السلام عليكم إخوة الإيمان
مثلما دعتنا أحاديث أهل بيت النبوة عليهم السلام الى الإستفادة بجد وإجتهاد من بركات كتاب الله المجيد؛ عرفتنا أيضاً بالشروط الأساسية التي يؤدي الإلتزام بها الى الفوز بالبركات القرآنية في حين يؤدي تجاهلها الى الحرمان من هذه البركات المباركة.
عن أهم هذه الشروط يدور حديثنا في هذه الحلقة من البرنامج، تابعونا مشكورين.
قال رسول الله – صلى الله عليه واله – ضمن حديث طويل عن الفرقان العظيم: " .. ومن قرأ القرآن يريد به سمعة وإلتماس الدنيا لقي الله يوم القيامة ووجهه عظم ليس عليه لحم، وزجه القرآن في قفاه حتى يدخله النار ويهوي فيها مع من هوى... "
ثم قال – صلى الله عليه وآله –: " ومن قرأ القرآن ولم يعمل به حشره الله يوم القيامة أعمي، فيقول: يا " رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً"، [ فيقال له]: " كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسي" فيؤمر به الى النار".
ثم قال – صلى الله عليه وآله : " ومن قرأ القرآن إبتغاء وجه الله وتفقهاً في الدين كان له من الثواب مثل جميع ما أعطي الملائكة والأنبياء والمرسلون".
ثم قال – صلى الله عليه وآله –: " ومن تعلم القرآن يريد به رياء وسمعة ليماري به السفهاء ويباهي به العلماء ويطلب به الدنيا، بدد الله عظامه يوم القيامة، ولم يكن في النار أشد عذاباً منه، وليس نوع من أنواع العذاب الا سيعذب به من شدة غضب الله عليه وسخطه".
ثم قال – صلى الله عليه وآله –: " ومن تعلم القرآن، وتواضع في العلم، وعلّم عباد الله وهو يريد به ما عند الله لم يكن في الجنة [أحد] أعظم ثواباً منه ولا أعظم منزلة منه، ولم يكن في الجنه منزل ولا درجة رفيعة ولا نفيسة الا وكان له فيها أوفى النصيب وأشرف المنازل".
مستمعينا الأفاضل، وكما لاحظتم فإن حبيبنا المصطفى – صلى الله عليه وآله – يبين لنا في هذا الحديث الشريف الشرط الاساسي الأول والذي لاغنى للفوز بالثمار المرجوة والبركات المرتقبة من تلاوة وحفظ وتعلم القرآن الكريم وهذا الشرط هو:
أن تكون النية الدافعة لتعلم القران وقرائته، نية خالصة لله تبتغي وجهه ورضاه جل جلاله خالية من شوائب إستغلال القرآن وسيلة للحصول على الدنيا والوجاهة الإجتماعية أو العلمية، والتفاخر ومباهاة العلماء ومماراة ومجادلة السفهاء أو التظاهر رياء بالصلاح وحمل القرآن ونظائر ذلك من النوايا الشيطانية والنفسانية الخبيثة.
النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – يبين لأهل الإيمان حقيقة أن الفوز بما أعطي الملائكة والأنبياء من الثواب مشروط بأن يكون تعلمكم لكتاب الله وقراءتته وتعليمه بهدف إبتغاء وجه الله وما عند الله والتفقه في الدين فيكون وسيلة لمعرفة الله وعبادته عبادة خالصة... ويوصي – صلى الله عليه وآله – المؤمنين في هذا الحديث الشريف حملة القران ومتعلميه بالتواضع لأن التواضع علامة التعبد لله عزوجل من جهة ومن جهة ثانية فإن هذا التواضع لعباده هو بحد ذاته وسيلة لمجاهدة الدوافع والنوايا الدنيوية المشار إليها آنفاً.
مستمعينا الأفاضل،وثمة شرط أساسي ثاني ينبغي توفره للفوز بالمراتب السامية من بركات كتاب الله المجيد... ويعرفنا بهذا الشرط مولانا الإمام الحسن العسكري – سلام الله عليه – في حديث رواه الشيخ الصدوق رضوان الله عليه في كتاب عيون أخبار الرضا – عليه السلام –.
في هذا الحديث يقول إمامنا الحسن العسكري – عليه السلام –: " إن فاتحة الكتاب ( يعني سورة الحمد) أشرف ما في كنوز العرش... ألا فمن قرأها معتقداً لموالاة محمد وآله – صلى الله عليه وآله – أعطاه الله بكل حرف منها حسنه كل واحدة منها أفضل له من الدنيا وما فيها من أصناف أموالها وخيراتها... فليستكثر أحدكم من هذا الخير... ".
إذن الإعتقاد العملي الراسخ بولاية محمد واله عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام – يفتح أمام المؤمن آفاق الفوز بالبركات القرآنية الوفيرة بأسمى مراتبها. والسر واضح في ذلك إذ أنهم – عليهم السلام – هم العارفون بحقائق القرآن الكريم والمأمورون ببيانه للناس وهدايتهم الى معارفه بأمر ربهم جل جلاله... وهم الراسخون في العلم الذي أطلعهم الله جل جلاله على تأويل كتابه الكريم وجعلهم عدله والثقل الثاني الذي لا يتحقق التمسك بالقرآن إلا بالتمسك بحبلهم وعروتهم الوثقى صلوات الله عليهم أجمعين جعلنا الله وإياكم مستمعينا الأفاضل من خيار أهل مودة محمد وآله والمتمسكين بولايتهم إنه سميع مجيب.
وبهذا ينتهي لقاؤنا بكم في هذه الحلقة من برنامج من بركات القرآن إستمعتم لها من إذاعة طهران دمتم بكل خير والسلام عليكم.