البث المباشر

شرح فقرة: "يا من في ملكه قديم، يا من في سلطانه قديم..."

السبت 10 أغسطس 2019 - 15:57 بتوقيت طهران
شرح فقرة: "يا من في ملكه قديم، يا من في سلطانه قديم..."

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من في ملكه قديم، يا من في سلطانه قديم " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها: الدعاء الموسوم بالجوشن الكبير'>الدعاء الموسوم بالجوشن الكبير حيث سبق أن حدّثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدّثك الآن عن أحد مقاطعه وهو: (يا من هو في ملكه مقيم، يا من هو في سلطانه قديم، يا من هو في جلاله عظيم)، هذا المقطع من الدعاء يتضّمن كما لاحظنا سلسلة مظاهر من عظمة الله تعالى، بدأها بعبارة: (يا من هو في ملكه مقيم)، ترى ماذا نستخلص من العبارة المتقدّمة؟
الإقامة هي الادامة في الشيء، بمعنى ان الله تعالى دائم في ملكه لازال فيه، وهي صفة لا تحتاج الى تعقيب بقدر ما تلفت نظرنا الى الديمومة في ملك الله تعالى: تعبيراً عن قدمه،. ولذلك جاءت العبارة التي تليها تتحدث عن مظهر (القدم) لوجوده تعالى، حيث قالت العبارة: (يا من هو في سلطانه قديم)، ولعلك تتساءل عن الدلالة التي تفرزها كلمة (قديم)، فنقول: (القديم) مصطلح يعني (الأزليّ) ضدّ ما يطلق عليه (الحادث) أي: ما لا أوّل له ولا آخر، والسؤال الجديد هو، ماذا نستلهم من عبارة انه تعالى (قديم) في (سلطانه)، ولم يقل (القديم) في مظاهر غير السلطان، مع انه (قديم) في مطلق وجوده تعالى!
الجواب: إن (السلطان) هو، الهيمنة على الشيء، وبما انه تعالى (سلطان) على الكون، حينئذ فأن سلطنته أو تسلّطه او هيمنته أزلية، مع ملاحظة ان السّلطنة او القدرة الالهية تقترن بمصطلح أو دلالة أخرى هي (الحجّة) التي يقيمها تعالى على عباده. بعد ذلك نواجه عبارة (يا من هو في جلاله عظيم)، فماذا نستلهم منها؟
ولعلّ أولّ ما يلفت نظرنا في العبارة المتقدمة هو، مصطلح (الجلال) ومصطلح (العظيم)، حيث قالت العبارة بانه تعالى: (في جلاله عظيم)، وهذا ما يستتبع السؤال الآتي: ألا تعني (العظمة) صفة هي متنجانسة مع (الجلالة)، لأن الجلالة هي، (العظمة) في أحد معانيها؟ فما هو الجواب؟
الجواب: إن (الجلالة) في غير دلالتها المتقدمة، اي في غير (العظمة) تعني دلالة أخرى هي، (التنزّه) بمعنى انه تنزّه وترفّع عن النقص، ولذلك يقال: جلّ عن هذا الشيء او ذاك، من هنا، فان المعنى في عبارة: (يا من هو في جلاله عظيم) هو، يا من هو في تنزّهه عن النقص ذو عظمة، بمعنى انه عظيم في صفة ترفّعه عن النقص.
بعد ذلك نواجه عبارة: (يا من هو على عباده رحيم)، هذه العبارة من الوضوح بمكان، حيث إن رحمته تعالى لا حدود لها، وهي صفة عندما تقترن بالقدرة: عندئذ تتخذ عظمة الله تعالى معنىً له دلالته التي يعجز القلم عن وصفها، ان القدرة عندما تقترن بالرحمة فهذا يعني: الكمال المطلق كما هو واضح.
ان التجربة البشرية مثلاً قد تمارس قدرتها ولكن بلا رحمة، او تمارس رحمتها ولكن لا قدرة لها على تجسيدها، ولذلك عندما نتّجه الى مانح الرحمة ومانح القدرة: نجد ان عظمة الله تعالى تتجلّى في قدرته غير المنفصلة عن الرحمة، او رحمته غير المنفصلة عن القدرة: كما أوضحنا.
أخيراً نلفت نظرك الى نكتة لها أهميتها في ميدان الحديث عن رحمته تعالى، وهي انه تعالى (رحمان رحيم)، بمعنى انه (رحمان)او يمارس رحمته حيال مطلق مخلوقاته، بينما هو (رحيم) بمعنى: يمارس رحمته حيال المؤمنين بخاصّة، وهو أمر له دلالته الملفتة للنظر، اي: انه تعالى يمارس (الرحمة) مطلقاً، بغضّ النظر عمّن آمن به تعالى أو لم يؤمن، مع ملاحظة رحمته الخاصّة بمن آمن: كما أوضحنا.
ختاماً نسأله تعالى أن يمدّنا برحمته، وألاّ يؤاخذنا بذنوبنا، وأن يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة