البث المباشر

سرّ إهداء الصلوات للامام(ع) بزنة عرش الله

السبت 5 أكتوبر 2019 - 08:38 بتوقيت طهران
سرّ إهداء الصلوات للامام(ع) بزنة عرش الله

اذاعة طهران – عهد الصادقين : الحلقة : 10

 

حدثناك في لقاءات سابقة عن مقدمة دعاء العهد ثم عن القسم الاول من موضوعات الدعاء وهو (اللهم بلغ مولانا الامام الهادي المهدي القائم بأمرك صلواتك الله عليه وعلى آبائه الطاهرين عن جميع المؤمنين والمؤمنات في مشارق الارض ومغاربها، سهلها وجبلها، برها وبحرها، وعني وعن والديّ من الصلوات، زنة عرش الله، ومداد كلماته، وما احصاه كتابه، واحاط به علمه...) هذا المقطع من الدعاء تضمن القسم الاول منه: تبليغ قارئ الدعاء نيابة عن المؤمنين والمؤمنات ووالديه: صلواتهم الى الامام(ع)،.. وقد حدثناك عن النكات الكامنة وراء ذلك وفلسفة معطياته المتمثلة في تدريب الشخصية على الانفتاح على الآخرين والاهتمام بهم،.. واما القسم الثاني من هذا المقطع فيتمثل في حجم وعدد الصلوات التي بلغ بها قارئ الدعاء، حيث حدد ذلك بأربعة مقاييس هي:
1) زنة عرش الله تعالى،
2) مداد كلماته،
3) ما احصاه كتابه،
4) وما احاط به علمه...
هنا قد يتساءل قارئ الدعاء عن فلسفة هذه التحديدات وما تنطوي عليه من المعطيات الكاشفة عن عواطف قارئ الدعاء،.. وهو امر يجدر بنا توضيحه...
يلاحظ عنا (ونحن ندعوك مستمعنا الكريم الى ان تتأمل بدقة) هذه التحديدات للعرش وللكلمات وللكتاب وللعلم، حيث ان عدد الصلوات التي يختزنها القلب او الذهن: تكشف بوضوح عن لانهايتها، او بحجم كبر من ذلك،.. من هنا، فان الدعاء بدوره عرض مستويين من الحجم او العدد، فمثلاً: ما احصاه الله تعالى في كتابه يبلغ عن الكثرة عدداً وافراً بعدد مما خلق مثلاً، ولكن بالنسبة الى مداد كلماته: لاحدود لها، حيث ان الله تعالى قال في كتابه الكريم: (ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام، والبحر يمده من بعده سبعة ابحر، ما نفدت كلمات الله) ان عبارة ما نفدت كلماته تعني: لان عظمة الله تعالى في كلماته التي تمثل عطاء رحمته المرسلة الى العالمين لاحدود لها..
من هنا نكرر ايضاً: نستطيع الذهاب الى ان قارئ الدعاء بما يختزنه في قلبه او ذهنه من العواطف حيال امامه(ع) قد يكون من الكثرة بما لايحصى بسهولة او بما لانهائية له، ويمكننا خلال الاستشهاد بالظواهر الاربع ان نلقي شيئاً من الاثارة على الموضوع...
من الواضح، ان التمثيل بهذه الظواهر له اسهامه في اثراء قارئ الدعاء بمعرفته العبادية للاشياء، حيث ان ذهنه يتداعى بالضرورة الى ملاحظة معنى (العرش) ومعنى (كلماته الله تعالى) ومعنى (كتابه تعالى) ومعنى (علمه)..
فبالنسبة الى العرش، ورد نص عن الصادق(ع) يذكر فيه ان الارض والسماء وما خلق الله تعالى هو تحت الكرسي، وان الكرسي كحلقة في فلاة بالنسبة الى (العرش)،.. وهذا يقتادنا الى تصور سعة العرش، بحيث يتجاوز ما خلق الله تعالى من كل شيء (وهو الكرسي) اي ما لايسهل تحديده بالنسبة الى (العرش)،..
فهنا: ان قارئ الدعاء سوف يستثمر تلاوته له ليتعرف - من جانب- الى دلالة العرش، ومن جانب آخر الى سعة ذلك او وزنه.. لذا، ندعو قارئ الدعاء الى ملاحظة مهمة هنا، وهي: ان مقطع الدعاء لم يعرض علينا (عدداً) بل (كيفاً) او (كماً معنوياً) وليس مادياً.. كيف ذلك؟ هذا ما يحتاج الى توضيح.. لابد وانك لاحظت بان مقطع الدعاء مثل الصلوات بزنة العرش، اي بوزن العرش وليس بحجمه او حدوده، ذلك.. ان الوزن هنا رمز ليس للعدد بالقياس الى ما نلاحظه مثلاً من العبارة الاحصائية القائلة (وما احصاه كتابه) حيث تشير العبارة الاخيرة بوضوح الى ظاهرة (العدد) بقرينة استخدام كتابه (احصاه)، وهو معيار عددي: كما هو واضح..
ترى: ما هو السرّ الكامن وراء ذلك؟
في تصورنا ان صلوات العبد التي يريد القارئ - قارئ الدعاء- توصيلها الى الامام(ع) لاتنحصر في عددها بل ان (الكيفية) بدورها لها اهميتها،... فالانسان قد يتلفظ بآلاف الصلوات ولكنه غافل قلبياً عن دلالة هذه الصلوات.. وقد يتلفظ بواحدة وهو يتجاوب ويمتزج ويتعاطف بل ويتماهى الى درجة فناء الذات،... وذلك، فان المطلوب هنا هو انتخاب عبارة تتناسب مع الكيف، مع المضمون وليس مع العدد فسحب، فجاءت عبارة (زنة عرش الله) متناسبة مع الدلالة المذكورة..
واما سائر النماذج التمثيلية الثلاثة، فسنحدثك عنها في لقاءات لاحقة ان شاء الله تعالى.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة