البث المباشر

أبعاد فقدان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم

الثلاثاء 28 مايو 2019 - 10:13 بتوقيت طهران

نعته إلى علياه علياء نفسه

وعزاً به التوحيد كل موحد

ومزقت الدنيا عليه فؤادها

وشق عليه الدهر جيب التجلد

وعين الهدى لم ترق دمعتها أسىً

عليه ولا زالت بجفن مسهّد


بسم الله الرحمن الرحيم..
والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين حبيب إله العالمين محمد المصطفى وآله الأكرمين.
مستمعينا.. مستمعاتنا.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أعظم التعازي نقدمها لحضراتكم بذكرى رحيل أشفق الناس على الخلائق أجمعين الصادق الأمين (ص) وكذلك ذكرى استشهاد سبطه سيد شباب أهل الجنة ثاني أئمة الهدى الإمام الحسن المجتبى صلوات ربي عليه، وبهذه المناسبتين الأليمتين نقدم لكم إخوة الإيمان هذه الحلقة الخاصة من برنامج أعلام الهدى.
لقد دعا نبي الهدى والرحمة الإلهية، العالم كافة إلى الإيمان بالله الواحد الأحد وعبادته جل شأنه وترك عبادة الأوثان والأصنام التي لا تضر ولا تنفع ولا تعقل ولا تسمع متمماً صلوات الله عليه لمكارم الأخلاق حاثاً على محاسن الصفات آمراً بكل حسن ناهياً عن كل قبيح متحملاً أشد الصعاب في سبيل تبليغ رسالات ربه حتى أكملها لتكون مناراً لهداية العالمين إلى يوم القيامة، وقد قاسى – صلى الله عليه وآله – أشد الآلام من سموم عدة دستها له أيدي أعداء الله، فرحل وهو يعلم بما ستقاسيه من بعده عترته الطاهرة – عليهم السلام – من أهل الجفاء والأحقاد، فعظمت مصيبته في العالمين وهو يتحملها ويوصي أهل بيته بتحملها إبتغاء مرضاة الله رب العالمين.
أقبلت السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وهي تجر أذيال الحزن وتتطلع إلى أبيها رسول الله (ص) وهو على وشك الإلتحاق بربه الكريم فجلست عنده منكسرة القلب دامعة العين وهي تردد:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للأرامل


وفي هذه اللحضات الكئيبة فتح النبي (ص) عينيه وقال بصوت خافت: يا بنية هذا قول عمك أبي طالب وأومأ إلى بضعته الزهراء (عليها السلام) أن تدنو منه ليحدثها فأنحنت عليه فسارها بشيء فبكت ثم سارها ثانية فضحكت فسألوها عن سر ذلك فقالت: "ما كنت لأفشي سر رسول الله (ص)" وحينما سألت عن هذا بعد رحيل المصطفى (ص) قالت: أخبرني رسول الله (ص) أنه قد حضر أجله وأنه يقبض في وجعه هذا، فبكيت ثم أخبرني أني أول أهله لحوقاً به فضحكت.
أما أميرالمؤمنين علي فلازم الرسول (ص) ملازمة ذي الظل لظله حتى آخر لحظات حياته الشريفة والنبي يوصيه ويعلمه ويضع سره عنده.. وفي الساعة الأخيرة قال رسول الله (ص): أدعوا لي أخي وكان (ص) قد بعثه في حاجة فجاءه الأمير فقال له: أدن مني.. فدنا منه فاستند إليه فلم يزل مستنداً إليه يكلمه حتى بدت عليه علامات الإحتضار، فرحل ذو الخلق العظيم (ص) في حجر وصيه وخليفته من بعده الإمام علي (ع) وهذا ما صرح به أسد الله في إحدى خطبه الشهيرة وهي الخطبة ۱۹۷ في نهج البلاغة.
أجل.. لم يكن حول طه الأمين (ص) في اللحضات الأخيرة إلا وزيره الإمام علي وأهل بيته – عليه وعليهم السلام – وقد علم الناس برحيله إلى الرب الرحيم من الضجيج والصراخ الذي علا من بيت الرسول (ص) حزناً على فراق الحبيب، وخفقت القلوب هلعة لرحيل أشرف المخلوقات ودخل الناس في حزن وذهول رغم أنه (ص) كان قد مهد لذلك ونعى نفسه الشريفة عدة مرات وأوصى الأمة بما يلزمها من طاعة وليها وخليفته من بعده أخيه وابن عمه علي بن أبي طالب (ع).
أيها الإخوة والأخوات، في الدقائق التالية يشاركنا ضيفنا الكريم سماحة الشيخ عقيل زين الدين الباحث الإسلامي من لبنان، في هذا البرنامج التأبيني من خلال توضيح جانب من أبعاد مصيبة فقدان الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله – نستمع معاً:
زين الدين: أعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم بفضل اسم بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على خير خلقه محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين
الموضوع هو عن إرتحال النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وماذا يعني ذلك المصاب للأرض وللسماء. كما نعلم أن النبي محمد صلى الله عليه وآله هو خاتم النبيين وسيد المرسلين، هو آخر علقة بين السماء والأرض يهدي الى الله تبارك وتعالى ويوصل الناس بالسماء ولانبي بعد محمد. وكانت آخر نزلات جبرئيل عليه السلام كأمين للوحي بين السماء والأرض وقلب النبي فإنقطعت تلك الرحلات ودخلنا بعد النبي محمد صلى الله عليه وآله في الفترة الفاصلة بين البعثة النبوية الأخيرة ويوم القيامة، مرحلة المهلة التي نعيشها هذه الأيام مع العلم أن لانبي بعد محمد صلى الله عليه وآله. هنا نرى كبر المسؤولية الملقاة على عاتق كل فرد كما، أن نبينا قد إرتحل وأن عهد الأنبياء قد إنتهى وأننا أصبحنا في وقت التمحيص والامتحان وأن على عاتقنا الآن نسير نحو يوم القيامة، نحو اليوم الموعود وأن الأمانة قد ثقلت بعد إرتحال النبي صلى الله عليه وآله. علينا المحافظة على ذلك الختم النبوي، على تلك الرسالة السمحاء العظيمة، الأمانة التي ألقيت على أعناقنا، يجب أن نعمل لكي تبقى حية نابضة، لتبقى صحيحة مستقيمة، لتبقى وهاجة، لنوصلها من جيل الى جيل. ترك النبي بيننا أمانة وهي امانة الاسلام بعد جهاد ثلاثة وعشرين سنة وأدى ماعليه وترك لنا حمل تلك الأمانة مع علمنا أنه لانبي يأتي من بعده وأصبحنا نحن مكلفين بحمل هذه الأمانة التي نزل بها جبرئيل وألقاها على قلب النبي الكرم ونحن الآن شهود وشهداء لحمل هذه الأمانة والمحافظة عليها وتجديدها وتنظيفها وتهذيبها لتبقى حية ناضبة صحيحة وهاجة تنتقل من جيل الى جيل حتى يقضي الله امراً كان مفعولاً. نعم إرتحال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله عند العقلاء الذين آمنوا برسالته وعرفوا قيمته صلوات الله عليه وعرفوا الأمانة التي عجزت السموات والأرض وحملها الانسان، نحن الآن ممن قدم نفسه لحمل هذه الأمانة. اهل لها اعانه الله على ذلك ونسأل الله أن لانقصر في حملها وأن نؤدي الأمانة كما امرنا بها رسول الله محمد صلى الله عليه وآله حتى يرضى الله عنا ويحيينا محيا نبيه الكريم ويميتنا على نهجه القويم. الموضوع الآخر أن محمداً صلى الله عليه وآله هو رحمة للعالمين بعثه الله رحمة وهذه الرحمة التي بعثت مع الحبيب المصطفى يجب أن نحافظ على التعامل بها فيما بيننا، لاتخدش كما يعمل الآن التكفيريون الذين يردون على محمد. محمد بعث رحمة للعالمين وجاءت ثلة من الناس تدعي الوصل بالنبي الأكرم محمد ولكن تقتل على الهوية وعلى التهمة وعلى الشبهة، تكفر هذا وتعطي فك البرائة بالايمان لهذا وهذا ما يناقض موضوع الرحمة التي بعث بها محمد صلى الله عليه وآله. نعم اخوتي الكرام أعزي نفسي ولكم ولملائكة السماء ولجبرئيل بشكل خاص إرتحال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله. يجب أن نفقه المسؤولية الملقاة على عاتقنا لحفظ الرسالة المحمدية والأمانة المحمدية التي تصدينا لحفظها أن شاء الله وأن نكون اهلاً لذلك إن عشنا فبين يدي رب رحيم وإن متنا فالى كنف رب رحيم والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شكراً لسماحة الشيخ عقيل زين الدين الباحث الاسلامي من لبنان على هذه المشاركة ونجدد تقديم التعازي الولائية لرحيل نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم وسبطه الأكبر الامام الحسن عليه السلام.

قم وانعى للزهراء مهجة قلبها

الحسن الزكي بزفرة وحنين

منعوه من حرم النبي مخافة

من أن يقوم بثأره المضمون


نعم.. إضافة إلى ذكرى رحيل خاتم النبيين (ص) هذا اليوم، تصادف على بعض الروايات ذكرى استشهاد سبطه المنتجب الإمام الحسن المجتبى الزكي في الثامن والعشرين من شهر صفر من سنة خمسين للهجرة.
وعرف الإمام المجتبى السبط بعظيم حلمه وزهده وتواضعه وكرمه وجوده حتى لقب بكريم آل البيت عليهم صلوات الله تعالى أجمعين، وتحمل الكثير من الصعاب والمشاكل من أجل الحفاظ على بيضة الإسلام والدفاع عن حياض الدين المبين الحنيف وفضح حقيقة النفاق الأموي.
وهو كجده الرسول (ص) وأبيه المرتضى (ع) قائد مبدئي تتلخص مهماته القيادية في كلمة موجزة ذات معنىً واسع وأبعاد شتى هي الهداية بأمر الله عز إمسه، إنطلاقاً من قوله تعالى في الآية ۷۳ من سورة الأنبياء: "وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين"
والهداية بأمر الله القدير تتجلى في تبيان الشريعة الإلهية النقية وصيانتها من أي تحريف أو تحوير يتصدى له الضالون المضلون، وقد قدم السبط الأكبر – عليه السلام – حياته الشريفة ثمناً لقيامه بهذا الدور الإلهي، حيث إستشهد بسم زعاف إستورده الطاغية الأموي معاوية من ملك الروم ودسه لسيد شباب أهل الجنة على يد زوجته جعدة بنت الأشعث التي أغراها بمتاع دنيوي لم تحصل عليه فخسرت الدنيا والآخرة.

لهفي لنعشك والعداة تنوشه

بسهام حقد بارز وكمين

أخي أما الحزن فبعدك سرمداً

والوجد مني ما حييت قريني


آه,,,عندما ثقل حال الإمام الحسن المجتبى (ع) واشتد به الوجع إلتفت إلى أهله قائلاً: أخرجوني إلى صحن الدار أنظر في ملكوت السماء.. فحملوه إلى صحن الدار، فلما إستقر به رفع رأسه إلى السماء وأخذ يناجي ربه ويتضرع إليه قائلاً: اللهم إني أحتسب عندك نفسي.. ثم قال عن غدر معاوية: ونكثه للعهود واغتياله إياه.. لقد حاقت شربته، والله ما وفى بما وعد ولا صدق فيما قال.
وأخذ الإمام (ع) يتلو آي الذكر الحكيم ويبتهل إلى الله جل جلاله ويناجيه حتى فاضت نفسه الزكية إلى جنة المأوى وسمت إلى الرفيق الأعلى، تلك النفس الكريمة الزاكية المطهرة الطاهرة، لقد استشهد حليم المسلمين وسيد شباب أهل الجنة وريحانة الرسول (ص) وقرة عينه فأظلمت الدنيا لفقده وأشرقت الآخرة بقدومه.
شكراً لكم أحبة الإيمان على متابعتكم هذه للحلقة الخاصة بذكرى رحيل أشرف الأنبياء والمرسلين محمد (ص) وكذا إستشهاد السيد الطيب المجتبى الزكي الحليم الهمام الإمام الحسن عليه السلام، أحر التعازي لكم بذلك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة