نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها دعاء الغيبة وهو دعاء يتلى بعد فريضة العصر من يوم الجمعة كما يقرأ في اوقات يندب اليها وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه ونواصل قراءة مقاطع جديدة حيث تواجهنا العبارة الآتية (اللهم اكف وليك وحجتك في ارضك هول عدوه) ان هذا المقطع من الدعاء يتضمن عبارات متنوعة تتوسل بالله تعالى بان يكفي وليه(ع) كيد الاعداء وهو مقطع طويل يتحدث عن المستويات المتنوعة في طبيعة دحر العدو بمختلف اشكال الدحر حيث بدأ ذلك بالقول اولاً (اللهم اكف وليك وحجتك في ارضك هول عدوه) وهذا ما نحدثك عنه اولاً ...
قلنا ان دحر العدو هو عنوان عام ومجمل ولكن عبارات الدعاء المتسلسلة تفصل وتوضح وتخصص نمط الدحر ونمط الهول.. وقد بدأ المقطع الجديد بالتعريف اولاً بالامام(ع) حيث وصفه "بالولي" و"الحجة" فماذا نستخلص من الصفتين المتقدمتين؟
لعل صفة الولي تعد ابرز سمة محددة لعلاقة العبد بالله تعالى حيث ان موالاة العبد لله تعالى بالنحو الذي تعنيه كلمة الموالاة لا تحصل الا لمن عصم ليس من الذنب فحسب بل من كل ما هو نقص او عيب او تقصير في عملية الموالاة لله تعالى من هنا كان وصف النصوص للامام علي(ع) بانه ولي الله تعالى يعني ان شخصية الامام علي بعد النبي(ص) تجسد موالاته وعبوديته لله تعالى باسمى ما يتصوره الذهن، والامر ذاته ينسحب على الائمة جميعاً وعلى فاطمة الزهراء(ع) ومن ثم تجيء شخصية الامام المهدي(ع)متجانسة تماماً مع ما ورد في الدعاء الذي نتحدث عنه بانه ولي الله تعالى من حيث صلة العبودية بالله تعالى وهذا فيما يتصل بالولي ولكن ماذا فيما يتصل بالحجة؟ من الواضح عندما تكون الشخصية المعصومة كالامام المهدي(ع) بهذا النمط من الموالاة لله تعالى فان اناطة الامامة اليها تجسد حجة على الناس بالنسبة الى ما يضطلع به من المهمات المتصلة بقيادة الناس ومنها ما يتصل بحركته الاصلاحية ووراثة الاسلاميين للارض تبعاً لوعده تعالى.
اذن الحجة تجسد صفة خلعها الله تعالى على الامام(ع) حيث وصفه النص بانه حجة الله تعالى على ارضه أي الشخصية الوحيدة المضطلعة باداء رسالتها او خلافتها في الارض وقيادتها لمجتمعات العالم جميعاً.
وفي ضوء هذه الحقيقة نجد ان الدعاء يتوسل بالله تعالى بان يكفي الامام الولي والحجة هول عدوه والسؤال من هو عدوه؟ لا نحتاج الى توضيح من هو عدو الامام(ع) انه كل الاعداء غير المنتسبين الى الاسلام وكذلك جميع الاعداء المنتسبين ظاهراً الى الاسلام ولكنهم في الواقع اعداء للامام(ع) ان من يعادي الامام المنتظر(ع) يعادي النبي(ص) ايضاً لان الامام هو الخليفة الذي عينه النبي(ص)وكذلك يعادي الله تعالى لان الامام هو المجسد او المصداق لاحد اولي الامر الذين امر الله تعالى بطاعتهم بعد الامر بطاعته جل جلاله وطاعة الرسول(ص).
من هنا ينبغي الالتفاف الى تحديد العدو للامام الذي توسل الدعاء بالله تعالى ان يكفيه هوله الا وهو كل من ناصب اهل البيت عليهم السلام العداء.
مرة جديدة العدو الذي طلب الدعاء من الله تعالى ان يكفيه هوله هو المعادي لله تعالى ولرسوله ولأهل البيت عليهم السلام ولا تنفصل هذه السلسلة الثلاثية بعضها عن الاخر.
نسأله تعالى ان يوفقنا الى موالاة الامام(ع) وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******