البث المباشر

شرح فقرة: "اللهم أعذه من شر جميع ما خلقت..."

الأحد 15 سبتمبر 2019 - 13:50 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " اللهم أعذه من شر جميع ما خلقت " من دعاء عصر الغيبة.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الذي يتلى في زمان الغيبة (غيبة امام العصر"ع") حيث حدثناك عن جملة مقاطع منه ونتجه الى مقطع جديد يتحدث عن الامام المهدي(ع) من حيث التوسل بالله بان يعيذه من شرار خلقه ويأتي هذا التوسل بعد مقطع يتحدث عن ظهور الامام(ع)، ومواجهته للعدو، والتوسل بالله تعالى بان يجعلنا موفقين الى خدمته ومساهمين في المعركة ومستشهدين فيها ومحشورين في زمرة الامام(ع)، المهم: يقول المقطع عن الامام(ع): (اللهم اعذه من شر جميع ما خلقت وذرات وبرأت وانشأت وصورت) ... هذا المقطع من الدعاء يتضمن ـ كما لاحظنا الآن ـ خمس عبارات متماثلة في دلالاتها الظاهرية، او لنقل متماثلة في دلالتها العامة وهي: الاعاذة من المخلوقات الشريرة أي اعاذة الامام(ع) من جميع الموجودات الشريرة، الذي نعتزم لفت نظرك اليه اولاً هو: ان هذا المقطع استخدم خمس عبارات هي: خلقت ذرأت، برأت، انشأت، صورت، هذه العبارات تتناول ظاهرة واحدة وهي ايجاد القوى الشريرة حيث عبر الدعاء عنها مرة بعبارة خلقت وثانية بعبارة ذرأت، وثالثة بعبارة برأت ورابعة بعبارة انشأت، واخيراً بعبارة صورت ...
والسؤال المهم جداً هو الا يمكن مثلاً ان يقول النص: اللهم اعذ الامام(ع) من جميع مخلوقاتك او قول مماثل لذلك؟ فلماذا ـ اذن ـ استخدم خلق وذرأ وابرأ وانشأ وصور؟ أليس الدعاء من انشاء المعصوم(ع) والمعصوم معصوم من العبث؟ اذن صياغة هذه العبارات التي تبدو وكأنها متماثلة لابد وان تنطوي على اسرار دلالية وهو ما نحرص على توضيحها ...
لو دققنا النظر في المصادر اللغوية لوجدنا ان خلق هي غير ذرأ وهما غير برأ وهي غير انشأ والجميع غير صور ...
اذن لنتجه الى المصادر اللغوية حتى نفهم بدقة ماذا يستهدفه الدعاء من الدلالات؟ ...
تشير المصادر اللغوية بان خلق هو بمعنى قدر، وبهذا يشتمل لفظ الخلق على الموجودات جمعياً مما اوجدها لهذا الشكل او ذاك ... واما ذرأ فمعناها اظهر ذلك فبعد التقدير العام، اظهر الله تعالى الموجودات وأما برأ فمعناها ميز بينها واما انشأ فمعناها اوجد بدون نموذج سابق عليه، واما صور فمعناها جعلها على هيئة خاصة ...
اذن: كل مفردة من المفردات التي لاحظناها ونعني بها الموجودات التي توسل الدعاء بالله تعالى بان يعيذ الامام المهدي(ع) منها. هذه الموجودات تجسد مختلف انماطها التي يمكن ان يصدر عنها شر، حيث نعرف بان الشر يتخذ انماطاً مادية ومعنوية، ويشمل البشر والجن وسواهما ...الخ، وبهذا التوسل تكون الدلالة العامة للتعوذ من الشر ان الله تعالى يتكفل بنصرة الامام المهدي في معركته الاصلاحية ...
هنا يثار سؤال آخر هو ان الله تعالى حينما نتوسل به بان يعيذ الامام المهدي(ع) من الشر جميعاً، نواجه بعد ذلك مقطعاً يقول:(واحفظه من بين يديه، ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، ومن فوقه، ومن تحته ...) ... ترى ما المقصود من ذلك؟
لا نتأمل طويلاً حتى ندرك سريعاً بان الدعاء حينما يتوسل بالله تعالى بان يعيذ الامام من الشر عبر معركته الاصلاحية فان المرحلة التالية للاعاذة من الشر، تتطلب حفظاً استمرارياً، أي ان القوى الخيرة "ملائكة وسواهم" سوف يجعلها الله تعالى حفظة للامام من أي اذى محتمل.
يبقى ان نشير الى ان المحفظ عن الامام والخلف واليمين والشمال...الخ، يظل مرتبطاً بالقوى المشار اليها حيث ان الله يحيط عباده بملائكة يتولون حراسته الشخصية من جميع الجهات وهو رمز في الآن ذاته الى الحفظ او الامن التام كما هو واضح وسنرى في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى مستويات متنوعة من التوسل بحفظ الامام(ع) في الميدان المذكور.
ختاماً: نسأله تعالى ان يوفقنا لخدمة الامام(ع) وان يوفقنا لممارسة مهمتنا العبادية بعامة والتصاعد بها الى النحوالمطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة