لا زلنا نتحدث عن الادعية المباركة وما تتضمنه من نكات متنوعة وما تقدمه من زاد ثقافي لقارئ الدعاء في ميدان العقائد والاخلاق والاحكام ومن ذلك دعاء الغيبة حيث يتضمن ندباً لشخصية امام العصر(ع) الامام المهدي(ع) وهو دعاء يقرأ بعد فريضة العصر من يوم الجمعة ومطلق الاوقات.
وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا من ذلك الى مقطع يتوسل بالله تعالى بان يوفقنا الى المشاركة مع الامام(ع) في معركته الاصلاحية ثم يقول عن ذلك (واجعل ذلك منا خالصاً من كل شك وشبهة ورياء وسمعة حتى لا نريد به غيرك ولا نطلب به الا وجهك) ... هذا المقطع من الدعاء حدثناك عن قسمه الاول ويبقى ان نحدثك عن شطره الاخير وهو قوله (حتى لا نريد به غيرك ولا نطلب به الا وجهك) ... فماذا نستخلص منه؟
السؤال الان هو ان قارئ الدعاء مطالب بان يعرف دقائق ما تتضمنه العبارات من معنى بخاصة ان فقرة الدعاء التي نتحدث عنها تردد كلاماً يبدو في ظاهره غير ما هو في باطنه انه يتوسل بالله تعالى بان يجعل مشاركتنا مع الامام المهدي(ع) لا نريد بها غيره تعالى ولا نطلب بها الا وجه، والسؤال هو الم يكن معنى العبارة الاولى لا نريد بها غيره هي نفس المعنى في العبارة الثانية ولا نطلب الا وجهه؟ اننا نطرح السؤال المتقدم لجملة اسباب منها ان يفقه قارئ الدعاء ما يقرأ ومنها ان تتسع معرفته بالنكات التي يتضمنها الدعاء ومنها ان فقرة الدعاء ذاتها تنطوي على موضوع طالما يقع في شركه الكثير من الناس، الا وهو مزج العمل العبادي الخاص بنية غير الله تعالى وهو امر طالما يحذرنا الشرع منه حتى ورد في الحديث بما معناه لو ان شخصاً من الاشخاص عمل عملاً لله تعالى ثم اشرك في العمل المذكور رضى غير الله تعالى عد مشركاً لذلك، فان قارئ الدعاء يعينه بان يتبين ما ورد في العبارتين المتماثلتين في المعنى ظاهراً وهما ان يشارك قارئ الدعاء في معركة الامام(ع) وان لا يريد بذلك غير الله تعالى ولا يطلب الا وجهه فما معنى الارادة لغير الله تعالى؟ وهل تفرق عن معنى عدم الطلب الا وجهه؟ للاجابة عن السؤال المتقدم نقول: انه من الممكن ان تقدم عملاً تريد به غير الله تعالى كما لو كنت تبحث مثلاً عن مكسب اقتصادي أي من وراء عملك المذكور وكما لو الفت كتاباً عن الامام المهدي(ع) وهدفك هو الحصول على المال من وراء ذلك لان الكتابة عن الامام(ع) تحظى باهتمام القراء.
وهذا العمل يختلف عن عمل آخر هو اشراك سوى الله تعالى في كسب الرضا او التقدير او الثواب كما الفت الكتاب المذكور وهدفك هو ان يطلع الاخرون على حركة الامام(ع) فتزداد معرفتهم بوظيفتهم العبادية... ولكن في الآن ذاته تطلب بهذا العمل وجهاً آخر هو اعجاب الناس مثلاً بالكتاب المذكور فتكون بذلك قد اشركت رضاه تعالى برضى غيره وبذلك تنسحب عليك مقولة انك طلبت بعملك وجهاً آخر بالاضافة الى وجه الله تعالى.
اذن تبين لنا مما تقدم بان عمل الشخصية الاسلامية الملتزمة ينبغي ان يتمحض خالصاً لوجه الله تعالى لا تشوبه نية اخرى، اقتصادية كانت ام معنوية ذاتية كانت او غيرها وهو امر ينسحب على كل سلوك ومنه السلوك المرتبط بوظيفتنا حيال الامام المنتظر(ع) حيث يتعين علينا ان نمارس مهمتنا العبادية المطلوبة في نطاق عملية الانتظار ذاتها او عملية المشاركة في معركة الامام الاصلاحية يتعين علينا ان نمارس ذلك خالصاً لوجه الله تعالى لا نستهدف سواه البتة.
اخيراً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ذلك والى ممارسة عملنا العبادي بعامة والتصاعد به الى النحو المطلوب.
*******