيث تمكن العلماء من استخدام ثاني أكسيد الكربون المحتجز في تصنيع مركب البولي يوريثان، الذي يمكن استخدامه في العديد من التطبيقات الصناعية في الملابس والأجهزة المنزلية والتغليف.
ويوضح الباحث بكيمياء المواد بجامعة كيوتو وأحد أعضاء الفريق العلمي سوسومو كيتاجاوا - في البيان الصحفي - أن أحد أكثر الطرق الصديقة للبيئة لاحتجاز الكربون هي إعادة تدوير غاز ثاني أكسيد الكربون في صورة مركبات ذات قيمة عالية، مثل الكربونات الحلقية التي يمكن استخدامها في البتروكيماويات والصناعات الدوائية.
من الجدير بالذكر أن الاعتماد الهائل على الوقود الأحفوري بالعديد من الأنشطة البشرية تسبب في ارتفاع انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بشكل غير مسبوق، لتبلغ 37.1 مليار طن بالعام المنصرم وحده، الأمر الذي تسبب في ظاهرتي الاحتباس الحراري والتغير المناخي ذات العواقب الكارثية الوخيمة على الكائنات الحية كافة.