بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ما بقي الليل والنهار، واشرف الصلوات علي النبي المختار، وعلي اله الابرار. ايها آلاخوة الآعزة، السلام عليكم ورحمةالله وبركاته، واهلا بكم في لقاء طيب آخر معكم، وآية اخري من كتاب الله تبارك وتعالي، هي الاخري نازلة في فضيلة اخري لامير المؤمنين عليه السلام، وقائلة بافضليته، تلك هي قوله جل وعلا: "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ{۱۰} أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ{۱۱}"(سورة الواقعة)، ذلك ما شهد له اصحاب التفاسير في ظل الاية الشريفة، تفسيرا وبيانا، وسببا وتبيانا، .فقد روي الحافظ ابو نعيم في كتابه (ما نزل من القرآن في علي) عن ابن عباس قوله في ظلها: سابق هذه الامة علي بن ابي طالب. كذا روي سبط ابن الجوزي في (تذكرة خواص الامة) عن ابن عباس قوله: اول من صلي مع رسول الله صلي الله علي واله وسلم علي، وفيه نزلت هذه الاية: "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ"، فيما روي الحسكاني الحنفي في (شواهد التنزيل) عن السدي في قوله تعالي: (والسابقون) انه قالها صريحة، نزلت في علي. اما عن ابن عباس فقد جاء الحسكاني برواية اخري له، حيث قال: سألت رسول الله:"وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ{۱۰} أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ{۱۱}" فقال صلي الله عله واله: (حدثني جبرئيل بتفسيرها، قال: ذاك علي وشيعته الي الجنة). هذا فيما نقرأ رواية اخرى يرويها ابن المغازلي الشافعي في مؤلفه (مناقب علي) بسند طويل ينتهي الي مجاهد عن ابن عباس في قول الله تعالي: "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ"، قال: سبق يوشع بن نون الي موسي، وسبق صاحب ياسين الي عيسي، وسبق علي الى محمد صلي الله عليه واله. وبصيغة مقاربة يأتي بالرواية الطبراني في (المعجم الكبير) بهذا النص: السبق ثلاثة: فالسابق الي موسي يوشع بن نون، والسابق الي عيسي صاحب ياسين، والسابق الي محمد صلي الله عليه واله وسلم علي بن ابي طالب. وعن الطبراني يروي ذلك الذهبي في (ميزان الاعتدال)، وابن حجر في (لسان الميزان)، والمحب الطبري في (ذخائر العقبي)، والهيثمي في (مجمع الزوائد) وغيرهم كثير. وفي بعض النصوص هكذا: والسابق الي النبي، علي. ونبقي اخوتنا الاكارم مع النصوص التفسيرية للاية المباركة، فنقرأ في (توضيح الدلا ئل) للايجي الشافعي شهاب الدين احمد ما يقرب من المروي عن ابن عبّاس، الاّ انّ في آخر كلامه، وكلُّ رجلٍ منهم: اي من يوشع ومؤمن آل ياسين وعليّ بن ابي طالب، هو سابق امّته، وعليٌّ أفضلهم . فيما روى الآلوسيّ أن ابن عبّاس قال: نزلت الآية: (والسابقون) في حزقبل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجار الذي ذكر في سورة ياسين، وعليّ بن ابي طالب كرّم الله وجهه، وكلُّ رجلٍ منهم سابق أمته، وعلي أفضلهم. هذا فيما يرى الگنجيّ الشافعيّ في (أرجح المطالب) أن ّ النصّ المفسّر للآية الكريمة هو نصٌّ نبويٌ شريف، رواه ابن مردويه يقول: قال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم: سبق يوشع بن نون الي موسي عليه السلام، وسبق صاحب ياسين الي عيسي عليه السلام، وسبق علي بن ابي طالب الي محمد بن عبد الله صلي الله عليه واله. ولا ضير في الامر، فابن عباس تارة يأتي بالرواية نصا، وتارة معني، والرواة عنه مرة يقولون: عن ابن عباس قال، ومرة يقولون روي،. ومرة اخري بصيغة اخري، كما روى الذهبي في (ميزان الاعتدال) باسناد قائلا في ختامه: عن ابن عباس مرفوعا: «السبق ثلاثة: يوشع الي موسي، وياسين الي عيسي، وعلي اليّ ». ويقرب مما مر ذكره ورد في مسند احمد بن حنبل، والاستيعاب لابن عبد البر، وسنن ابن ماجة، وسنن الترمذي، وانساب الاشراف للبلاذري، وتاريخ الطبري، والصواعق المحرقة لابن حجر، وفردوس الاخبار للديلمي، وفرائد السمطين للجويني الشافعي، والدر المنثور للسيوطي الشافعي، وخصائص امير المؤمنين علي كرم الله وجهه للنسائي، والرياض النضرة للمحب الطبري، والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي، وغيرها من عيون مصادر علماء السنة، فضلا عن عشرات مصادر علماء الشيعة، تجمع على ان الآية المباركة "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ" نازلة في الامام علي عليه السلام، لتقول انه السابق في الاسلام أيمانا وصلاة وجهاد مع رسول الله صلي الله عليه واله، وانه المقرب الي الله جل وعلا. ذلك ما اجمعت عليه النصوص واتفقت عليه المعاني حتي كتب الشيخ محمد باقر المحمودي محقق كتاب (النور المشتعل) للحافظ ابي نعيم، والحديث اي حول نزول آية "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ" في الامام علي عليه السلام، حديث مؤيد بشواهد قطعية صريحة وردت عن كثير من الصحابة، وبالاخبار المتواترة الناصة بأن عليا عليه السلام هو أول من امن بالله تعالي ورسوله صلي الله عليه واله، وأنه عليه السلام سبق الجميع بالأيمان ثم بالصلاة مع النبي سبع سنين، ثم امن الباقون تدريجيا، ثم قال الشيخ المحمودي: ومن أراد أن يلمس تواتر الأخبار علي ذلك، فعليه بمراجعة الأحاديث من الرقم ٥۹ – الي واحد وأربعين بعد المئة وتعليقاتها من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب (تاريخ مدينة دمشق) ج۱ ص٤۱ -۱۱۷، والحديث ۳۰٥ وما حوله وتعلقاته ص۲٦۳، والحديث ۸۱۲ وتعلقاته في الجزء الثاني من (تاريخ دمشق) أيضا، وهو لأبن عساكر الدمشقي الشافعي.
هذا، فيما كتب ابن شهرآشوب في مؤلفه (مناقب آل أبي طالب) تحت عنوان: المسابقة الي الأسلام، يقول: أما الروايات في أن عليا هو أول الناس إسلاما، فقد صنف فيه كتب، ووردت فيه أحاديث كثيرة جدا، منها عن ابن عباس في قوله تعالي: "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ{۱۰} أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ{۱۱}" قال سابق هذه الأمة علي بن أبي طالب. وفي رواية أخري عن أنس بن مالك، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال في الاية الشريفة: أنها نزلت في أمير المؤمنين علي، فقد سبق والله كل أهل الإيمان، الى الإيمان.
*******