درس العلامة الشهيد السيد عارف حسين الحسيني في حوزة النجف الاشرف من عام 1364 الى 1393هـ وسافر منها الى حوزة قم المقدسة، ثم عاد الى وطنه باكستان. عرف في مسيرته العلمية والجهادية بصفات فاضلة كثيرة كالعبودية لله والتهجد آناء الليل والبكاء من خشية الله، والولاء لأهل البيت (عليهم السلام) وحبه الشديد للحسين الشهيد سبط النبي محمد (صلى الله عليه وآله) وكانت له اخلاق حميدة اشتهر بها بين من عرفوه وعاشروه، كان شجاعاً وصبوراً، واعياً وخدوماً، كثير التفكير في معاناة الناس وشديد الاهتمام بقضاياهم.
يقول استاذه آية الله حرم بناهي: وجدت فيه استعداداً علمياً في علم الفقه والاصول يمكنه بسهولة ان يبلغ درجة الاجتهاد ويصبح مرجعاً للتقليد. لذلك قلت له: ابق في الحوزة وواصل دراستك فإني ارى لك مستقبلاً مرجعياً عالياً، لان باكستان ليس فيها مرجع تقليد.
ولكن العلامة السيد عارف حسين كان شديد الود لخدمة الناس، ورفع ظلامة المحرومين في باكستان، قال لاستاذه: انا اشعر بالمسؤولية، ولقد تبينت لي وظيفتي الشرعية، فلا استطيع ان ابقى هنا.
فهاجر من الحوزة العلمية الى ساحة العطاء، ليقول للآخرين ان المجتمع يحتاج الى علماء متصدين ميدانيين كالاطباء الدوارين بين الناس بطبهم، وليس كل الحلول في ان يصبح الجميع مجتهدين وخاصة اذا كان الاجتهاد في واد غير واد الناس وبعيداً عن حاجاتهم الفعلية ! ثم ان المطلوب ان تكمل الادوار بعضها بعضاً دائماً.
*******
المرحوم المقدس الكاظمي، واحد من العلماء الزاهدين الذين تجردت قلوبهم عن حب الدنيا والانخداع بزينتها.
لقد زاره احد العلماء الايرانيين بطلب من الملك الايراني في النجف الاشرف، ولما دخل عليه في بيته المتواضع تأثر من ضيق معيشته.
وكان قد رحب به المقدس الكاظمي ولكنه لما اطال الجلوس قال له: ان زيارتك لي امر مستحب سبب للثواب ان شاء الله الا انها مقترنة مع جلوس زوجتي واطفالي تحت حرارة الشمس الحارقة في ساحة البيت اذ ليست عندنا سوى هذه الحجرة التي نحن جالسون فيها الان، لذلك فإني اخشى ان تقع في امر محرم من اجل امر مستحب!
فاختصر الزائر جلوسه من غير زعل ثم ودع المقدس الكاظمي وقلبه يعتصر الماً على فقره وهو بهذه المكانة من العلم والتقوى. وحينما عاد الى ايران. سأله الملك: ماذا أتيت لنا من هدية العتبات المقدسة؟
فقال العالم: اتيت لك بقصة عالم كبير هذه معيشته، فنقل القصة الى الملك.
فأرسل الملك مالاً كثيراً الى المقدس الكاظمي. ولكنه رفض ان يستلم المال فكلما اصر عليه الرسول اصر الكاظمي على عدم القبول، فسأله الكاظمي عن قصة المال؟
قال الرسول: ان العالم الذي زارك نقل الى الملك وضعك المالي فأهدى اليك الملك هذه الأموال.
هنا اجهش المقدس الكاظمي بالبكاء واكد عدم قبوله للمال مرة اخرى. فرجع الرسول مع الاموال الى ايران بعد ذلك سئل الكاظمي عن سبب بكائه ورفضه لهدية الملك؟
فقال: ان علم الملك بحالي وارساله هذه الاموال يكشف لي اني مرتكب معصية ما، معصية سببت لي ان يسجل اسمي في ديوان الظالمين.
*******