البث المباشر

شرح فقرة: "وكتابك الناطق على لسان رسولك"

السبت 30 أكتوبر 2021 - 19:11 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- شرح أدعية الإمام الصادق: الحلقة 11

 

بسم الله والحمدلله الذي أنعم علينا بمعرفة والتمسك بعروته الوثقى وحبله المتين، قرآنه الكريم وأهل بيت سيد الكائنات الصادق الامين –صلوات الله عليه وآله الطيبين الطاهرين.

سلام من الله اعزاءنا ورحمة منه وبركات، لكم منا أطيب تحية نحييكم بها ونحن نلتقيكم بتوفيق الله في حلقة جديدة من برنامجكم هذا نستنير فيه بفقرة اخرى من الدعاء المستحب التوجه به الى الله عزوجل قبل تلاوة ما تيسر من كتابه العزيز، يقول مولانا الامام الصادق –عليه السلام- في المقطع الاول من هذا الدعاء المبارك:

"بسم الله، اللهم اني أشهد أن هذا كتابك المنزل من عندك على رسولك محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله، وكتابك الناطق على لسان رسولك وفيه حكمك وشرائع دينك أنزلته على نبيك وجعلته عهداً منك الى خلقك وحبلاً متصلاً فيما بينك وبين عبادك".

مستمعينا الافاضل، انتهى بنا الحديث الى فقرة "وكتابك الناطق على لسان رسولك"، فما الذي نستفيده منها؟

للإجابة عن هذا السؤال نقول أولاً، ان هذه الفقرة هي جزء من الشهادة التي يعلمنا مولانا ناشر السنة المحمدية النقية الامام الصادق –عليه السلام- ان نشهد بها في محضر الله تبارك وتعالى قبل أن نشرع في تلاوة ما تيسر من كتابه المجيد.

والشهادة بذلك تذكير لقارئ القرآن بالحقائق المحورية التي يجب أن يستحضرها ويرسخها في قلبه لكي تعينه على ان تكون تلاوته بالصورة الحسنى التي يحصل بها على بركات المأدبة القرآنية الكريمة؛ من هنا فإن معرفة معنى وصف القرآن بانه كتاب الله الناطق على لسان رسوله –صلى الله عليه وآله- من اهم ما يوصل قارئ القرآن للفوز ببركاته.

والى جانب هذه الاشارة نلاحظ أن هذه العبارة تشتمل على تعريف القرآن بوصف ثان بعد وصفه بانه المنزل على رسول الله هذا الوصف يقول بأن هذا الكتاب (ينطق) على لسانه –صلى الله عليه وآله-، فكيف يكون ذلك؟ وما معناه؟

أيها الاخوة والاخوات، للإجابة عن السؤال المتقدم نرجع الى باب مدينة العلم النبوية الوصي علي المرتضى –عليه السلام- فنجده يصف القرآن نفسه بالناطق فيقول مثلاً كما في الجزء الثاني من نهج البلاغة:

"ان الله بعث رسولاً هادياً بكتاب ناطق وامر قائم لا يهلك عنه الاهالك"

وقال –عليه السلام- أيضاً في خطبة اخرى:

"وكتاب الله بين اظهركم ناطقٌ لا يعيى لسانه"

بل ويأمر –عليه السلام- في خطبة رواها الشيخ الكليني في كتاب الكافي بأستنطاق القرآن مع تاكيده بأن القرآن "لن ينطلق لكم"، قال –عليه السلام- متحدثاً عن سيد المرسلين- صلى الله عليه وآله-:

"فجاءهم بنسخة ما في الصحف الاولى وتصديق الذي بين يديه وتفصيل الحلال من ريب الحرام، ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق لكم، اخبركم عنه ان فيه علم ما مضى وعلم ما يأتي الى يوم القيامة، وحكم ما بينكم وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون، فلو سألتموني عنه لعلمتكم".

ونقرأ في نهج البلاغة قوله من خطبة في فتنة التحكيم في واقعة صفين:

(انا لم نحكم الرجال وانما حكمنا القرآن، وهذا القرآن انما هو خطٌ مسطورٌ بين الدفتين لا ينطق بلسان ولابد له من ترجمان، وانما ينطق عنه الرجال، ولما دعانا القوم الى نحكم بيننا القرآن، لم نكن الفريق المتولي عن القرآن كتاب الله تعالى وقد قال الله سبحانه "فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ"

فرده الى الله ان نحكم بكتابه، ورده الى الرسول أن ناخذ بسنته، فاذا حكم بالصدق في كتاب الله فنحن احق الناس به، وان حكم بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله فنحن اولاهم به.

هذه ايها الاحبة النصوص التي تشتمل على اجابة سؤالنا المتقدم، فما الذي نستفيده منها؟

مستمعينا الافاضل النصوص الشريفة التي قرأناها لكم تؤكد الحقائق التالية:

أولاً: ان القرآن الكريم كتاب ناطقٌ وينبغي للمؤمن الساعي للانتفاع من مائدته الكريمة أن يستنطقه، أي ان يسعى لمعرفة مغزى آياته الكريمة وما تريد دعوة الانسان اليه.

ثانياً: ان القرآن الكريم لا ينطق لاي قارئ له، أي لن يحدثه بكل ما تختزنه ظواهر آياته الكريمة من حقائق مكنونة.

ثالثاً: لذلك لابد من الرجوع الى ترجمان له ولكن ليس لكي يبين المعاني اللغوية لالفاظه، فهذا ما يعرفه كل عارف بالعربية فالقرآن نزل بلسان عربي مبين. إذن فما يقوله الذي ينطق به هو حقائق القرآن المكنونة التي لا يمسها الا المطهرون اولاً وثانيا بيان المصداق الحقيقي حتى لظواهر آياته التي يختلف في فهمها الناس.

والناطق بذلك هو بالدرجة الاولى النبي الأكرم فهو –صلى الله عليه وآله- الذي نزل عليه القرآن فكتاب الله ينطق بهذا المعنى على لسانه بالاصالة وعلى لسان ورثة علوم مدينته المعصومين وهو أهل بيته الطاهرين –صلوات الله عليهم أجمعين-.

ولكن ما هي اهمية معرفة هذه الحقيقة لمن يريد ان يتلو القرآن الكريم؟ الاجابة عن هذا السؤال ستكون محور حديثنا باذن الله في الحلقة المقبلة من برنامجكم (ينابيع الرحمه) تستمعون له من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، شكراً لكم وفي امان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة