فلما وضع النبي ابراهيم قدمه الاولى غاصت ثم وضع الأخرى فغاصت ايضاً فيه فسمى بمقام ابراهيم لقيامه على الحجر وكلمة الحجر هنا بالفتح وليس بالكسر كما ينطقه البعض وتسرد كتب التاريخ ان المقام كان ملصقاً بالبيت في زمن النبي ابراهيم (عليه السلام) الى ان كان في زمن عرب الجاهلية فابعدوه عن البيت فلما فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مكة اعاده الى موضعه الاول ملصقاً بالبيت الى ان جاء الخليفة الثاني فابعده عن الكعبة فلما كانت خلافة الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) اعاده كما كان سابقاً ملصقاً بالكعبة ثم ابعد عن موضعه بعد خلافة الامام علي عليه السلام الى حيث موضعه الحالي.
(وفي الدر المنثور اخرج البيهقي عن عائشة: ان المقام كان في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وزمان ابي بكر ملتصقاً بالبيت ثم آخره عمر بن الخطاب).
قال ابن ضياء المكي في كتابه مكة المشرفة والمسجد الحرام: (اختلفوا هل كان في عهد النبي ملصقاً بالبيت او في موضعه الان والصحيح انه كان في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) ملصقاً بالبيت(۱).
روى الصدوق في علل الشرايع عن الامام جعفر الصادق (عليه السلام) قال: (لما اوصى الله تعالى الى ابراهيم (عليه السلام) ان اذن في الناس بالحج اخذ الحجر الذي فيه اثر قدميه وهو المقام فوضعه بحذاء البيت لاصقاً بالبيت بحيال الموضع الذي هو فيه اليوم ثم قام عليه فنادى بأعلى صوته بما امره الله تعالى به فلما تكلم بالكلام لم يحتمله الحجر فغرقت رجلاه فيه فقلع ابراهيم عليه السلام رجليه من الحجر قلعاً كثر الناس وصاروا الى البشر والبلاء ازدحموا عليه فرأوا ان يضعوه في هذا الموضع الذي هو فيه اليوم ليخلو المطاف لمن يطوف بالبيت فلما بعث الله تعالى محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي زمن ابي بكرو اول ولاية عمر، ثم قال: قد ازدحم الناس على هذا المقام فأيكم يعرف موضعه في الجاهلية فقال له رجل: انا اخذت قدره بقدر، قال: والقدر عندك؟
قال: نعم، قال: فائت به فجاء به فأمر بالمقام فحمل ورد الى الموضع الذي هو فيه الساعة) (۲).
وفي اخبار مكة قال الازرقي: (فلما ارتفع البناء وشق على الشيخ ابراهيم (عليه السلام) قرب له اسماعيل هذا الحجر (يعنى المقام) فكان يقم عليه ويبني ويحوله في نواحي البيت حتى انتهى الى وجه البيت يقول ابن عباس فلذلك سمي مقام ابراهيم لقيامه عليه) (۳).
*******
(۱) مكة المشرفة والمسجد الحرام ابن ضياء المكي ص ۱۲۸.
(۲) علل الشرايع الصدوق ج ۲ ص ۱۲۸.
(۳) اخبار مكة الازرقي ج ۱ ص ٥۹.
*******
المصدر: فجر الاسلام في تاريخ والمشاعر الحرام، المؤلف: الشيخ عبد العزيز صالح المدني