البث المباشر

الخشوع والرقة عند تلاوة القران

الإثنين 23 سبتمبر 2019 - 08:59 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- من بركات القران: نقدم لكم الحلقة 28 من هذا البرنامج والتي تحمل عنوان " الخشوع والرقة عند تلاوة القران "

السلام عليكم إخوة الإيمان...

طبتم وطابت أوقاتكم بكل ما يحبه لكم الله ويرضاه، على بركة الله نلتقيكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج نخصصها للحديث عن آدب محوري أخر من آداب تلاوة القرآن الكريم التي تعين على الفوز ببركاته الوفير.
والأدب الذي نتناوله في هذا اللقاء الخشوع والتأثر القلبي والعاطفي عند تلاوة كتاب الله المجيد، كونوا معاً:


في البداية نقرأ لكم مستمعينا الأفاضل طائفة من الأحاديث الشريفة التي تهدينا للعمل بهذا الأدب المبارك.

فمنها قول رسول الله – صلى الله عليه وآله –: " إن أحق الناس بالتخشع في السر والعلانية لحامل القرآن ".

وعن مولانا الإمام الصادق – سلام الله عليه – قال: " إن رسول الله – صلى الله عليه واله – أتى شباباً من الأنصار ".

فقال: " إن أريد أن أقرأ عليكم فمن بكى فله الجنة ".
فقرأ – صلى الله عليه وآله – آخر سورة الزمر من قوله تعالى: " وسيق الذين كفروا الى جهنم زمرا "

الى آخر السورة، فبكى القوم جميعاً الا شاباً فقال: يا رسول الله، قد تباكيت [ أي حاولت البكاء] فما قطرت عيني، فقال صلى الله عليه وآله –: إني معيد عليكم فمن تباكى فله الجنة؛ فأعاد– صلى الله عليه وآله – عليهم، فبكى القوم وتباكى الفتى فدخلوا الجنة جميعاً...

 


وعن مولانا الامام الباقر – عليه السلام – قال: " إستجلب نور القلب بدوام الحزن ".

وقال إمامنا الصادق – عليه السلام–: " إن القرآن نزل بحزن فأقرأوه بالحزن "

وقال – عليه السلام –: " من قرأ القرآن.. ولم يخضع لله ولم يرق قلبه ولا يكتسي حزناً ووجلاً في سره فقد إستهان بعظيم شأن الله تعالي ".

وعن مولانا أمير المؤمنين – سلام الله عليه – قال في وصف المتقين: " أما الليل فصافون أقدامهم تالين لاجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا، يحزنون به أنفسهم، ويستثيرون به تهيج أحزانهم، بكاء على ذنوبهم... وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وأبصارهم فأقشعرت منها جلودهم ووجلت قلوبهم، فظنوا أن صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها في أصول آذانهم. وإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً وتطلعت أنفسهم إليها شوقاً وظنوا أنها نصب أعينهم ".

يستفاد من هذه الأحاديث الشريفة مستمعينا الأفاضل، أن العمل بهذا الأدب إنما يجسد من جهة الإيمان العملي لقارئ القرآن بعظمه الله جل جلاله الذي تجلى لعباده في كلامه الكريم.
فهذا الأدب – من هذه الزاوية يمثل تعظيما لله جل جلاله وإستشعاراً وجدانيا لعظمة المحضر الذي يحضر فيه قارئ القرآن وهو يتلو كلامه ربه الجليل تبارك وتعالي.
وعندها يخشع قلبه أمام خالقه العظيم ومليكه المقتدر، و لذلك فإن عدم الخشوع والرقة عند تلاوة كتاب الله تعني إستهانة – والعياذ بالله – بعظيم شأن الله تعالى كما ورد في حديث الإمام الصادق – سلام الله عليه –.
وفي المقابل فإن العمل بهذا الأدب وبعث الخشوع في المحضر الإلهي عند تلاوة كتاب الله ينمي في قارئ الخشوع لله عزوجل في كل أحواله وفي السر والعلن كما ورد في حديث رسول الله – صلى الله عليه وآله –.


ومن جهة أخري، فإن مما يثير الخشوع والحزن والبكاء في نفس قارئ القرآن هو إشارة الإستشعار الفطري لألم فراق المرجع الملكوتي الذي فارقه الإنسان بنزوله الى هذا العالم كما يشير لذلك قوله تعالي" إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ".
كما أن البكاء شوقا للجنة أو لرضوان الله الأكبر ولقائه أو البكاء خشية من النار والعذاب الأليم يدفعان قارئ القرآن الى العمل بها من شأنه دخول الجنة والنجاة من النار، كما أنهما يعبران عن تصديق الإنسان عملياً وقلبياً بوعدالله ووعيده تبارك وتعالي.


ومن جهة ثالثة فإن هذا البكاء بمختلف أقسامه هو ثمرة إدراك قارئ القرآن لبعده عن العوالم السامية والآفاق العالية التي يتحدث عنها ما يتلوه من كتاب الله المجيد. ولذلك فإنه يدفعه الى التفاعل مع المواعظ الإلهية فيلين قلبه ويترسخ شعوره بالفقر الى الله والإستعانة به عزوجل لطي معارج القرب الالهي والكمال الإنساني.


نعم من الضروري هنا الإشارة الى أن الحزن والبكاء الذي يوصل المؤمن الى الفوز بهذه الفيوضات الإلهية الخاصة هو الحزن القلبي الحقيقي وليس الظاهري الذي يظهر البعض وقلوبهم قاسية أبعد ما تكون عن الحزن الحقيقي والرقة الإيمانية وهذا ما يشير إليه إمامنا الباقر– عليه السلام – في جوابه على سؤال تلميذه جابر الجحفي عندما سأله قائلاً: إن قوماً إذا ذكروا شيئاً من القرآن أو حدّثوا به صعق أحدهم حتى يرى أن أحدهم لو قطعت يداه ورجلاه لم يشعر بذلك، فأنكر الإمام– عليه السلام – ذلك وقال: " سبحان الله، ذاك من الشيطان، ما بهذا نعتوا إنما هو اللين والرقة والدمعة والوجل".


شكراً لكم إخوتنا مستمعي إذاعة طهران على جميل الإصغاء لهذه الحلقة من برنامج من بركات القرآن  دمتم بكل خير و السلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة