البث المباشر

شرح فقرة: "وشرائع دينك" (۲)

السبت 30 أكتوبر 2021 - 19:09 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- شرح أدعية الإمام الصادق: الحلقة 16

 

بسم الله والحمد لله الذي هدانا للتمسك بعروته الوثقى وحبله المتين قرآنه المبين وعترة حبيبه وسيدنا الصادق الأمين صلى الله عليه وآله الطاهرين.

السلام عليكم إخوتنا المستمعين، أطيب تحية نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج نتابع فيه استجلاء آداب الطريقة الفضلى لتلاوة الذكر الحكيم من خلال التأمل في الدعاء المستحب التوجه الى الله به قبل بدء التلاوة وهو المروي عن مولانا الامام جعفر الصادق –سلام الله عليه-.. نتبرك بمقطعه الأول حيث يقول:

"بسم الله، اللهم اني أشهد أن هذا كتابك المنزل من عندك على رسولك محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله، وكتابك الناطق على لسان رسولك وفيه حكمك وشرائع دينك أنزلته على نبيك وجعلته عهداً منك الى خلقك وحبلاً متصلاً فيما بينك وبين عبادك".

أيها الأفاضل، لازلنا نستلهم آداب تلاوة القرآن الكريم من فقرة "وفيه حكمك وشرائع دينك"، وقد عرفنا في حلقات سابقة أن هذه الفقرة تعلمنا أن نبحث فيما نتلوه من آيات الذكر الحكيم عن حكم الله وعن شرائع دينه عزوجل لكي نقوي في قلوبنا روح العمل الصادق بها.

وقد عرضنا في الحلقة السابقة سؤالاً عن الفرق بين (حكم الله) و(شرائع دينه)، وهذا ما نسعى لمعرفة اجابته هنا لكي تعيننا على الحصول على ما ينبغي أن نبحث عنه في الآيات الكريمة.

أيها الأفاضل عرفنا في الحلقة السابقة أن المستفاد من كتب اللغة والنصوص الشريفة هو أن مفهوم (شرائع دين الله) في المصطلح القرآني يشمل كل ما هدانا الله اليه مما يجعل الانسان يسير على الصراط المستقيم ويزوده بما يحتاجه من مقومات الحياة المعنوية السليمة. ولذلك فهذا المفهوم أعم من الاحكام الشرعية الفقهية المعروفة فاضافة الى هذه الأحكام الفقهية تدخل في مصاديقه أيضاً العقائد السليمة والقيم الحقة والاخلاق الفاضلة كقول الحق والحكم بالعدل والوفاء بالعهد ومخالفة الهوى ونظائر ذلك مما صرحت بذلك النصوص الشريفة التي نقلنا بعض وعلى ضوء معرفة هذا المفهوم الشمولي لشرائع دين الله يتضح أن من مصاديقه أيضاً هو (حكم الله) فهو أسمى مصاديقه الحكم بالعدل، من هنا يتضح أن ذكر شرائع دين الله بعد ذكر حكم الله هو من باب ذكر المفهوم الشمولي العام بعد ذكر أحد مصاديقه المهمة وفي ذلك إبراز لأهمية معرفة حكم الله في مختلف شؤون حياة الانسان، فما هي علة أهمية معرفة حكم الله؟

مستمعينا الاطائب، للإجابة عن السؤال المتقدم نتأمل معاً في النصوص الشريفة التالية نختارهما جميعاً من كتاب الكافي وكتاب بصائر الدرجات وهي مروية ايضاً في المصادر المعتبرة الأخرى:

روي عن الامام محمد الباقر وكذلك عن الامام الصادق سلام الله عليهما قال:

"الأئمة في كتاب الله امامان، قال الله تبارك وتعالى "وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا" "(سورة الأنبياء الآية ۷۳) يعني لا بأمر الناس، -فهم- يقدمون أمر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم، وقال –سبحانه- "وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ" (سورة القصص الآية ٤۱) –يعني- يقدمون أمرهم قبل أمر الله، وحكمهم قبل حكم الله ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عزوجل".

والحديث الثاني عن سيد الوصيين الامام علي –عليه السلام- قال في إحدى خطبه:

"يا ايتها الأمة المتحيرة بعد نبيها لو كنتم قدمتم من قدم الله وأخرتم من أخر الله وجعلتم الولاية حيث جعلها الله.. ما اختلف اثنان في حكم الله ولا تنازعت الأمة في شيء من أمر الله، الا عندنا علمه –اي علم حكم الله- من كتاب الله"

والحديث الثالث مروي عن الامام الباقر –عليه السلام- قال: "الحكم حكمان: حكم الله وحكم الجاهلية وقد قال الله عزوجل "وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ "". (سورة المائدة الآية ٥۰)

اما الحديث الرابع فهو المروي عن الامام جعفر الصادق –عليه السلام- قال:

"الحكم حكمان: حكم الله وحكم الجاهلية فمن أخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية".

ايها الاكارم، من التأمل في النصوص الشريفة تتضح لنا أهمية معرفة تالي القرآن لحكم الله عزوجل وأخذ هذه المعرفة من العارفين بحكم الله وهم الائمة المعصومين الذين يهدون الى الله بأمره عزوجل، فهذه المعرفة هي التي تنجي الانسان من الأخذ بحكم الجاهلية والاهواء وهو الحكم المقابل لحكم الله تبارك وتعالى؛ هذا اولاً وثانياً فان معرفة حكم في كل امر يختلف فيه الناس هو الذي يضمن للمؤمن الخروج من الحيرة الناشئة من الاختلاف في حكم الله جل جلاله وبذلك تتحقق له سلامة السير على الصراط الالهي المستقيم؛ وهذا الأمر –مستمعينا الافاضل- هو الهدف المحوري من الأخذ بشرائع دين الله عموماً، وبدون الأخذ بحكم الله من الائمة الالهيين لا يتحقق الأخذ بشرائع الدين الحقيقية.

من هنا نصل الى الننتيجة التالية وهي أن استذكار قارئ القرآن الكريم للحقيقه المتقدمه يجعله يجمع بين الأخذ بحكم الله والأخذ بشرائع دينه عزوجل من الآيات الكريمة التي يتلوها لكي يتحصن بذلك من جميع اشكال الانحراف عن الصراط المستقيم؛ وهذا المعنى تؤكده بوضوع الآية ٤۸ من سورة المائدة وهذا ما سنتناوله في الحلقة المقبلة بأذن الله.

نشكر لكم ايها الاطائب طيب الاستماع لحلقة اليوم من برنامجكم (ينابيع الرحمه)، قدمناها لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران... تقبل الله اعمالكم ودمتم بكل خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة