الراوي: اهلاً بكم ومرحباً - اعزاءنا- وانتم تتابعون معنا حلقة اخرى هي التاسعة من حلقات هذه المجموعة التي اختار كاتبها الاخ توفيق اسلوب الترحال في عالم المعاني لكي يلتقي فيه بمجموعة ممن عاصر الامام الرضا (عليه السلام) وشاهد طرفاً من تجليات فضائله ومناقبه لنتابع معاً هذه الرحلة...
توفيق: ها هو ابو نؤاس ساذهب اليه واستقصي منه اخبار فضائل الامام الرضا(ع).
توفيق: السلام عليك.
ابو نؤاس: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.
توفيق: سيدي هل تتفضل وتروي لي بعضاً من فضائل الامام الرضا(ع).
ابو نؤاس: حسناً هيا بنا الى مكان هاديء.
توفيق: هيا تفضل سيدي.
ابو نؤاس: نظرت ذات يوم الى ابي الحسن علي بن موسى الرضا(ع) وقد خرج من عند المأمون العباسي على بغلة له وغلامه معه... فدنوت منه وسلمت عليه:
ابو نؤاس: السلام عليك يا ابن رسول الله.
الرضا(ع): وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا حسن بن هاني.
ابو نؤاس: يا ابن رسول الله قد قلت فيك ابياتاً، احب ان تسمعها مني.
الرضا(ع): هات ما عندك يا حسن.
ابو نؤاس:
مطهرون تعياتٌ ثيابهم تجري الصلاة عليهم اينما ذكروا
من لم يكن علوياً حين تنسبه فحاله من قديم الدهر مفتخرُ
فالله لما بدا خلقاً فأتقنه صفاكم واصطفاكم ايها البشر
وانتم الملأ الاعلى وعندكم علم الكتاب وما جاءت به السور
الرضا(ع): قد جئت يا حسن ابيات ما سبقك اليها احد.. فالتفت الامام الى غلامه وقال له: يا غلام هل معك من نفقتنا شيء.
الغلام: نعم يا مولاي ثلاثمائة دينار.
الرضا(ع): اعطها اياه ... لعله استقلها يا غلام اعطه هذه البغلة...
ابو نؤاس: نعم يا توفيق هكذا كان ديدنه(ع) لا يرى للمال اية قيمة اذا لم ينفق في سبيل الله وقضاء حوائج المحتاجين من عباده...
توفيق: السلام عليكم.
الريان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
توفيق: سيدي الريان حدثني عن الامام الرضا(ع) فانك لا تخلو من فضائل الامام الرضا(ع).
الريان: ومن منا يخلو من فضيلة اسبغها عليه ابو الحسن(ع).. اسمع ساحدثك بحكايتي.
توفيق: تفضل يا سيدي الريان بن الصلت تفضل.
الريان: كنت بباب الرضا(ع) بخراسان فقلت لمعمر بن خلاد: لو تسأل سيد ابا الحسن الرضا ان يكسوني ثوباً من ثيابه ويهب لي من الدراهم التي ضربت باسمه.
ولما دخل معمر على الرضا(ع) بادره الرضا(ع) بالقول:
الرضا(ع): يا معمر الا يريد الريان ان نكسوه من ثيابنا او نهب له من دراهمنا.
معمر: سبحان الله يا مولاي هذا ما كان يقوله لي الريان عند الباب الان.
الرضا(ع): بابتسامة ان المؤمن موفق يا معمر قل للريان يجئني.
الريان: ولما دخلت، وسلمت عليه دعا لي بثوبين من ثيابه واعطاهما لي... فلما قمت من عنده وضع في يدي ثلاثين درهماً.
توفيق: يا سيدي يا ابراهيم بن العباس انت من اصحاب الامام الرضا(ع) ورواة حديثه اتذكر لي حديثاً عن الامام في حبه للحرية والتحرر على الموالي والعبيد كي يعيشوا احراراً في المجتمع.
ابن عباس: اسمع ما اقول دخلت يوماً على مولاي ابي الحسن الرضا(ع) وهو يقول: حلفت بالعتق، ولا احلف بالعتق الا عتقت رقبة، واعتقت بعدها جميع ما املك.
توفيق: وانت يا سيدي معمر بن خلاد كنت قريباً من الامام الرضا(ع) فاروي لي حديثاً مكملاً لحديث ابراهيم بن العباس.
معمر بن خلاد: كان ابو الحسن الرضا(ع) اذا اكلَ جيءَ له بصفحة فارغة توضع قرب مائدته. فيعمد الى اطيب الطعام مما يؤتى به الي، فيأخذ من كل طعام شيئاً ويضعه في تلك الصفحة ثم يأمر بها ان تعطى للمساكين. ثم يتلو: (فلا اقتحم العقبة، وما ادراك ما العقبة، فكُّ رقبة، او اطعام ذا متربة). ثم كان يقول: علم الله عز وجل ان ليس كل انسان يقدر على عتق رقبة فجعل لهم السبيل الى الجنة باطعام الطعام...
ان الله تعالى جعل ثواب اطعام الطعام عدل ثواب فك الرقبة وعتقها لمن لم يستطع ذلك. وهذا فسره الامام الرضا(ع) تفسيراً عملياً واقعياً لتلك الآية القرآنية الشريفة ليعطينا درساً اخر من دروس القرآن الكريم في اطعام المساكين والرأفة بهم، ان لم نستطع فك رقبة... والا كان بمقدور الامام(ع) عتق الاف الرقاب، واطعام آلاف المساكين يومياً بما آتاه الله كرامة وقدرة بان يجعل التراب تبرا والماء ذهباً باذن الله سبحانه وتعالى.
فلنستمع معاً الى احمد القاشاني وهو يتحدث صعب متصعب لا يؤمن به الا ملك مقرب او نبي مرسل او عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان:
القاشاني: اخبرني احد اصحابي انه حمل الى الامام الرضا(ع) مالاً كثيراً لم تبد على الامام علامات الفرح والسرور بهذا المال الكثير، فقال صاحبي في نفسه:
صاحب القاشاني: امر الامام عجيب ... قد حملت له مثل هذا المال وما سرَّ به.
الراوي: فقال الامام الرضا(ع) لغلامه يا غلام هات الطست والماء.
الغلام: سمعاً وطاعة يا مولاي ... هذا الطست والماء مولاي.
الرضا(ع): صب على يديَّ الماء يا غلام.
صاحب القاشاني: يا الهي تبدل الماء الى ذهباً يا الهي ماذا ارى.
ثم قال الامام(ع): من كانت حاله هكذا، لا يبالي بالذي حملته اليه من مال.
توفيق: السلام عليكم يا سيدي ابراهيم القزاز.
القزاز: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته "يهم بالنهوض لاستبقالي".
توفيق: لا تقم يا سيدي من مكانك بالله عليك ... فانا جالس اليك.
القزاز: على الرحب والسعة يا ولدي تفضل بالجلوس.
توفيق: كيف حالكم يا سيدي؟
القزاز: الحمد لله، بفضل الله تعالى وبركات مولانا ابي الحسن الرضا(ع).
توفيق: وهل حدث ان شملتكم بركات الامام الرضا(ع).
القزاز: وهل ما لدينا الا بفضل الله سبحانه وتعالى وبركات الرضا(ع).
توفيق: يا سيدي اكون شاكراً لك لو حدثتني عن ذلك.
القزاز: حباً وكرامة ياولدي فأنا لا املُّ ولا اكلُّ عن سرد حكايتي مع ابي الحسن الرضا(ع) لانها حبيبة الى قلبي.
توفيق: "بشوق" اذن تفضل يا سيدي قبل ان يدركنا اذان الظهر.
القزاز: نعم يا ولدي... كنت قد طلبت من مولاي ابي الحسن(ع) شيئاً من المال والححت عليه فيه فصادف ان خرج لاستقبال بعض الطالبين فخرجت معه ولما كنا في الطريق حان وقت صلاة الظهر فمال(ع) نحو قصر في الطريق ونزل بجانب صخرة قرب القصر وانا معه وليس معنا ثالث فقال لي:
الرضا(ع): أذِّن يا ابراهيم.
القزاز: لو تنتظر يا مولاي حتى يلحق بنا اصحابنا.
الرضا(ع): غفر الله لك يا ابراهيم .. لا تؤخرن صلاة عن اول وقتها الى آخر وقتها من غير علة عليك ... ابدأ بأول الوقت.
القزاز: حسناً يا مولاي.
القزاز: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مولاي يا ابا الحسن يا بن رسول الله .. لقد طلبت منك شيئاً من المال، وانا محتاج وانت كثير الشغل ولا اظفر بمسالتك كل وقت.
الرضا(ع): حان وقتها يا ابراهيم.
القزاز: فأخذ الرضا(ع) سوطه وحكَّ به الارض حكاً شديداً فاخرج سبكة ذهبية.
فقال الرضا(ع): خذها بارك الله لك فيها وانتفع بها واكتم ما رأيت.
القزاز: قدم الامام السبيكة الذهبية لي وبورك لي فيها حتى اشتريت بخراسان ما كانت قيمته سبعين الف دينار وصرت من الاغنياء.
توفيق: لم لا تذهب يا توفيق الى بيت الامام الرضا(ع) وتتبرك بزيارته ورؤيته وتنتفع بحديثه نعم ساذهب ساذهب.
توفيق: السلام عليكم لقد اتيت لارى الامام هل هو موجود في البيت.
الغلام: كلا لقد خرج مولاي ابو الحسن منذ ساعة مع صاحبه الجعفري.
توفيق: ومتى يعود؟
الغلام: انه على وشك العودة .. ليس من عادة مولاي ان يتأخر.
توفيق: اذن سانتظر هنا.
الغلام: "بتعجب" هنا؟ ولماذا هنا؟ تفضل معي الى داخل البيت.
"وبدهشة" داخل البيت؟ لا .. لا .. هنا افضل.
الغلام: سيغضب عليَّ مولاي اذا لم اكرم ضيفه. تفضل يا سيدي.
الغلام: تفضل واجلس هنا حتى يأتي الامام.
توفيق: حسناً يا اخي.
الغلام: لقد اتى الامام الرضا(ع).
توفيق: يا الهي هكذا كل محب ام انا وحدي... آه انه يتكلم مع العمال بكل ادب واحترام انه يقول:
الرضا(ع): من هذا الرجل "الاسود" الذي يعمل معكم؟
العامل: رجل يعاوننا ونعطيه شيئاً.
الرضا(ع): وهل قاطعتموه على اجرته؟
العامل: لا يا مولاي... هو يرضى منا بما نعطيه له.
توفيق: آه يا الهي لقد غضب الامام من كلام العامل انه يقول لصاحبه الجعفري:
الرضا(ع): اني قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرة ... ان لا يعمل معهم احد حتى يقاطعوه اجرته. اعلم يا جعفري انه ما من احد يعمل لك عملاً بغير مقاطعة ثم زدته على العمل ثلاثة اضعاف على اجرته، الا ظن انك قد نقصته اجرته ... واذا قاطعته ثم اعطيته اجرته حمدك على الوفاء .. فان زدته حبة عرف ذك لك ورأى انك قد زدته.
*******