البث المباشر

أبرز خصائص مجالس أئمة الطاهرة (عليهم السلام) في الرثاء الحسيني

الأحد 23 يونيو 2019 - 10:04 بتوقيت طهران

دعاني .. فوجدي لا يسلّيه لائمه

ولكن عسي يشفيه بالدمع ساجمه

فما كلّ خطب يحمد الصبر عنـده

ولا كلّ وجد يكسب الأجر كاتمه

غداة أبو السجّاد قام مشمّـراً

لتشييد دين الله إذ جدّ هادمـه

فقام مغيثاً شرعة الدّين شبل من

بصمصامه بدءاً أقيمت دعائمـه

إلي أن أعاد الدّين غضّا ولم يكن

بغير دماء السّبط تسقي معالمه

فإن يك "إسماعيل" أسلم نفسه

إلي الذّبح في حجر الذي هو راحمه

فعاد ذبيح الله حقّاً ولم يـكن

تصافحه بيض الظّبي وتسالـمه

فإنّ حسيناً أسلم النّفس صابراً

علي الذّبح في سيف الذي هو ظالمه

ومن دون دين الله جاد بنفسه

وكلّ نفيس .. كي تشاد دعائمه

فإن يمس فوق التّرب عريان لم تقم

له مأتماً تبكيه فيـه محـارمه

فأيّ حشيً لم يمس قبراً لجسمه

وفي أي قلب ما أقيمت مآتمه

وهب دم يحيي قد غلا قبل في الثـَّري

فإن حسيناً في القلوب غلا دمـه

وإن قرّ مذ دعا "بخت نصّر

"بثارات يحيي واستردّت مظالمه

فليست دماء السّبط تهدأ قبل أن

يقوم بإذن الله للثار "قائمه"

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أعظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (سلام الله عليه)، الذي أفجعت مصيبته العوالم كلّها، من قبل ومن بعد، حتّي أقيمت له المآتم قبل ولادته بزمن طويل كما تقدم الحديث عن ذلك في الحلقات السابقة، فرأينا أن سنة رسول الله (صلي الله عليه وآله) قد جرت علي تأبين الحسين (عليه السلام) قبل ولادته وبعدها في مناسبات كثيرة.

*******

وقد التزم بهذه السنة أئمة عترته الطاهرة (عليهم السلام) وإمتازت مجالسهم بخصائص عدة يحدثنا عن ابرزها ضيف هذا اللقاء من برنامج تأريخ المجالس الحسينية سماحة السيد كامل الهاشمي الباحث الاسلامي من البحرين:
السيد كامل الهاشمي: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واهل بيته الطيبين الطاهرين.
الذي نعرفه من تاريخ ائمتنا عليهم افضل الصلاة والسلام انهم مباشرة بدأوا بعد مقتل الحسين (عليه السلام) بدأوا بأقامة مجالس العزاء والتي بطبيعة الحال بدأت كما يبدأ اي مشروع واي فكرة ربما بداية بسيطة بأنها بداية تلت الحدث التاريخي المهم الذي زلزل كيان الامة الاسلامية وهو مقتل ابي عبد الله الحسين عليه افضل الصلاة والسلام ولكن سرعان ما تطورت هذه المجالس وبدأت تأخذ سياقاً متميزاً في المشروع الاسلامي برمته كما المساجد التي كان لها الدور من قبل المآتم في بناء العلاقة العمودية بين الخالق والمخلوق جاءت المآتم لكي تكمل الفراغ الوجودي والتكويني والانساني في علاقة الانسان بأخيه الانسان ولكي دائماً تقوم بدور النقد اتجاه الاخطاء والممارسات الاجتماعية والسياسية ومن ذلك الحين حصل تطور سريع ومتتالي في حركة المجالس التي ارتبطت بالظاهرة الحسينية، الظاهرة الاعم يعني هذه الظاهرة وهذه القضية بدأت تفرز عدة معطيات في واقع الساحة الاسلامية، من اهم تلك المعطيات هي مجالس ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) وهي المجالس التي يتم فيها استذكار فاجعة الطف وماجرى على الحسين واهل بيته (عليهم السلام) وهذا طبعاً بشكل مختصر جداً ولايمكننا ان نتحدث عن كل القضايا والتطورات والتغيرات التي طرأت على المجالس الحسينية لأننا امام رحلة تمتد الى اكثر من الف عام في هذا السياق، في العصر الحديث ايضاً المجالس الحسينية شهدت شيء من البروز ومن التنظيم الاكثر بحكم تطور وسائل الاتصال بين البشر والى حد اليوم طبعاً يمكننا ان نعد المجالس الحسينية ظاهرة بارزة لاتنفك عن مسار مذهب اهل البيت (عليهم السلام) وعن مسار مذهب التشيع والدور الكبير في ابقاء الحالة الايمانية والحالة النقدية اتجاه الحكم واتجاه السلطة واتجاه الاخطاء الاجتماعية في نفسية الانسان المسلم بل ربما بدأنا نشاهد في عصرنا الراهن الكثير من غير الشيعة حتى بدأوا يقتنعون بضرورة هذه المجالس كونها اثرت تأثيراً متميزاً في الوجود الشيعي بحيث هذا الوجود بقي على الدوام صاحياً ويقظاً ومتنبهاً وفاعلاً ومؤثراً بخلاف الوجودات الاسلامية الاخرى التي ابتعد عن الاحتفاء بالثورة الحسينية لذلك اصيبت بالجمود لذلك المجالس تبقى وستظل تعطي ثمارها الايجابية في حياة كافة المسلمين وبالاخص الشيعة وايضاً ما ينبغي ان يراعى في هذه المجالس هو صلتها بالحدث الاساس الذي انطلقت في ضمنه وفي ظرفه وهو الثورة الحسينية الملهمة والمغيرة والثورة التي اخذت هذا الموقع الكبير في حياتنا ان تحاول المجالس الحسينية والخطباء الذين يقومون بدور متميز في هذه المجالس (جزاهم الله خيراً) الا يغفلوا ولا للحظة واحدة عن ان المجلس الحسيني ينبغي ان يكون صدى حقيقي للثورة الحسينية العظمى.

*******

نتابع تقديم حلقة اخرى من حلقات برنامج تأريخ المجالس الحسينية، فنشير الي مارواه علماء الفريقين من أحاديث بشأن قضية تعبر عن عظمة الإهتمام الإلهي بالمصاب الحسيني وفداء النبي (صلي الله عليه وآله) ولده ابراهيم للحسين عليهما السلام وفيهما حث بليغ علي إقامة هذه المجالس يفسر إستمرار هذه المجالس عبر الأجيال. فقد أخبرتنا النصوص الشريفة أن نبي الله زكريا قد دعا الله أن يرزقه ولداً باراً يواسي بشهادته الحسين (عليه السلام).
وقد استجاب الله تبارك وتعالي دعوته، فرزقه ولداً بارّاً هو "يحيي" عليه الصلاة والسلام، فأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، فقتل علي يد ملك أمرته بغيّ من بغايا بني إسرائيل بذلك، فلبّي لها طلبها، ففار دمه وارتفع وعلا، وأخذ الناس يطرحون عليه التراب، فيعلو كأنّه علامة لغضب الله تعالي، حتي بعث الله بخت نصّر علي ذلك القوم فقتل منهم سبعين ألفاً.
روي الكنجيّ الشافعيّ في (كفاية الطالب)، والحاكم النّيسابوريّ الشافعيّ في (المستدرك علي الصحيحين)، والخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد)، والزرنديّ الحنفيّ في (نظم درر السمطين) وغيرهم كثير، عن ابن عبّاس قال: أوحي الله تعالي إلي محمد (صلّي الله عليه وآله): "إنّي قد قتلت بـ "يحيي بن زكريّا" سبعين ألفاً"، وإنّي قاتل بابن بنتك سبعين ألفاً، وسبعين ألفاً!.
وأمّا فداء رسول الله (صلّي الله عليه وآله)، فقد رواه ابن عبّاس، كما في (غاية السّؤول) للحنبليّ - علي ما في (مناقب الكاشي) -، وفي (تجهيز الجيش) للشيخ حسن بن المولويّ الدّهلويّ - نقلاً عن الخوارزميّ الحنفي من كتابه (مقتل الحسين (عليه السلام))، وفي (تاريخ بغداد) للخطيب البغداديّ الشافعي كلّهم عن ابن عبّاس الصحابيّ المعروف، أنّه قال: كنت عند النبيّ (صلي الله عليه وآله) وعلي فخذه الأيسر ابنه (إبراهيم) وعلي فخذه الأيمن الحسين بن عليّ، تارة يقبّل هذا، وتارةً يقبّل هذا، إذ هبط عليه جبريل بوحي من ربّ العالمين.
فلما سري عنه قال (صلي الله عليه وآله): أتاني جبريل من ربّي.
فقال لي: يا محمّد، إنّ ربّك يقرأ عليك السلام ويقول لك: لست أجمعها لك، فافر أحدهما بصاحبه.
فنظر النبيّ (صلي الله عليه وآله) إلي ابراهيم فبكي، ونظر إلي الحسين فبكي، ثمّ قال: أمّ الحسين فاطمة، وأبوه عليّ ابن عمّي لحمي ودمي، ومتي مات حزنت ابنتي وحزن ابن عمّي، وحزنت أنا عليه وأنا أوثر حزني علي حزنهما. يا جبريل تقبض إبراهيم، فديته بإبراهيم.
قال ابن عبّاس: فقبض إبراهيم بعد ثلاث، فكان النبيّ (صلي الله عليه وآله) إذا رأي الحسين مقبلاً قبّله وضمّه إلي صدره، ورشف ثناياه وقال: فديت من فديته بابني إبراهيم.
أي أنا فداء للذي فديته من قبل بابني إبراهيم، هذه هي محبّة الحسين في قلب رسول الله (صلي الله عليه وآله)، فما لمحبّي الحسين والباكين عليه، والزائرين لقبره والمقيمين المآتم عليه، مالهم من النبيّ (صلي الله عليه وآله)؟
يوم نظر (صلي الله عليه وآله) إلي أهل بيته وبكي، سأله الحسين (عليه السلام): يا أبه ما يبكيك؟
قال: يا بنيّ، إنّي نظرت إليكم فسررت بكم سروراً لم أسرّ بكم مثله قطّ، فهبط إليّ جبرئيل فأخبرني أنّكم قتلي، وأنّ مصارعكم شتّي، فحمدت الله علي ذلك، وسألته لكم الخيرة.
فسأله الحسين: يا أبه، فمن يزور قبورنا ويتعاهدها علي تشتّتها؟
فأجابه (صلي الله عليه وآله): طوائف من أمّتي، يريدون بذلك برّي وصلتي، أتعاهدهم في الموقف، وآخذ بأعضادهم فأنجيهم من أهواله وشدائده.
ونظائر هذه النصوص كثيرة في الكتب المعتبرة عند مختلف المذاهب الإسلامية وهي تبين حقيقة أن قضية سيد الشهداء (عليه السلام) وإقامة مجالسه تمثل حلقة محورية في سيرة أولياء الله عزوجل لهداية العباد الي الله جل جلاله وحفظ شرعه المقدس.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة