البث المباشر

شرح فقرة: يا منيع، يا سريع، يا بديع

الإثنين 2 سبتمبر 2019 - 09:27 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا منيع، يا سريع، يا بديع " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الان عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا منيع، يا سريع، يا بديع)، هذه الصفات تتطب حيدثاً مشفوعاً بشيء من الوضوح فنقول بالنسبة الي صفة (منيع)، فان الكلمة مستلهمة من (المناعة) وهي تعني: القوة والعزة الشديدة التي لا يقدر عليها اي الممتنع الوصول إليها، وهي: صفة ينفرد بها الله تعالي: كما هو واضح، وقد جاءت في سياق سبقها وهي كلمة (رفيع) حيث حدثناك عنها في لقاء سابق فيما تعني: الرفعة التي تعلو علي كل شيء وتتجانس مع كلمة (منيع) من حيث دلالتها لما هو: تفرّد في القوة، وتعالٍ في الموقع، وهيمنة علي الاشياء جميعاً. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا سريع) وهي: صفة تعني السرعة او عدم التلكؤ او التباطء في حسم الأمور وقد وردت الصفة - في جملة ما وردت فيه - في سياق هو: الحساب في اليوم الآخر مثل «سَرِيعُ الْحِسَابِ»، حيث ترمز السرعة هنا الي الحسم والنفاذ والقوة ايضاً في اعطاء كل ذي حق حقه، ومن ثم تتجانس الكلمة مع سابقتيها ايضاً لان السرعة في اتخاذ القرار يعني عدم التلكؤ او التردد الخ، بما هو تعبير واضح عن القدرة المطلقة غير المحدودة. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا بديع)، فماذا نسلتهم منها؟
الكلمة او الصفة تشير الي (الابتداع) وهو: انشاء الشيء أو ايجاده علي غير مثال سابق له: وهل ثمه ابتداع عند غير الله تعالي في انشائه السماوات والارض وما بينهما، وما يواكب ذلك من المخلوقات الوجودية؟
اذن صفة (البديع) تتداعي بذهن قارئ الدعاء الي تصور مدي عظمته تعالي في ايجاده للكون وما يحويه حيث يقف ذهنه منبهراً بما لا يمكن تصوره من العظمة غير المحدودة، وهي صفة لا نغفل تجانسها مع سابقاتها كما هو واضح من حيث العظمة في مصاديقها المتنوعة غير المحدودة. 
بعد ذلك نواجه عبارات جديدة يختم بها المقطع، وهي ذات قرارات تختلف عن سابقتها، اي: كانت الصفات التي حدثناك عنها الآن، وحدثناك ايضاً عنها في لقاء سابق تشترك في فواصلها التعبيرية، اي: تتحد في انتهائه بحرفي الياء والعين مثل بديع، سريع،منيع، بينما نجد الآن عبارات تنتهي بحرفي الياء والراء مما نستكشف من خلال ذلك: تجانساً بينهما من جانب، وتفاوتاً عما سبقها من جانب آخر، وهو احد وجوه البلاغة الشرعية: كما هو واضح. 
تقول الكلمة الاولي او العبارة الاولي (يا كبير)، فماذا نستخلص منها؟ 
طبيعياً ان الكلمة من الوضوح بمكان، ولكنها من العمق بمكان اكبر، انها (الكبير) قبالة الصغير اي: الظاهرة التي لا يعلوها شيء من جانب، ويصغر ما دونها: اي ما هو غير الله تعالي من جانب آخر. هنا مع ان الموضوع قد تفاوت مع العبارت السابقة في دلالاته لان السابق من المظاهر يرتبط بما هو قوي وشديد ومنيع، بينما يعني الآن ما هو: سعة واحاطة ونحوهما، الا ان التجانس بدوره مع مظاهر عظمته تعالي في العبارات السابقة يظل من الوضوح بمكان. 
ويكفي ان كلمة (الاكبر) التي تستخدم في افتتاح الصلوات وسواها بتداعي الاذهان الي العظمة الي يعجز الذهن بطبيعة الحال عن تصور مداها غير المحدود وهواثر تعميّق - بلا شك - ايماننا بالله تعالت عظمته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة