السيد الكشميري: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
من الصادقين او من السابقين من الصادقين المتفانين في حب الرسول صلى الله عليه واله والامام امير المؤمنين عليه السلام هو الصحابي الجليل والمهاجر او ذو الهجرتين عثمان بن مضعون الذي كان يكنى بأبي السائب رضوان الله تعالى عليهما لأن السائب ولده ايضاً من المهاجرين السبق في تاريخ الاسلام.
هذا الصحابي هو الرجل الذي يحمل الرقم الثالث عشر في قائمة السابقين للاسلام، طبعاً اولهم الامام امير المؤمنين سلام الله عليه، في بعض الروايات ان عثمان بن مضعون كان اخاً للنبي من الرضاعة وقلت هو من اوائل المهاجرين يعني هم ضمن الوجبة الاولى الذين هاجروا من مكة الى الحبشة، هاجر ومعه ابنه السائب وبعد اربعة اشهر عاد الى مكة ومن معه ظناً منهم ان الامور هدأت لكن الذي حدث هو العكس ووجد هؤلاء ان التوتر قد ازداد في مكة فقفلوا راجعين مرة اخرى الى الحبشة وانضم اليهم عدد اخر من النساء، من الرجال.
حينما نتحدث عن الفطرة وتأثير الفطرة والاشخاص الذين اسلموا عملياً قبل الاسلام احد هؤلاء هو عثمان بن مضعون وهم لم يسلم قبل الاسلام ولكن عملياً كان قد امتنع عن كثير من الاشياء التي حرمها الاسلام مثلاً عثمان بن مضعون ايام كانت الخمرة متفشية في الجاهلية ولايمر الانسان ببيت الا وفيه من هذا القبيل هو حرم ذلك على نفسه وحينما كان يسأل كان جوابه مقتصراً على الدليل العقلي، كان يردد لااشرب شراباً يذهب عقلي ويضحك بي من هو ادنى مني ولذلك بعدما بلغه ان الاسلام حرم هذا فكان يقول تباً لها وكان بصري فيها ثاقباً.
طبعاً المعلومات نادرة جداً عن هذا الصحابي العظيم لكن مالدينا من المصادر تجمع على انه كان شديد اللصوق برسول الله صلى الله عليه واله وكان حبيباً للامام علي بن ابي طالب ولهذا فأن ارتباط الامام به والصلة بينهما كانت هي الدافع للامام امير المؤمنين سلام الله عليه بأن يسمي ولده الثالث من زوجته ام البنين بعثمان لا كما ينشره البعض بأن الامام علي سمى ولده بهذا الاسم تقديراً لزيد او عبيد او فلان وفلان لا!
وهذا حتى يذكره ابو الفرج الاصفهاني وابو الفرج الاصفهاني معروف في توجهاته وفي ميوله، في كتابه مقاتل الطالبيين لما يرد الحديث عن عثمان يقول وسماه ابوه علي بن ابي طالب بهذا الاسم تقديراً (هذه يعني عبارته) وعثمان بن علي الذي روي عن علي انه قال سميته بأسم اخي عثمان بن مضعون.
عثمان بن مضعون هاجر بالتالي مع النبي صلى الله عليه واله الى المدينة، قلت هو من ذوي الهجرتين ووفق ان يحضر مع النبي بدراً واحداً ولن ينفك عن مرافقته لرسول الله صلى الله عليه واله.
هناك ملاحظة اذكرها عن هذا الصحابي، هذا الصحابي رحمه الله غرق في العبادة فكان يكثر من الصلاة، يصوم نهاره واعتزل حتى افراد عائلته يعني اصبح يميل الى الانزواء او الانطواء وطبعاً هذه سلوكية يرفضها الاسلام والنبي صلى الله عليه واله كان يثقف الناس والمسلمين، يثقف الافراد على ان كل فرد هو عضو في البنية الاسلامية، في المجتمع الاسلامي وعليه ان يعي ويصغي ويشترك في كل هموم المسلمين ويتدخل ليكون معاوناً في حل معضلات المسلمين، على اي حال هو اخذت منه العبادة مأخذاً اكثر من حدودها فأعتزل زوجته واعتزل اولاده فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه واله فقصده النبي زائراً له وقبل ان يتجه رسول الله الى زيارته تحدث في جمع من المسلمين وهو يقول "ايها الناس اني نبيكم واني اصوم وافطر واصلي وارفث واتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" والظاهر ان هذه التعليمات رسول الله وبيانات النبي صلى الله عليه واله انعكست على عثمان بن مضعون وبعدها لوحظ انه غير من طريقته ومن تصرفه.
عثمان بن مضعون كان له ولداً يحبه كثيراً وكان هذا الولد غير السائب ابنه الكبير، يبدو انه ابنه الصغير فكان متعلقاً به عثمان بن مضعون حتى ان النبي صلى الله عليه واله سأله يوماً كم تحبه؟ فكان جواب عثمان بن مضعون انه لايستطيع تحديد ذلك وبعد هذا بأيام فقد عثمان بن مضعون من الساحة وغاب عن الاجتماع والنبي صلى الله عليه واله كان من عادته انه يستفسر عمن يغيب ويتفقد اصحابه ويتفقد العناصر الخيرة من المجتمع فسأل رسول الله سبب غيابه وبالتالي استعلم النبي صلى الله عليه واله بأن عثمان بن مضعون فقد ولده هذا وهو يعكتف في بيته حزيناً معزى ثاكلاً وطبعاً هذه من حالات الامتحان الالهية ان الله سبحانه وتعالى يبتلي المؤمنين بأبتلاءات شديدة وهذه من الابتلاءات "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس الثمرات" الثمرات الاولاد، فلما علم النبي هذا هو السبب في اعتكاف عثمان بن مضعون في بيته قصده النبي واول ما خاطبه بهذه الكلمة وغالباً لما يصاب مؤمن بهذه المصيبة نحن اول ما نعرض عليه من الكلام الذي نهدأ فيه ثورة حزنه وفورة آلامه نعرض له هذه الجملة لرسول الله صلى الله عليه واله التي خاطب بها عثمان بن مضعون، قال له النبي "ياعثمان ان للجنة ثمانية ابواب، ياعثمان أما يسرك ان تأتي يوم القيامة باباً فيها فتجد ولدك ماسكاً عضادة باب الجنة ينتظرك" تعبير رائع بحيث انه فوراً اعطى عثمان بن مضعون روعة من التصبر ومن الهدوء. يقول له النبي أما يسرك ان تأتي يوم القيامة باباً من هذه الابواب الثمانية فتجد ولدك متسكاً عضادة باب الجنة ينتظرك، تقول الروايات فتجاهل عثمان هذه الحالة وعاد الى ممارسة وضعه العادي.
عثمان بن مضعون هو احد المهاجرين الذين توفي في المدينة المنورة في السنة الثانية من الهجرة وقد حزن عليه رسول الله وجهزه ويقول القرطبي في كتابه الاستيعاب في معرفة الاصحاب وطبعاً هذا الكتاب من المصادر المحترمة عند الجمهور، يذكر القرطبي في هذا الكتاب الاستيعاب في معرفة الاصحاب وهذه ظاهرة ملفتة، ان النبي صلى الله عليه واله قبل عثماناً بعد موته وجهزه ودفنه في البقيع لأن هناك شرذمة من المتخلفين ذهنياً يرون ان الانسان اذا مات يصبح لاقيمة له ولامعنى له ولذلك يرمى في الحفرة كما يرمى الهر الميت بينما القرطبي يذكر ان النبي قبله بعد موته وجهزه ودفنه في البقيع والمصادر تقول ان عثمان بن مضعون هو اول صحابي دفن في البقيع وبعد ان واراه النبي الثرى وضع حجراً عند قبره وهذه ايضاً ملفتة ويذكرها القرطبي وترحم النبي صلى الله عليه واله عليه ودعا له بالمغفرة ودعا المسلمين ان يدعو له بالمغفرة. اسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.