والتقى النجمان زهواً وسناءا
وارتمى الدهر على ظلّيهما
خائراً، قد هدّه الجري عياءا
يسبق التاريخ حكماً وقضاءا
تغمر الدنيا رفاها ورخاءا
فدنا للحق ما عنه تناءى
صهر الأفكار في (بوتقةٍ)
أخرجتها في المعاني كيمياءا
فمشى الناعل والحافي سواءا
فارس قد خمدت نيرانها
وتلاشى عهدها الزاهي هباءا
أين كسرى أين عنه تاجه؟
أين - ايوان - به يزهو ادّعاءا؟
يثرب يا مطلع الفجر الذي
لكِ ذكر كلما مر على
مسمع الدنيا له اهتزت ثناءا
إن تاريخك في أحداثه
غمر الأجيال سحر ورواءا
قاد جيش الله في إيمانه
يهزم الكفر اقتحاماً وافتداءا
ومشت يثرب في أفراحها
نحوه تستقبل النصر انتشاءا
ها هو الديوان في أعضائه
يملأ العين جلالاً وبهاءا
والسبايا وقفت خاشعة
تسأل الأفق رجالاً ونساءا
وفتاتين وما أبهاهما
يرمقان الحفل كبراً وازدراءا
فتعالى اسمهما فيه ارتقاءا
وتسامت - بنت كسرى - شرفاً
- بابن طه وتملّت كبرياءا
وتغنّى الوحي لما التقيا
أدرتْ بنت الأساطير بما
أسبغ الله عليها وأفاءا
أدرت أن علياً شبلها
سيهز الدهر صبراً وابتلاءا
ولدته كوكباً من نوره
سيد تاه به كسرى عُلىً
ورث التاجين عدلاً وهدى
واعتلى العرشين تقوى ومضاءا
هام بالله خشوعاً فذوى
عوده في الحب خوفاً ورجاءا
ساجد لله لا يشغله
عنه ما سرّ بني الدنيا وساءا
عرف الغاية من إيجاده
فسعى أن يصهر الداء دواءا
أفرغ الروح مناجاة لها
يهتف الخلد احتفالا واحتفاءا
صور حار بها الفن، فما
حد دنياها ابتداء وانتهاءا
زينة العبّاد في سيرته
يهتدي الدهر إذا مال التواءا
آه كم قاسى من الدهر وكم
صارع الأحداث صبراً وعناءا
صاحب السبط أباه حينما
ثار للدين ووافى كربلاءا
فرأى مصرعه في فتية
غنموا الخلد، وعاشوا شهداءا
عيد ميلاد ابن سبط المصطفى
غمر الدنيا سروراً وهناءا
جدّدت تاريخه مسرورة
أمةٌ فاضت ولاء ووفاءا
تنطوي الأجيال في أحداثها
وهي تزداد انتشاراً وانتشاءا
رامت الأحداث في ألعابها
أن يجف الحب عوداً ونماءا
هدمت أضرحة قدسية
ضمت الفجر جلالا وجلاءا
فاستحال الحبّ نوحاً ملهباً
واغتدى الحق دموعاً ودماءا
وذكت شعلتها تحرق ما
شاده الجهل غروراً وغباءا
وازدهت ثانية في معرض
يبهر التاريخ وضعا وبناءا
فجزى الله الأحاسيس التي
لم ترد إلا من الله الجزاءا
*******
الشاعر: السيد محمد جمال الهاشمي.