البث المباشر

شرح فقرة: "...التقي" في وصف مولانا المهدي(عج)

الأحد 15 سبتمبر 2019 - 14:34 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " التقي" في وصف مولانا المهدي(عج) " من دعاء عصر الغيبة.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الذي يتلى في زمان الغيبة (غيبة امام العصر (ع))، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه هذا المسرد من السمات التي خلعها الدعاء على الامام المهدي (ع) وهي(الطاهر، التقي، الزكي، النقي، الرضي، المرضي، الصابر، الشكور، المجتهد...)، هذه السمات حدثناك عن الاولى منها وهي سمة "الطاهر" ونتابع الآن السمة الثانية وهي "التقي" ... فماذا نستخلص منها؟
"التقي" سمة نعتقد ان كلاً منا ملم بدلالتها وهي مأخوذة من "التقى" او "الهدى" او "الارتقاء" حيث ينصرف ذهن قارئ الدعاء الى دلالتها الشائعة وهي توفر طابع الالتزام لدى الشخصية بمبادئ الله تعالى بمعنى ان العبد يتقي الله تعالى فيلتزم بمبادئه حيث يجيء الاتقاء هنا بمعنى الحذر والخشية من الله تعالى، وتجنب ما لا يرضيه تعالى ...الخ، ان ما نعتزم الحديث عنه ليس هو التقوى اوالتقى، او الاتقاء بدلالتها اللغوية فحسب، بل انسحابها على الممارسة العبادية أي الممارسة التي خلقنا الله تعالى من اجلها وهي العبادة تبعاً لقوله تعالى (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون) هنا نلفت نظر المستمع الى اننا لا نمل من الذكر لعبارة العبادة او للآية المذكورة حيث نكررها في لقاءاتنا، ونرجو من قارئ الدعاء الا يمل من الاستماع اليها، لانها بوضوح تذكرنا بمهمتنا في الحياة، حيث يشغل الانسان ويسهو غالب وقته عن فلسفة وجوده، ويتصرف مع الاحداث والمواقف بمنأى عن ادراكه او ربطها بالمهمة العبادية ...
على اية حال ما نعتزم توضيحه هنا هو ان التقوى لا ينصرف اليها الذهن في نطاق ما هو عام وعادي ومألوف في تجاربنا نحن البشر العادي بل نستهدف من ذلك التقوى في درجتها المنسجمة على المعصومين (عليهم السلام) والانبياء والمرسلين ...الخ.
لكن قبل ذلك يتعين علينا ان نمهد لظاهرة التقوى ببعض الملاحظات ... لعل اهم ملاحظة ينبغي لفت النظر اليها هي ان جوهر العمل العبادي الذي خلقنا الله تعالى من اجل ممارسته هو الوصول الى درجة التقوى الم يقل النص الشرعي "فان خير الزاد التقوى" بمعنى ان ما يتزود به الانسان هو سمة التقوى وهي الالتزام بالمبادئ التي رسمها الله لعباده ولاشيء غير ذلك...
لكن ـ كما اشرنا قبل قليل ـ ان التقوى وهي الالتزام بمبادئ الله تعالى تتجسد حيناً في سلوك البشر المألوفين واخرى في سلوك المعصومين وطبيعياً سلوك المعصوم يجسد وهذا ما حدثناك عنه في لقائنا السابق قمة الالتزام التي لا درجة بعدها ...
من هنا ايضاً يتبين لنا بوضوح ان الدعاء الذي نحن بصدده حينما يخلع على الامام المهدي (ع) سمة التقي فهذا يعني انه (ع)يجسد الالتزام بمبادئ الله تعالى في ارفع ذراها...
والسؤال الجديد هو يجب ان نطرحه ايضاً عندما نتابع سائر السمات التي رسمها الدعاء لشخصية الامام (ع) نقول السؤال هو ما هو السياق او المناسبة التي يتداعى الذهن اليها حينما يجد ان الدعاء‌ وصف شخصية الامام المهدي (عليه السلام) بأنه التقى مما لا شك فيه ان الدعاء بصدد التقويم لشخصية الامام المهدي (عليه السلام) من حيث اننا ننتظر ظهوره حتى نلتحق بموكبه في المعركة الاصلاحية التي يخوضها مع الباطل والانحراف ولذلك فأن التقوى التي تسم شخصية المصلح (عليه السلام) تجعل المعركة او المهمة‌ الاصلاحية ذات طابع التزامي لا يحيد البت عن مباديء الله تعالى بمعنى ان السلوك الفردي للامام (عليه السلام) وهو التقوى او الالتزام بالمباديء ينسحب بنفس الدرجة على السلوك الاجتماعي او العسكري او السياسي او القيادي للامام (عليه السلام).
اذن اتضح لنا ما معناه ان الامام المهدي (عليه السلام) تقي حيث يعني الخوف والحذر والتجنب عن المعاصي اي الخشية من الله تعالى فيما تنسحب على سلوك الامام المهدي (عليه السلام) فردياً واجتماعياً في اعلى درجاتها المتجسدة في عصمة الامام (عليه السلام) من اي خط يتصوره الذهن.
والاهم من هذا ان نلتزم نحن القراء بمباديء الله بحسب درجتنا وندرب ذواتنا على ذلك والتصاعد بطاعتنا الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة