الراوي: اهلاً بكم ومرحباً وانتم تتابعون معنا حلقة اخرى وهي الحلقة العاشرة من حلقات مجموعة غريب طوس التي اختار كاتبها الاخ توفيق اسلوب الترحال في عالم المعاني لكي يلتقي فيه بمجموعة ممن عاصروا الامام الرضا عليه السلام وشاهدوا طرفاً من تجليات فضائله ومناقبه، لنتابع الاخ في رحلته هذه...
توفيق: السلام عليكم ياسيدي ابا الصلت الهروي.
الهروي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... تفضل يا ولدي بالجلوس.
توفيق: اشكرك يا سيدي وبارك الله فيك.
الهروي: شكر الله سعيك ... يا ولدي ... استقرء من قسمات وجهك ان لديك سؤالاً تود الافصاح عنه ولكن الحياء يمنعك.
توفيق: احسنت يا سيدي لقد اجبت عما في نفسي .. لديَّ سؤال ...
الهروي: تفضل يا ولدي سل ما بدا لك ... وان شاء الله سأتوفق لاجابتك.
توفيق: يا سيدي ان بعض الناس كبرت عليهم معرفة ألامام الرضا(ع) بلغات الناس حيث يكلم كل قوم بلغتهم على اختلاف قومياتهم وتباعد بلدانهم.
الهروي: بل هو افصح منهم بلغاتهم واعلمهم بالسنتهم.
توفيق: ماشاء الله ... وكيف لا وعلمه علم رسول الله(ص).
الهروي: اسمع يا ولدي .. جئت اليه يوماً وقلت له: يا ابن رسول الله، اني لاعجب من معرفتك بهذه اللغات على اختلافها.
الرضا(ع): يا ابا الصلت، انا حجة الله على خلقه. وما كان الله ليتخذ حجة على قوم وهو لا يعرف لغاتهم.. اوما بلغك قول امير المؤمنين علي(ع): اوتينا فصل الخطاب فهل فصل الخطاب الا معرفة اللغات؟
الهروي: هذا كان جواب ابي الحسن الرضا(ع) لي يا ولدي.
توفيق: انه نعم الجواب يا سيدي ابا الصلت... ياسيدي اني اتذكر كلاماً قاله امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) يوماً لابن عباس، وما زال هذا الكلام راسخاً في ذهني حتى ساعتي هذه.
الهروي: وما هو ذلك الكلام يا بني.
توفيق: نعم قال الامام لابن عباس يا بن عباس ان الله علمنا منطق الطير كما علمه سليمان بن داود، ومنطق كل دابة في بر او بحر...
توفيق: وانا في رحلتي هذه عبر الزمان، كنت على استغراب او بالاحرى في عجب عند سماعي بقصة ابي اسماعيل السندي .. ذلك الرجل الهندي الذي جاء من بلاد الهند قبل مدة وجيزة الى المدينة حيث كان الامام الرضا(ع) آنذاك لم يزل فيها.
توفيق: ساذهب اليه، ذلك الرجل الهندي الذي جاء من الهند الى المدينة المنورة حيث كان الامام الرضا(ع) يعيش هناك وخلال ليلة وضحاها بل في ساعة منها اخذ يتكلم اللغة العربية بطلاقة لابد في الامر سر لا اعلمه يجب ان التقى بابي اسماعيل السندي واعرف منه كل شيء.
السندي: لم هذا الاستغراب والعجب يا اخي فانك ستسمع الاعجب.
توفيق: "باستغراب" انت هنا يا اخي.
توفيق: عذراً وكيف ذلك يا اخي ابا اسماعيل؟
السندي: مهلاً مهلاً. سأحدثك يا اخي عن كيفية تعلم اللغة العربية.
توفيق: تفضل يا اخي ابا اسماعيل تفضل.
السندي: وانا بالهند سمعت بان لله حجة في العرب فخرجت من بلادي في طلبه، فدللت على ابي الحسن الرضا(ع) فقصدته ... ولما دخلت عليه، وانا لا احسن من العربية كلمة، سلمت عليه بالسندية فرد عليَّ بلغتي، فجعلت اكلمه بالسندية وهو يجيبني بالسندية فقلت له:
السندي: اني سمعت بالسند ان لله حجة في العرب فخرجت في الطلب.
الرضا(ع): نعم، انا هو، ما تريد.
السندي: نعم فسألته عما اريد ... فأجابني عنه كله بالسندية ولما اردت الخروج من عنده قلت له:
السندي: اني لا احسن الكلام بالعربية فادع الله ان يلهمني اياها لاتكلم بها مع اهلها. فقال لي الامام(ع): (هات فمك لامسح عليه).
توفيق: سبحان الله.
السندي: فمسح يده على شفتي ... فتكلمت بالعربية من وقتي.
توفيق: ما شاء الله ... لقد شملتك بركة الامام الرضا(ع) فانت مبارك يا اخي ابا اسماعيل السندي.
توفيق: كلما استمع الى معجزة من معجزات اهل البيت(ع) اتذكر قول الامام الصادق(ع): حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله الا ملك مقرب او نبي مرسل او عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان... علماً بان احاديث معجزاتهم من المسلمات بها ولا يمكن ان يقرب الشك منها ... الم يصنع عيسى ابن مريم(ع) من الطين طيراً وينفخ فيه فيكون طيراً باذن الله؟
توفيق: ها هو ذاك سيد سليمان ساذهب اليه.
توفيق: معذرة يا سيدي سليمان.
سليمان: عذرك مقبول يا اخي فانا جئت في الوقت المتفق عليه.
توفيق: نعم يا سيدي انك وفيٌّ بالعهد.. وما اجمل الوفاء بالعهد. تفضل ... تفضل يا سيدي واهلاً وسهلاً بك.
سليمان: عذراً لقد سمعت بانك تريد بان تعرف حول معجزات الانبياء والاوصياء وما آتاهم الله من علم وحكمة وعلمهم منطق الطير وفصل الخطاب. فاحببت ان احدثك عن ذلك حيث كنت من الشاهدين، والله شاهد عليَّ.
سليمان: في يوم من الايام ذهبت مع ابي الحسن الرضا(ع) الى بستان له. وبينما نحن جالسون اذ جاء عصفور فوقع بين يدي الرضا(ع) واخذ يصوت ويكثر الصياح وهو مضطرب فقال لي(ع):
الرضا(ع): يا سليمان اتدري ما تقول هذه العصفورة؟
سليمان: الله ورسوله وابن رسوله اعلم يا مولاي.
الرضا(ع): انها تقول ان حية تريد اكل فراخي في البيت. قم وخذ تلك العصا وادخل البيت واقتل الحية.
سليمان: فاخذت العصا ودخلت البيت واذا انا بحيةٍ تجول في البيت فقتلتها وعدت اليه.
توفيق: سبحان الله سبحان الله.
صدق امير المؤمنين علي(ع) حين قال: (ان الله علمنا منطق الطير كما علمه سليمان بن داود).
توفيق: يا سيدي موسى بن سيار حدثني عن الامام الرضا(ع) وعن علمه بالغيب.
ابن سيار: حسناً كنت مع الرضا(ع) وقد اشرفنا على بساتين طوس اذ سمعنا صراخاً وواعيةً تندب ميتاً. فتتبعنا مصدر الصوت ... فاذا نحن بجنازة محمولة على اكتاف الرجال وخلفهم النساء والصبية يشيعونها بالصراخ والعويل فترجل ابو الحسن الرضا(ع) من فرسه واقبل نحو الجنازة فرفعها وهو يلوذ بها فأقبل بوجهه عليَّ وقال:
الرضا(ع): يا موسى بن سيار من شيع جنازة ولي من اوليائنا خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه، لا ذنب عليه.
ابن سيار: أي والله يا مولاي ابا الحسن .. ان مولاي يضع يده على صدر الرجل الميت انه يقول:
الرضا(ع): يا فلان بن فلان ابشر بالجنة، فلا خوف عليك بعد هذه الساعة.
ابن سيار: جعلت فداك، هل تعرف الرجل؟ فوالله انها بقعة لم تطأها قدمك قبل يومك هذا..
الرضا(ع): يا موسى بن سيار اما علمت انا معشر الائمة تعرض علينا اعمال شيعتنا صباحاً ومساءً؟ فما كان من التقصير في اعمالهم سألنا الله تعالى الصفح لصاحبه. وما كان من العلو سألنا الله الشكر لصاحبه.
توفيق: يا سيدي ابن ابي نجران حدثنا عن الامام الرضا(ع) وتعامله مع الحسين بن قياما.
ابن ابي نجران: سألنا الحسين بن قياما وهو من رؤساء الواقفية ذات يوم ان نستأذن له للدخول على ابي الحسن الرضا(ع).
توفيق: معذرة يا سيدي ابن ابي نجران ومن هم هؤلاء الواقفية؟
ابن ابي نجران: الواقفية يا اخي هم الذين وقفوا على امامة موسى بن جعفر(ع) وقالوا انه حي لم يمت وانه المهدي، ولم يقروا بامامة ابنه علي بن موسى الرضا(ع) من بعده.
توفيق: وهل استأذنتهم له بالدخول على الامام الرضا(ع).
ابن ابي نجران: نعم ... فلما دخل وصار بين يدي الرضا(ع) قال:
ابن قياما: أأنت امام؟
الرضا(ع): نعم، انا امام بعد ابي موسى بن جعفر.
ابن قياما: اني اشهد الله انك لست بإمام.
الرضا(ع): ما علمك اني لست بإمام؟
ابن قياما: لانّا روينا عن ابي عبد الله الصادق(ع) ان الامام لا يكون عقيماً وانت قد بلغت هذا السن وليس لك ولد.
الرضا(ع): اشهد الله انه لا تمضي الايام والليالي حتى يرزقني الله ولداً مني.
ابن ابي نجران: فعددنا الشهور من الوقت الذي قال فيه ابو الحسن(ع) ... فوهب الله تعالى له ابنه ابا جعفر في اقل من سنة.
*******