نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الذي يتلى في زمن غيبة الامام المهدي(ع) حيث حدثناك عن جملة مقاطع منه، ومن ذلك المقطع الذي ينهانا عن السؤال عن زمان الظهور وملابساته ويأمرنا بان نصبر على ذلك، ولكنه من جانب آخر، يقول: (اللهم اني أسألك ان تريني وليَّ أمرك ظاهراً نافذ الامر، مع علمي بان لك السلطان والقدرة والبرهان والحجة والمشيئة والحول والقوة فافعل ذلك بي وبجميع المؤمنين حتى ننظر الى وليَّ أمرك صلواتك عليه ظاهرالمقالة ...).
لقد حدثناك عن بداية هذا المقطع في لقاء سابق وهو الفقرة القائلة (اللهم اني أسألك ان تريني وليَّ أمرك ظاهراً نافذ الأمر)، حيث قلنا ان المقصود من الفقرة المذكورة هو ان يرينا الله تعالى فلسفة ظهور الامام المهدي (ع) من حيث تحقق ذلك في عملية الاصلاح التي يضطلع بها الامام(ع)، وليس المقصود من ذلك معرفة زمان الظهور ومكانه لان الدعاء منعنا من السؤال عن ذلك ... هنا يحسن بنا ان نستشهد بمقطع آخر قبل ان نحدثك عن المقطع السابق الذي يقرر باننا نتوسل بالله تعالى ان يرينا وليَّ امره ظاهراً نافذ الأمر، ولكن مع ذلك فان قارئ الدعاء يتطلع الى معرفة ظروف الظهور، وهذا ما تكفلت بالابانة عنه: الفقرات الآتية ...
يقول الدعاء بعد ان يشير الى ان السلطان والقدرة والحجة لله تعالى (حتى ننظر الى وليَّ أمرك صلواتك عليه ظاهر المقالة، واضح الدلالة هادياً من الضلالة شافياً من الجهالة ...).
هذا المقطع من الدعاء يتسم بأهمية كبيرة من حيث كونه يتصل بوظيفتنا نحن القراء لهذا الدعاء حيال زمن الظهور وملابساه حيث ان المشاركة في عملية الاصلاح التي يضطلع بها الامام(ع) تفرض على من ينتظر ظهور الامام(ع) ان يكون على بصيرة من أمره.
ولنقرأ من جديد (حتى ننظر الى وليَّ أمرك صلواتك عليه ظاهر المقالة، واضح الدلالة ...) والسؤال هو: ما المقصود من عبارة الدعاء القائلة (حتى ننظر الى وليَّ امرك صلواتك عليه ظاهر المقالة)... قبل ان نجيبك عن السؤال المتقدم نذكرك بان الدعاء قد لاحظناه متوسلاً في مقطع سابق بان يرينا وليَّ امره ظاهراً نافذ بوضوح اننا نتوسل بالله تعالى بان يرينا الامام(ع) قد نفذ ارادة الله تعالى في عملية الظهور، والنهوض بعملية الاصلاح، ومحاربة الانحراف ... أي ان قارئ الدعاء يتطلع الى نفس الظهور وما يواكبه من العمليات وليس الى وقته ومكانه كما كررنا.
ولكن الاهم من ذلك كله هو التعليل الذي يقدمه الدعاء في ذلك وهو عبارة (حتى ننظر الى وليَّ أمرك ظاهر المقالة، واضح الدلالة)... فماذا يستهدف الدعاء من ذلك؟
من الواضح ان المنتظر لظهور الامام(ع) يحتاج الى بصيرة خاصة يميزها الموقف الذي يتطلع الى المساهمة فيه وهو المشاركة في محاربة الانحراف. وتتمثل البصيرة في جملة أمور ذكرها الدعاء ومنها عبارة "ظاهر المقالة" و"حتى ننظر الى وليَّ أمرك صلواتك عليه ظاهر المقالة"...
المقالة هنا تعني دعوة الامام(ع) انصاره الى المشاركة في المعركة او ان مجرد ظهوره يستتبع بالضرورة ان يكتشف قارئ الدعاء وظيفته حيال الامام(ع) من حيث النصرة والالتحاق بموكبه وهذا لا يتحقق الا مع قناعة قارئ الدعاء بان دعوة الامام(ع) ومعركته من الوضوح بمكان من حيث مشروعيتها ومن حيث كونها تصديقاً لما اراده الله تعالى وذكره في كتابه الكريم من وراثة الارض للاسلاميين.
اذن تبين لنا معنى قول الدعاء (حتى ننظر الى وليَّ أمرك ظاهر المقالة) أي ظهوره(ع) مشفوعاً بدعوته الى ان يشارك المؤمنون في معركته ضد الانحراف وهذا ما نتطلع اليه ونسأله تعالى ان يوفقنا اليه انه ولي المؤمنين.
*******