البث المباشر

شرح فقرة: يا باسط اليدين بالرحمة

الأحد 11 أغسطس 2019 - 13:56 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: "يا باسط اليدين بالرحمة" من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة، ومنها: الدعاء الموسوم ب (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا الى مقطع ورد فيه: (يا باسط اليدين بالرحمة، يا صاحب كل نجوى، يا منتهى كل شكوى). هذه العبارات الثلاث تحوم على دلالات متجانسة من حيث اشتراكها في التوجه الى الله تعالى والتوسل به في انجاز حاجات قارئ الدعاء، وهي حاجات عامة لم تختص بنمط محدد بقدر ما يشيد النص الى ان الله تعالى هو المتكفل بانجازها من خلال الاسماء او الصفات او المظاهر التي ذكرها الدعاء، وهي: انه تعالى يبسط اليد وذلك رحمة منه للعبد، وانه تعالى مع مناجاة العبد اياه، ومع الاستماع لشكواه. 
والسؤال الآن هو: ماذا نستلهم من العبارات المتقدمة، وما تتضمنها من نكات؟ 
نقف عند العبارة الاولى، وهي تحفل بخصائص فنية ودلالية مرتبطة بها، اما الخصائص الفنية فتشمل في العبارة الرمزية او الاستعارية، وهي: (بسط اليد) وهي عبارة مشحونة بدلالات لها وعمقها. 
ان الله تعالى منزه عن، عن التجسم : ولكن الدلالة التي يستهدف الدعاء ان يوصلها الينا تتجانس مع عبارة صورية اي: مجازية ذات صورة: رمزية او استعارية او تضمينية، فبسط اليه هو: (تضمين) او (تناص) ـ في اللغة المعاصرة ـ، او اقتباس من نص قرآني كريم هو قوله تعالى «بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ»، جواباً لما تحرّض به اليهود حيال الله تعالى. 
المهم ان اقتباس الآية او تضمين دلالتها وتوظيفها في احد اسماء الله تعالى او صفاته او مظاهر عظمته، يعني: تعميق ما هو مستهدف من الدلالة المتمثلة في انه تعالى (رحيم) كل الرحمة، كيف ذلك؟ 
من الواضح، ان النص بمقدوره ان يكتفي بعبارة (يا رحيم) او (يا ارحم الراحمين) وسواهما من العبارات التي تستخدم في سياقات اخرى،.. ولكن الدعاء عندما يستخدم عبارة مجازية فهذا يعني انه يستهدف تعميق وتجلية وتوضيح ما هو جدير بالملاحظة، وهي سعة رحمته تعالى. 
ان (اليد) عندما تستخدمها في الكلام تجعل اذهاننا منتقلة الى (العطاء) اي: ان اليد هي التي تقدم مساعدة للآخر (كما لو اعطيت مالاً او زاداً او سلعة الى احد المحتاجين)، لذلك عندما نستخدم هذه العبارة (اليد) حينئذ فان الذهن لينتقل الى عطاء الله تعالى، ولكن درجة العطاء لا تتحدد بوضوح الا عندما تقترن عبارة (اليد) بعبارة (الرحمة)، فتكون النتيجة ان الله تعالى يقدّم لنا ما لا يحصى من النعم او الرحمة في مختلف اشكالها، انه تعالى يبسط اليد بها، اي: عندما تبسط اليد حينئذ لا نستطيع ان نحدد مقدار ما تقدمه من العطاءات، وهو امر يجعلك غير مستطيع بان تحدد المقدار الذي يُعطى، وهذا ينسجم تماماً مع قوله تعالى: «وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا». 
اذن عبارة (يا باسط اليدين بالرحمة) تظل ـ من الزاوية الفنية ـ ذات دلالة لا حدود لتصوراتها بالنسبة الى مفهوم (الرحمة) من الله تعالى وحجم ذلك. 
واذا انتقلنا الى العبارتين اللتين تعقبان العبارة المتقدمة، وهما (يا صاحب كل نجوى) و ( يا منتهى كل شكوى)، سنجد مدى تجانسهما مع عبارة (يا باسط اليدين بالرحمة)، وهو امر سنحدثك عنه في لقاءات لاحقة ان شاء الله تعالى.
ختاماً نسأله تعالى ان يمدنا برحمته التي لا حدّ لها، انه سميع مجيب، كما نسأله ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة