وظل المتنزه رغم غلقه لسنوات عديدة محافظا على مكانته العميقة في نفوس البغداديين وشاهدا على تاريخ عاصمتهم الجميلة منذ افتتاحه في ذكرى 14 يوليو/تموز 1958 التي قلبت نظام الحكم من العهد الملكي إلى الجمهوري.
إعادة التأهيل
استغرقت إعادة تأهيل المتنزه 160 يوما وأشرفت عليها بلدية الكاظمية برعاية من البنك المركزي ورابطة المصارف الأهلية ضمن مبادرة أطلق عليها (تمكين) وشملت ساحة وقوف السيارات والممرات الداخلية ونصب منظومة إنارة حديثة وأماكن الاستراحة ونافورات المياه التي صارت تستهوي الزائرين بأضوائها الأنيقة.
ورغم محاولات استغلال المتنزه لأغراض استثمارية واقتصادية، فإن أهالي الكاظمية تصدوا لها وحافظوا عليه بوصفه إرثا طبيعيا خاصا بمدينتهم وفضاء ترفيهيا رافقهم منذ عقود.
وأكد مدير المكتب الإعلامي للمركزي أيسر جبار أن صندوق المبادرات المجتمعية (تمكين) المموّل من البنوك الأهلية وشركات الصرافة يولي هذه المشاريع عناية كبيرة، وقال إنه تمكّن من إعادة تأهيل 11.700متر مربع من مساحة المنشأ الكلية.
وكشف مسؤول المتنزه المهندس ذو الفقار عادل أن عملية التطوير التي جرت راعت المعالم القديمة لمكانتها الخاصة لدى سكنة المدينة مثل النصب الذي يحمل اسم المتنزه وفضاء لعبة المكعبات والبوابة الرئيسية التي تم الاكتفاء بتطويرها وإضافة لمسات جديدة عليها مع الإبقاء على طرازها المعماري القديم.
مساحات وتجهيزات
تشكل المساحات الخضراء بالمتنزه نسبة 82% من المساحة الإجمالية البالغة خمسين ألف متر مربع، تتنوع ما بين ساحات الثيل والأشجار دائمة الخضرة ونبات الدودونيا المستخدم للزينة ومنطقة ألعاب الأطفال ومضمار تعلم السياقة وتلقي الإرشادات المرورية، إلى جانب بناية أخرى تحتضن النقشات الأدبية والفكرية.
وأوضح المهندس بشار عبد الكريم أن إقبال العوائل الوافدة على المتنزه يزداد عند المساء ولا يسمح بدخول الشباب في هذه الأوقات، ويمنع اصطحاب النرجيلات. كما أنه يوفر ألعابا مجانية من أجل توفير كل ظروف الراحة للعائلات.
وتعبر أم علي (زائرة) عن سعادتها بإعادة افتتاح المتنزه، وتقول إن لديها ذكريات قديمة لا تنسى معه وأنه كان المتنفس الوحيد لها مع صديقاتها وأنهن قضين سابقا أوقاتا ممتعة في اللهو واللعب داخله.
ويحتفظ الحاج أبو منتصر بذكريات جميلة في المتنزه، ويقول وهو يلامس بيديه المجعدتين إحدى اشجاره الكبيرة "كنت ألهو حول هذه الشجرة حين كنت صبيا.. السنوات الطويلة لم تغيرها. وها أنا اليوم أقف جانبها مرفوقا بأحفادي بعدما كنت آتي إليها مع والدي".
ويتقاسم أبو كرار مع أبنائه الثلاثة أوقات اللعب والمرح على المكعبات الملونة التي أنشئت في المتنزه قبل عشرات السنين، ويروي لهم ذكرياته الجميلة حين كان صغيرا، وكيف كان لا يتوقف عن التسلق والتنقل بين مكعباتها.
المصدر: الجزيرة