ينقل عن الشيخ محمد صالح المازندراني الذي بلغ درجة عالية في العلم بعد أن كان افقر الطلبة وابلدهم ذهناً واقلهم استيعاباً للعلم انه قال: انني حجة الله تعالى على كل شخص يعتذر عن الدراسة وطلب العلم بسبب الفقر والبلادة. فمن ناحية الفقر كنت افتش عن لقمة خبز اسد بها رمقي ولم تكن عندي شمعة استنير بها للمطالعة ليلاً، فقد كنت اذهب الى بعض زوايا المدرسة واستضيء بنور شمعة كانت هناك وعن بلادتي فقد كنت اقرأ ولا اتذكر بعد قليل ما قرأته وكنت ادرس ولا استطيع حفظ معلومات الدرس بل كان يصعب علي فهمها واستيعابها. لقد كانت ذاكرتي من الضعف بدرجة اني اضيع الطريق الى البيت احياناً.
وعندما وصلت الى الثلاثين من عمري قررت ان امرن ذاكرتي على الحفظ بأي ثمن كان، وقد ساعدتني في ذلك زوجتي التي كانت عالمةً فاهمةً ومن عائلة نزيهة علمائية.
*******
حاز آية الله العظمى الشيخ مرتضى الانصاري (قدس سره) المرجعية العليا للشيعة في العالم كله، وكانت تصل اليه من أموال الزكاة والخمس وغيرها مبالغ كبيرة ولكنه لم يأخذ منها لشخصه شيئاً، حتى وجد المؤمنون اوضاعه المعيشية عند وفاته كما كانت عند بدء دراسته العلوم الدينية لما قدم الى النجف الاشرف اول شبابه من مدينة (دزفول) الايرانية. وكان بيته كبيت أفقر الناس في النجف. وهو المرجع الاعلى لهم.
قال له احد المؤمنين يوماً: ايها الشيخ، انك تبذل جهداً عظيماً، وبيدك مثل هذه الاموال، وانت لا تصرف منها شيئاً في شؤونك الشخصية!
فقال له الشيخ متواضعاً: «اي جهد يا هذا! ليس ما أقوم به شيئاً عظيماً».
*******
قال المرحوم المحدث السيد نعمة الله الجزائري تشرفت بزيارة المرحوم السيد علي خان وكان من اعاظم العلماء الصالحين فرأيت الشيب قد علا كريمته كلها، فسألته: لم لا تخضبها قال: اردت كتابة تفسير للقران الحكيم، فاستخرت الله تعالى بكتابته، فظهرت الآية الشريفة «وان له عندنا لزلفى وحسن مآب».
فعلمت ان اجلي قريب، فبدأت بكتابة تفسير موجز للقرآن، وتركت الخضاب، كي الاقي الله تعالى بلحية بيضاء.
وهكذا حصل، فبعد عام واحد انتقل السيد الى رحمة الله الواسعة.
وحقاً ما قال الشاعر:
اذا هبت رياحك فاغتنمها
فعقبى كل خافقه سكون
ولا تغفل عن الاحسان فيها
ولا تدري السكون متى يكون
*******