نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها دعاء الغيبة وهو الدعاء المقروء بعد فريضة العصر من يوم الجمعة كما يندب الى قراءته مطلق الاوقات وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا من ذلك الى مقطع يتوسل بالله تعالى بان ينصر وليه الامام المهدي(ع) على اعدائه الى ان يقول (واجعل دائرة السوء على من اراد به سوءاً)، هنا قبل ان نتابع ما ورد من العبارت في المقطع يحسن بنا ان نقف عند هذه الاستعارة القائلة (اجعل دائرة السوء على من اراد به سوءاً) وهذا ما نبدأ الحديث عنه الآن.
يلاحظ في هذه الاستعارة كلمة السوءِ والسوُء أي بالضم والفتح ولابد لقارئ الدعاء ان يعرف طبيعة الفارقية بين الاستخدامين ولا نريد ان نفصل الاقوال اللغوية والخلافات المتنوعة حيال ذلك، ولكن نختصر الموقف فنقول ان كلمة السوء اذا ضمت تعني العذاب ونحوه واذا فتحت تعني ما قبح وما كره وحينئذ يكون المعنى اللهم اجعل دائرة العذاب على من اراد مكروهاً بالامام(ع)والسؤال بعد ذلك هو ماذا نستخلص من الاستعارة القائلة واجعل دائرة السوء؟ هذا ما نحاول الحديث عنه.
قلنا ان المقصود من العبارة هو اللهم اجعل دائرة العذاب على من اراد مكروهاً بالامام(ع) والسؤال هو عن مصطلح دائرة السوء فماذا نستخلص من ذلك؟ الدائرة تستخدم حيناً لتعني النائبة او الداهية ونحو ذلك وقد تستخدم بمعناها اللغوي المأخوذ من دائرة تدور فيكون المقصود حينئذ استمرارية العذاب على العدو حيث ان العذاب اذا ادار ولم يتجه الى جهة يقف عندها حينئذ سيدور ويستمر بدون انقطاع وهذا ما نستخلصه من الاستعارة المذكورة حيث يستطيع كل منا ان يستلهم منها بان العذاب سيصب على اعداء الامام(ع) حتى يقضي عليهم بمعنى استمراريته دون توقف حتى يبيد الاعداء ويطهر الارض منهم وقد نستلهم بالاضافة الى ذلك العذاب الاخروي حيث يخلد الكافرون في جهنم كما هو واضح.
بعد ذلك تواجهنا عبارة تقول: واقطع عنه مادتهم وارعب له قلوبهم هذه الفقرة من الدعاء امتداد للسابق منه أي هي تفصيل لنمط العذاب الذي ينزله الامام(ع) بالعدو فمثلاً من الممكن ان يقضي الامام(ع) على العدو ويبيده ولكن يتم ذلك في موقع جغرافي خاص وحينئذ من الممكن ان يجيء المدد الى العدو ولذلك قال الدعاء اقطع عنه مادتهم أي انزل العذاب على من بقي منهم من القوى بحيث يستأصلهم جميعاً بعد ذلك تواجهنا عبارة وارعب له قلوبهم هنا قد يتساءل قارئ الدعاء فيقول العبارة السابقة تقول اقطع عن الامام مادتهم فاذا قطع مادتهم ماذا نستخلص من العبارة التالية لها وهي ارعب قلوبهم؟ الجواب هو ان ارعاب القلب يعني القاء الخوف في قلوبهم بحيث لا يستطيعون صموداً وهذا يعني ان العدو حتى في بقاياه المقطوعة مادتهم من الممكن ان يواصل شروره العسكرية ولذلك طالب الدعاء او توسل بالله تعالى ان يرعب العدو بحيث يجعله جباناً لا يقوى على مواصلة شروره.
بعد ذلك نواجه عبارات من نحو وزلزل اقدامهم، وهي عبارات جديدة تتجانس مع عبارة ارعب قلوبهم من حيث الاشارة الى ان البقية الباقية من جيش العدو المتطوعة مادتهم عنهم سوف ينزل بهم الامام(ع) مقدمات الهزيمة حتى يستأصلهم من الارض وهذا ما نحدثك عن تفصيلاته في لقاءات لاحقة ان شاء الله تعالى.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا لخدمة الامام(ع) ويوفقنا لممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******