السلام عليك أيها السيد الزكي الطاهر الحسني يا مولاي يا أحمد بن موسى ورحمة الله وبركاته.
أشهد أنك قلت حقاً ونطقت صدقاً ودعوت الى مولاي ومولاك علانية وسراً فاز متبعك ونجى مصدقك وخاب وخسر مكذبك والمتخلف عنك.
أشهد لي بهذه الشهادة لأكون من الفائزين بمعرفتك وطاعتك وتصديقك واتباعك.
بسم الله الرحمن الرحيم وبه عزوجل نستعين..
أحبة الحق سلام من الله عليكم ورحمة وبركات نحييكم بأطيب تحية ونحن نلتقيكم في برنامج (أعلام الهدى) في لقائه الخاصة بتكريم وتجليل الثائر الرضوي الشهيد السيد الطاهر أحمد بن الإمام موسى الكاظم (ع) وقد خصص له اليوم السادس من شهر ذي القعدة متوسطاً عشرة الكرامة التي تمتد بين يومي الأول إلى الحادي عشر من هذا الشهر المبارك، حيث ذكرى ولادة مولاه وأخوه الرضا وأخته السيدة فاطمة المعصومة عليهم جميعاً صلوات الله.
السيد الجليل أحمد، والده الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام سابع أئمة الهدى الإمام الكاظم هو أحد أعلام الهداية الربانية في دنيا الإسلام وشمس من شموس المعرفة في دنيا البشرية التي لازالت تشع نوراً وبهاءً في هذا الوجود.
والده (ع) من العترة الطاهرة التي قرنهم الرسول الأكرم محمد (ص) بمحكم التنزيل إذ جعلهم الله قدوة لأولي الألباب وسفناً للنجاة وأمناً للعباد وأركاناً للبلاد.
أجل.. أبوه غصن من شجرة النبوة الباسقة والدوحة العلوية اليانعة ومحط علم الرسول (ص) وباب من أبواب الوحي والإيمان ومعدن من معادن علم الباري عزوجل.
أما أمه فهي السيدة الطاهرة (أم أحمد) ويكفي في بيان عظيم منزلتها ما روي أن زوجها سابع أئمة اهل البيت عليهم السلام، كان شديد التلطف بها، ولما توجه الإمام الكاظم (ع) من المدينة إلى بغداد أودعها ودائع الإمامة وقال لها ما مؤداه: كل من جاءك وطلب منك هذه الأمانة في أي وقت من الأوقات فاعلمي بأني قد استشهدت وإنه هو الخليفة من بعدي والإمام لمفترض الطاعة عليك وعلى سائر الناس.
ولما سمّ الإمام الكاظم (ع) في بغداد، جاء إليها الإمام الرضا (ع) وطالبها بهذه الودائع فعلمت باستشهاد والده وأنه خليفته، فبايعته بالإمامة وسلمته أمانة والده الإمام الكاظم (عليهما السلام).
فلما شاع خبر استشهاد الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام في المدينة اجتمع أهلها على باب أم أحمد وسار أحمد معهم الى المسجد، ولما كان عليه من الجلالة ووفور العبادة ونشر الشرائع وظهور الكرامات، ظنوا بأنه الخليفة والإمام بعد أبيه فبايعوه بالإمامة، فأخذ منهم البيعة ثم صعد المنبر وأنشأ خطبته في نهاية البلاغة وكمال الفصاحة ثم قال مامضمونه: أيها الناس كما أنكم جميعاً في بيعتي فإني في بيعتة أخي علي بن موسى الرضا، واعلموا أنه الإمام والخليفة من بعد أبي، وهو ولي الله والفرض علي وعليكم من الله ورسوله طاعته بكل ما يأمرنا.
فخرجوا من المسجد يقدمهم أحمد بن الإمام موسى الكاظم (ع) وحضروا باب دار الإمام الرضا (ع) فجددوا معه البيعة، فدعا له الإمام شمس الشموس، وكان السيد أحمد في خدمة أخيه الإمام الرؤوف الرضا (صلوات الله عليه) إلى أن رحّل عن مدينة جده المصطفى (صلى الله عليه وأله) في محنة ولاية العهد الشهيرة.
