نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها دعاء الغيبة غيبة الامام المهدي(ع) حيث وظف الدعاء المذكور للقراءة بعد فريضة العصر من يوم الجمعة ومطلق الاوقات وقد عرضنا مقاطع متسلسلة منه فانتهينا الى مقطع يتوسل بالله تعالى بان يدحر عدو الامام(ع)في معركته الاصلاحية زمن الظهور وجاء فيه بالنسبة الى الاعداء (اسكنهم اسفل نارك واحط بهم اشد عذابك واصلهم ناراً واحش قبور موتاهم ناراً واصلهم حر نارك)، هذا المقطع من الدعاء يتضمن اشارات متكررة الى النار الا ان قارئ الدعاء يظل متسائلاً عن دلالة هذه التوسلات المتكررة بصيغ متنوعة فانت تلاحظ اولاً ان المقطع توسل بالله تعالى ان يسكن عدوه اسفل النار، ويحيط به اشد العذاب ثم قال واصلهم ناراً والسؤال هو ما هي النكتة الكامنة وراء الطلب باسكان الاعداء اسفل النار ثم صليهم بها؟ كذلك نواجه عبارة تقول واحش قبور موتاهم ناراً، واصلهم حر نارك؟ هذه الاسئلة تحتاج الى توضيح وهذا ما نبدأ به الآن ...
الذي نستخلصه من العبارات المذكورة عن النار وصلتها بعقاب الاعداء هو ان الدعاء الذي نتحدث عنه يتناول المصائر الكسيحة لاعداء الله تعالى في بيئتي الآخرة والبرزخ ومن الواضح ان العقاب من الله تعالى للمنحرفين يتناول بين الدنيا او البرزخ او الآخرة او اثنتين منها او جميعاً فالنسبة الى البعض من الممكن ان يعاقب دنيوياً ليواجه آخرته بلا عقاب والبعض من الممكن ان يطاله عذاب البرزخ ليواجه آخرته بلا عقاب بيد ان ما نتحدث عنه هو المنحرف من المسلمين وهذا على الضد من المنحرفين الكفار حيث ان البعض منهم قد يترك عقابه دنيوياً بينما يبدأ عقابه مع البرزخ ثم الاخرة، ومقطع الدعاء الذي نتحدث عنه يتناول القسم الثالث من المنحرفين أي اعداء الله تعالى ورسوله واهل البيت عليهم السلام وهم الكافرون والنواصب ومن والاهما حيث يطالهم العذاب دنيوياً وبرزخياً واخروياً ... كيف ذلك؟ من البين ان قارئ الدعاء حينما يتوسل بالله تعالى بان يجعل دائرة السوء على من اراد سوءاً بالامام المهدي(ع) فهذا يعني استئصال الاعداء دنيوياً أي الانتصار عليهم وابادتهم وهذا هو عذاب الدنيا.
اما عذاب البرزخ فقد اشارت الفقرات الاتية اليه عندما قالت واحش قبور موتاهم ناراً واصلهم حر نارك، واما عذاب الاخرة فقد اشارت الفقرات الاتية اليه عندما قالت واسكنه اسفل نارك واحط بهم اشد عذابك واصلهم ناراً.
اذن العقاب يطالب اعداء الامام المهدي(ع) دنيوياً برزخياً اخروياً، والسؤال من جديد هو ما هي النكات الكامنة وراء مراحل او اصناف العقاب البادئة اولاً بالتوسل بالله تعالى بان يعاقبهم بالنار مطلقاً ثم بالنار كلياً بالاضافة الى الطلب بان يحيط الله تعالى بهم اشد العذاب؟ هذا ما نحاول توضيحه.
في تصورنا ان الدعاء الذي نتحدث عنه قد حدد كل بيئة وبخاصة بيئة البرزخ والاخرة نمطاً من العذاب بالنسبة الى البرزخ طلب الدعاء من الله تعالى بان يحشي قبور موتى الاعداء ناراً وبعدها طلب بان يصليهم حر النار هنا لا نحتاج الى تأمل كبير حتى نفهم سريعاً بان الموضوع هو ان يمتلئ القبر بالنار اولاً ثم بان يذوقوا اشد العذاب من ذلك وهو حر النار وصليهم بها.
والامر كذلك بالنسبة الى عذاب الآخرة ولكن مع زيادة هي ان يحيط الله تعالى بهم اشد العذاب حيث قال الدعاء واسكنهم اسفل نارك واحط بهم اشد عذابك واصلهم ناراً فهنا طبقات متنوعة من العذاب الاولى هي اسكانهم اسفل طبقات الجحيم، ثم اذاقتهم اشكالاً اخرى من العذاب بحيث يحيط بهم من الجوانب جميعاً ومن الاصناف جميعاً لان اشد العذاب يشمل النار وملحقاتها ثم صليهم بالنار خاصة حيث ان الصلي يعني اذاقة اشد الحرر او الاحتراق لاشد عذاباً.
اذن امكننا ان نتبين جانباً من الفقرات المذكورة التي تتحدث عن عقاب الدنيا والبرزخ والاخرة ومستويات ذلك بالنحو الذي اوضحناه.
ختاماً نسأله تعالى ان يجنبنا النار وان يوفقنا لخدمة الامام المنتظر(ع) والتوفيق لممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******