الراوي: اهلاً بكم مستمعينا الافاضل في لقاء اخر من هذه المجموعة التي ينقلنا فيها كاتبها الذي سافر عبر التاريخ الى عصر الامام رضا عليه السلام وكانت له حوارات مع معاصري هذا الامام الرؤوف صاغها بقلم الرواية استناداً الى الى ماسجله لنا التاريخ.
ها هو يبدأ هذه الحلقة في اجواء مجئ الامام الى خراسان بعد ولاية العهد.
توفيق: ها ها هو الريان بن الصلت واقفاً يحدث الناس- لاقترب واسمع ما يقول... انه يحدث الناس عما حدث يوم العيد للامام الرضا(ع) في خراسان.
الريان: لما حضر العيد وكان قد عقد للرضا(ع) بولاية العهد... قال المأمون للرضا(ع):
المأمون: يابن رسول الله لو تركب الى العيد وتصلي بالناس وتخطب بهم.
الامام(ع): قد علمت يا امير المؤمنين ما كان بيني وبينك من الشروط عند قبولي ولاية العهد... فاعفني من الصلاة بالناس.
المأمون: انما اريد بذلك ان تطمئن قلوب الناس ويعرفوا فضلك.
الامام(ع): ان اعفيتني فهو أحب الي، وان لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله(ص) وامير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع).
المأمون: أخرج كيف شئت.
*******
الريان: فامر المامون القواد والناس أن يجيئوا مبكرين الى باب الرضا(ع)... وفي صباح العيد جلس الناس لأبي الحسن(ع) في الطرقات والسطوح ينتظرون خروجه حتى طلعت الشمس فاغتسل ابوالحسن(ع) ولبس ثيابه وتعمم بعمامة بيضاء من القطن ألقى طرفاً منها على صدره وطرفاً بين كتفيه، ومس شيئاً من الطيب.
واخذ بيده عكازةً وقال لمواليه: افعلوا ما فعلت.
فخرجوا بين يديه وهو حاف وقد شمر سراويله الى نصف ساقيه... فمشى قليلاً ورفع رأسه الى السماء وكبر وكبر مواليه معه. فلما رآه القواد والجند على تلك الحال سقطوا من خيولهم الى الأرض، وتحفى الجميع وكبر الرضا(ع) وكبر الناس معه... فيخيل الينا أن السماء والحيطان تجاوبه... وتزعزعت مرو بالبكاء والضجيج لما رأوا أبا الحسن وسمعوا تكبيره.
ولما بلغ المأمون ذلك قال له الفضل بن سهل ذو الرياستين:
الفضل: يا امير المؤمنين ان بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس... وخفنا كلنا علي دمائنا فارسل اليه ان يرجع.
المأمون: اذهب الى الامام بسرعة وقل له ان المأمون يقول قد كلفناك يابن رسول الله واتعبناك ولسنا نحب أن تلحقك مشقة... فارجع وليصل بالناس من كان يصلي بهم على رسمه.
الفضل: سمعا وطاعة يا مولاي.
*******
الريان: فدعا ابوالحسن بنعاله فلبسه وركب ورجع واختلف امر الناس في ذلك اليوم ولم تنتظم صلاتهم.
توفيق: بما اني قد وصلت باب المسجد لادخل واسئل من سيدي ابوالصلت الهروي وهو من رواة الامام عن سبب قيام المأمون بقتل الامام الرضا(ع) رغم ما كان يبديه له من حب وتقدير واحترام الى درجة اراد معها خلع نفسه من الخلافة وتقليدها للامام ... ولم يقنع المأمون الا ان جعله ولياً للعهد.
توفيق: السلام عليكم يا سيدي.
الهروي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
توفيق: سيدي حدثني عن سبب قيام المأمون بقتل الامام الرضا(ع).
الهروي: يجب ان تعلم يا ولدي بان الامام الرضا(ع) كان يكثر من وعظ المأمون اذا خلا به ويخوفه بالله. ويقبح له ما يرتكب من خلافه... فكان المأمون يظهر قبول ذلك ويبطن كراهيته واستثقاله له.
توفيق: ان ما يقدمه الامام(ع) للمأمون من وعظ ونصح انما هو خير وصلاح أليس الدين النصيحة... فما لهولاء الحكام لا يفقهون.
الهروي: انه الملك العقيم يا ولدي يعمي البصر والبصيرة. فذات يوم دخل الامام الرضا(ع) على المأمون فرآه يتوضأ والغلام يصب على يده الماء... فقال له الامام(ع):
الامام(ع): لا تشرك يا امير المومنين بعبادة ربك احدا.
مأمون: سمعاً يا ابا الحسن، انصرف يا غلام.
*******
توفيق: وهذا هو الصحيح.
الهروي: ولكن ذلك يا ولدي زاد في غيظ المأمون وحقده على الامام الرضا(ع) ولا سيما ان الامام كان يزري على الحسن والفضل بن سهل عند المأمون إذا ذكرهما عنده، ويصف له مساوءهما، وينهاه عن الاصغاء الى قولهما... ولما عرفا ذلك منه جعلا يوعزان صدر المأمون عليه، ويخوفانه من حمل الناس عليه.
فلم يزالا كذلك حتى قلبا رأي المأمون وعمل على قتله(ع)...
توفيق: لعنة الله عليها، حسناً انا ذاهب، شكراً يا سيدي الهروي على ما رويته لي.
الهروي: في أمان الله.
توفيق: قلبي يقطر دماً لها اقترفته يدا المأمون العباسي بقتله الامام الغريب المظلوم علي الرضا(ع). اتمنى ان اعثر على من اعان المأمون في تنفيذه هذه الجريمة النكراء.
توفيق: عفواً يا اخي هل ترشدني الى مكان ابن بشير الذي اعان المأمون في قتل الامام الرضا(ع).
الرجل: نعم انه يعيش في ذلك المكان الخاص بالقمامة والقاذورات.
توفيق: شكراً يا اخي وهذا هو مكان الخائنين ها هوذاك ولأضع منديلي على أنفي واحاول الاقتراب منه قدر المستطاع...
ابن بشير: قف في محلك ولا تقترب مني أكثر من هذا.
توفيق: ألست عبد الله بن بشير؟
ابن بشير: بلى، أنا هذا الحقير الذي تراه في هذه المزبلة.
توفيق: انها مزبلة التاريخ يابن بشير. اريدك ان تجيبني عن سؤال واحد فقط.
ابن بشير: اعرف ما تريد سؤاله.
توفيق: وكيف عرفت؟
ابن بشير: لقد سألني قبلك كثير، نفس ما تريد سواله... ورويت لهم كل ما قمت به.
توفيق: وبماذا قمت؟
ابن بشير: باعداد عصير رمان مسموم للامام الرضا.
توفيق: وكيف قمت بذلك؟
ابن بشير: أمرني المأمون يوماً بأن اطيل اظافري عن العادة، وان لا اظهر ذلك لاحد.
توفيق: وما الحكمة في ذلك؟
ابن بشير: تريث قليلاً وستعرف كل شيً بعد حين.
توفيق: لابأس، استأنف حديثك.
ابن بشير: بعد ان طالت أظافري استدعاني المأمون ولما ذهبت اليه اخرج الي شيئاً يشبه التمر الهندي، وقال لي:
توفيق: ها ماذا قال لك المأمون.
ابن بشير: قال لي خذ هذا يابن بشير واعجنه بيديك جميعاً.
ابن بشير: ففعلت ما أمرني به وعرفت بانه كانت تلك المادة ملوثة بالسم ثم قام وتركني... فدخل علي الرضا، وكان معتل الصحة من أكلة قدمها له المأمون قبل أيام فاعتل على أثرها الرضا في حين أظهر المأمون تمارضاً.
توفيق: وماذا حدث بعد ذلك يابن بشير؟
ابن بشير: عندما دخل علي الرضا قام اليه المأمون وقال له:
المأمون: ما خبرك يا ابا الحسن؟
الامام: أرجو ان اكون صالحاً.
المأمون: أنا اليوم صالح ايضاً بحمد الله... يا ابا الحسن خذ ماء الرمان الساعة فانه مما لا يستغنى عنه... يابن بشير ائتنا برمان.
ابن بشير: (تناول الرمان من السلة) الرمان حاضر يا مولاي.
المأمون: اعصره يابن بشير بيديك.
ابن بشير مع نفسه: ولكن يدي واضافري ملوثة بالسم، كيف افعل هذا، لقد امرني المأمون وعلي اطاعته.
ابن بشير: تفضل يا ابا الحسن.
توفيق: ثم ماذا حدث يا بن بشير؟
ابن بشير: فلم يلبث الامام الرضا بعدها الا يومين حتى مات. فكان ذلك سبب وفاته.وانا جنيت ما كسبت يداي وهذه هي حالي التي تراني فيها.
توفيق: (بعصبية وصوت عال) لعنة الله على من قتلك يا سيدي ومولاي يا علي بن موسى الرضا.
السلام على علي بن موسى الرضا يوم ولد، والسلام عليه يوم قضى نحبه شاهداً وشهيدا.
سينقل لنا مسافرنا عبر التاريخ طرقاً من رواية مدفن الامام عليه السلام في طوس وطرفاً مما ظهر من كرامات في هذه البقعة المباركة بعد ان حل فيها جسده الطاهر. فكونوا معنا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******