أعزاءنا المستمعين، في الدقائق التالية يحدثنا ضيفنا الكريم سماحة السيد عبد السلام زين العابدين عن قبسة من منزلة السيد الطاهر أحمد بن موسى وخصوصياته الأخلاقية، فلنستمع لحديثه:
زين العابدين: بسم الله الرحمن الرحيم. كان هو من الثوار المجاهدين وهو احمد بن الامام موسى الكاظم عليه السلام بن الامام الصادق بن الامام محمد الباقر بن الامام زين العابدين بن الامام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. اذن هذا هو نسله العظيم الشريف وهو من الذين كانوا يعرفون بالثورة ضد الطغاة في زمانهم، ضد الحاكم العباسي لاسيما حين سمع بغدر المأمون لأخيه الامام الرضا حيث ثار بوجه هؤلاء الطغاة وذهب من المدينة بعضهم قال الى بغداد مع أخيه محمد العابد. الشيخ المفيد يقول كان احمد بن موسى كريماً جليلاً ورعاً وكان أبوه أبو الحسن موسى عليه السلام يحبه ويقدم له ووهب له ضيعته. يقال إن احمد بن موسة اعتق ألف مملوك، من صفاته كان يعمل ويشتغل من اجل أن يحرر الناس "فك رقبة فما إقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة" كان يجسد هذه الآية بفك الرقاب. هذه من العقبات النفسية الكبيرة، الانسان يبذل اموالاً من اجل أن يحرر الآخرين. كما تعلمون كان الرق متوفراً وموجوداً لكن الاسلام حاول أن يقضي على الرق من خلال وسائل شتى منها العتق بدفع الأموال فكان احمد بن موسى الكاظم عليه السلام المسمى بشاه جراغ يعني الملك المضيء او الملك المنير. قلنا اعتق ألف مملوك، قدم الى شيراز وهناك إصطدم مع السلطة الجائرة في وقعة دامية وقتل هناك في شيراز في زمن المأمون العباسي وبقي قبره مخفياً الى أن ظهر في عهد الأمير مسعود بن بدر فبنى عليه بناءاً. يروى أنه كان قبره كما هو صحيحاً بعد عشرات السنين جثته كانت طرية ولم تتغير في شيء وعليه جامة سابغة وفي يده خاتم نقش عليه العزة لله احمد بن موسى فعرفوه بذلك وكان بعد عشرات السنين كانت جثته في قبره طرية. اذن هو من الثوار، كان ورعاً. بعد وفاة أبيه الامام الكاظم عليه السلام إجتمع الناس على باب داره وأخذوا ينادون بإمامته ومبايعته إلا أنه صعد المنبر ورفض أن تكون له البيعة وخاطب الناس بأن الامام هو علي بن موسى الرضا وهو الخليفة والامام من بعد أبيه. فهذا يدل دلالة واضحة على ورعه وتقواه حينما جاء الناس يبايعوه رفض ذلك وكان وفياً بوصيته أبيه الامام موسى الكاظم عليه السلام. الآن قبره مزار كبير في شيراز والمنطقة تعرف بشاه جراغ وشاه تعني الملك وجراغ يعني المضيء او المنير. كان رضوان الله تعالى عليه مجاهداً ثار ضد الطغاة والظالمين والجائرين حتى قتل. هناك اخوه محمد العادل والد ابراهيم المجاب قبره كذلك في شيراز، هؤلاء الثوار من أهل البيت عليهم السلام يأم الناس اليه خلال السنة لزيارته ويقفوا أمام قبره وضريحه ليستلهموا العبر والدروس والثورة ضد الطغاة والظالمين والجائرين.
نتقدم بالشكر الجزيل لسماحة السيد عبد السلام زيد العابدين الباحث الاسلامي من مدينة قم المقدسة على هذه المساهمة الطيبة ونشكر لكم مستمعينا الكرام جميل المتابعة لبرنامج اعلام الهدى من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران في حلقته الخاصة بالسادس من ذي القعدة يوم تكريم السيد الطاهر والسائر الرضوي احمد بن موسى الكاظم صلوات الله تعالى عليه.
مستمعينا الأكارم، أجمع المؤرخون على سمو منزلة هذا السيد العلوي الجليل، فقد قال عنه الشيخ المفيد في كتابه الإرشاد:
(وكان أحمد بن موسى كريماً جليلاً وورعاً، وكان أبوالحسن موسى (عليه السلام) يحبه ويقدمه).
وجاء في كتاب أعيان الشيعة ضمن ترجمته (عليه السلام):
(وقد أعتق ألف مملوك وكان عزيزاً جليلاً عظيم المنزلة، روى عن أبيه وآبائه أحاديث كثيرة..)
ونظائر هذه العبارات كثيرة تبين لنا اجتهاد هذا السيد الطاهر في خدمة الثقلين، القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، ونشر معارفهما بين المسلمين.
ويستفاد من عدة من المصادر التأريخية بأنه (عليه السلام) كان أول من طالب بالثأر للإمام الرضا (عليه السلام) بعد وصول نبأ استشهاده على يد المأمون العباسي وذلك بعد أن خرج الى خراسان للإلتحاق بأخيه (عليهما السلام).
وجاء في الروايات أنه لما سمع بمقدمه قتلغ خان، عامل المأمون على شيراز، توجه اليه خارج البلد في مكان يقال له: خان زينان، على مسافة من شيراز فتلاقى الفريقان ووقع الحرب بينهما، فنادى رجل من أصحاب قتلغ إن كان تريدون ثمة الوصول الى الرضا (ع) فقد مات، فحينما سمع أصحاب السيد أحمد بن الإمام الكاظم (ع) ذلك تفرقوا عنه ولم يبق معه إلا بعض عشيرته وإخوته، فقاتلوا طلباً لثأر الإمام الرضا (ع) حتى استشهدوا جميعاً، ودفن السيد أحمد حيث مرقده الطاهر هناك، ولم يطلع على مرقده أحد الى زمان الأمير مقرب الدين مسعود بن بدر الدين، الذي كان من الوزراء المقربين لأتابك بن سعد بن زنكي، فإنه لما عزم على تعمير في محل قبره، حيث هو الآن، ظهر له قبر وجسد صحيح غير متغير وفي إصبعه خاتم منقوش فيه، العزة لله، وفيه مقوش أيضاً اسم أحمد بن موسى (ع) فشرحوا الحال الى أتابك، فبنى عليه قبة هناك.
وقد أصبح هذا المرقد الشريف في ايران من أهم مزارات أهل البيت (عليهم السلام) بعد مزاري أخيه الإمام الرضا وأخته فاطمة المعصومة (عليهما السلام) لما أظهر الله عزوجل فيه من كرامات استجابة دعوات الداعين وقضاء حوائج المتوسلين به (عليه السلام) الى الله عزوجل، فسلام عليه يوم ولد مباركاً وعاش حميداً واستشهد سعيداً.
نشكركم أيها الأخوة والأخوات على هذه المتابعة الكريمة لهذه الحلقة من برنامج أعلام الهدى والتي تحدثنا فيها عن الشخصية المكرمة أحمد بن الإمام موسى الكاظم (ع) المشهور بشاهجراغ ونستودعكم الباري سبحانه والى اللقاء.