البث المباشر

شرح فقرة "وعلى أميرالمؤمنين وليك وخليفتك بعد رسولك"

السبت 30 أكتوبر 2021 - 18:53 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- شرح أدعية الإمام الصادق: الحلقة 52

 

بسم الله والحمدلله الذي هدانا للتعبد اليه بالتمسك بعروة هداه الوثقى وحبل نجاته المتين قرآنه الكتاب المبين وأهل بيت نبيه وحبيبه المبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وآله الطاهرين-.

السلام عليكم أخواتنا واخوتنا المستمعين ورحمة الله وبركاته، معكم بفضل الله في حلقة أخرى من هذا البرنامج، ووقفة جديدة مع الحقائق المعرفية التي يتضمنا المقطع الاخير من دعاء مولانا الامام الصادق –صلوات الله عليه- عند الفراغ من تلاوة ما تيسر من كتاب الله المجيد، حيث يقول:

"اللهم صل على محمد نبيك وصفيك ونجيك ودليلك والداعي الى سبيلك، وعلى أميرالمؤمنين وليك وخليفتك بعد رسولك، وعلى أوصيائهما المستحفظين دينك، المستودعين حقك، والمسترعين خلقك، وعليهم أجمعين السلام ورحمة الله وبركاته".

أيها الاحبة، حديثنا في الفقرة الختامية من هذا المقطع وفيها ندعو الله جل جلاله بالصلاة على الأوصياء المحمديين عرفاناً منا بحسن بلائهم في إنتهاج نهج جدهم المصطفى –صلى الله عليه وآله- في تحمل أشكال الأذى في سبيل هداية الخلق الى حقائق كتاب خالقهم وأسراره ومنارات هدايته؛ ولذلك فقد اشتملت هذه الفقرة على ذكر أربع صفات لهم –عليهم السلام- تذكرنا بدورهم الالهي هذا.

الصفة الأولى كونهم أوصياء رسول الله –صلى الله عليه وآله- الذين جعلهم الله تبارك وتعالى قواماً بتنفيذ عهدالله ورسوله وتنفيذ اهداف الرسالة المحمدية الالهية وهي الوصية العظمى التي بها صلاح البشرية وانقاذها من جميع أشكال الضلالة والجهالة والظلم والجور؛ وقد فصلنا الحديث عنها في الحلقة السابقة.

اما الصفة الثانية فهي كونهم –عليهم السلام- المستحفظين دين الله عزوجل فما هو المقصود بها؟

قال العلامة الطريحي –رضوان الله عليه- في كتاب (مجمع البحرين):

(ورد في الدعاء: اللهم صل على المستحفظين من آل محمد –صلى الله عليه وآله-، قرئت بوجهين: الأول؛ (المستحفظين) بالبناء للفاعل، والمعنى استحفظوا الامانة اي حفظوها [بجهد بليغ وحرص شديد من الاستفعال].

والوجه الثاني بالبناء للمفعول (المستحفظين)، والمعنى استحفظهم الله أياها- أي أمانة الدين الالهي..

واضاف العلامة الطريحي:

"والمراد بهم الأئمة من أهل البيت عليهم السلام لأنهم حفظوا الدين والشريعة، وروي أنهم سموا مستحفظين لانهم استحفظوا الاسم الاكبر، وهو الكتاب الذي يعلم به علم كل شيء، الذي كان من الأنبياء".

وتهدينا كثيرٌ من الأحاديث الشريفة مستمعينا الافاضل الى أن هذه الصفة تعني أن الله عزوجل استحفظ أئمة العترة المحمدية –عليهم السلام- دينه بأن اعطاهم علمه لكي يظهروه لعباده بأقوالهم وأفعالهم فيكونون لهم عوناً على طاعته وعبادته، لنتأمل معاً في الفقرات التالية من خطبة لأمير المؤمنين في الجزء الثاني من كتاب نهج البلاغة جاء فيها قوله –عليه السلام-:

"أشهد أنه تبارك تبارك وتعالى عدلٌ عدل وحكم فصل وأشهد أن محمداً –صلى الله عليه وآله- عبده ورسوله وسيد عباده... ألا وان الله جعل للخير أهلاً وللحق دعائم، وللطاعة عصماً.. وان لكم عند كل طاعة عوناً من الله يقول على الألسنة ويثبت الافئدة، فيه كفاء لمكتف وشفاء لمشتف، واعلموا ان عبادالله المستحفظين علمه يصونون مصونه ويفجرون عيونه، يتواصلون بالولاية ويتلاقون بالمحبة ويتساقون بكأس رويه ويصدرون بريه، لاتشوبهم الريبة ولا تسرع فيهم الغيبة على ذلك عقد خلقهم وأخلاقهم فعليه يتحابون وبه يتواصلون".

مستمعينا الافاضل، وتحت عنوان (صفة المستحفظين لدين الله) نقرأ في الجزء الثاني من كتاب ميزان الحكمة قول رسول الله –صلى الله عليه وآله-:

"لا يقوم بدين الله الا من حاطه بجميع جوانبه... ان دين الله تعالى لن ينصره الا من حاطه من جميع جوانبه".

ونقرأ فيه أيضاً قول الامام علي –عليه السلام-:

"انما المستحفظون لدين الله هم الذين اقاموا الدين ونصروه، وحاطوه من جميع جوانبه وحفظوه على عباد الله ورعوه".

ونقرأ في كتاب (البصائر) ضمن حديث عن الإمام الصادق قوله –عليه السلام- بشأن الأوصياء:

"وإنما سماهم الله المستحفظين لأنهم أستحفظوا الاسم الاكبر وهو الكتاب الذي يعلم به كل شيء الذي كان مع الأنبياء –صلوات الله عليهم- يقول الله تعالى {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان}، فالكتاب الاسم الأكبر... فلم تزل الوصية يوصيها عالمٌ بعد عالم حتى دفعوها الى محمد –صلى الله عليه وآله- ثم اتاه جبرئيل فقال له: انك قضيت نبوتك واستكملت ايامك فاجعل الاسم الاكبر وميراث العلم وآثار النبوة عند علي، فأني لا أترك الأرض الا وفيها عالم تعرف به طاعتي وولايتي ..".

وعلى ضوء ما تقدم نفهم أن من آداب تلاوة القرآن الكريم شكر الذين استحفظم الله علم كتابه لكي يهدوا عباده اليه ويعينوهم على عبادته وطاعته ويدخلوهم في ولايته عزوجل، وبالتالي أخذ علم القرآن منهم –عليهم السلام-.

وبهذا ننهي احباءنا حلقة اليوم من برنامجكم (ينابيع الرحمة) استمعتم لها من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران شكراً لكم وفي امان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة