-ما قاله مان، الذي عمل مساعدا لمدير مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وكالة الاستخبارات الدفاعية، وقدم استقالته في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد ان اعلن "أن الحملة الإسرائيلية على غزة تستهدف التدمير والتخريب والتطهير العرقي للفلسطينيين بشكل كامل"، يمكن ادراجه في خانة "وشهد شاهد من اهلها".
-مان لم يكشف سرا، فما قاله معروف ومكشوف للعالم اجمع، فلولا امريكا لما شنت "اسرائيل" عدوانها على غزة، ولولا امريكا لما استمر العدوان 9 اشهر، ولولا امريكا لما تمادى نتنياهو في رفضه وقف العدوان، ولولا امريكا لما اسشتهد وجرح اكثر من 130 الف فلسطيني جلهم من الاطفال، ولما سويت اكثر من 80 بالمائة من غزة بالارض ولما شرد اكثر من مليونين ونصف انسان، بل ان استمرار العدوان هو قرار امريكي صرف، من اجل القضاء على المقاومة، ودمج "اسرائيل" في المنطقة، عبر التطبيع، وبالتالي دفن القضية الفلسطينية والى الابد.
-عندما يقول مان:"لقد شعرت بأن كل يوم أذهب فيه إلى مكتبي هو مساهمة في قتل الفلسطينيين، مما دفعني للاستقالة.. كوني كنت مساعدا لمدير المركز الإقليمي للشرق الأوسط، فقد كنت مطلعا على المناقشات الأميركية بشأن مواصلة دعم إسرائيل عسكريا واستخباريا، وأدركت أن هذا الدعم لن يتغير"، فهذه شهادة دامغة ان كل ما يقوله الرئيس الامريكي جو بايدن، ووزير خارجيته انتوني بليكن، ووزير دفاعه اوستن، عن حرصهم على وقف العدوان، ومنع تمددها، وكذلك حرصهم على حياة المدنيين، وتقديمهم مبادرات لوقف العدوان، ليس سوى ذر للرماد في العيون، من اجل التغطية على الدور الرئيسي والمباشر والقذر لامريكا في الابادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، بعد ان بدأت المحاكم والمحافل الدولية، بالتحرك لمطاردة المسببين الحقيقيين لهذه المأساة الانسانية التي تشهدها غزة، بينما العالم ساكت، تحاشيا لإغضاب امريكا.
-حتى اجراءات امريكا "الانسانية"، لمد المساعدة لاكثر من مليوني انسان يتضورون جوعا في غزة، وهي حالة ما كانت لتحدث لولا امريكا، التي تتظاهر بالعجز عن عدم قدرتها ايصال المساعدات عبر المعابر البرية، لانها مغلقة بقرار "اسرائيلي"!!، ومن هذه الاجراءات، الرصيف العائم الذي اقامته امريكا على ساحل غزة، تحت ذريعة ايصال المساعدات الانسانية، تبين لاحقا، انه ليس سوى موطىء قدم للامريكيين، لتقديم المساعدة لقوات الاحتلال في تنفيذ جرائمه ضد الشعب الفلسطيني، واخر هذه الجرائم التي تورط فيها الامريكيون بشكل مباشر، جريمة مخيم النصيرات ، عندما استخدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الرصيف العائم، لتحرير 4 رهائن، كانوا في المخيم، وقتلت في مقابل ذلك 280 فلسطينيا و جرحت 698 اخرين.
-اللافت، ان امريكا حاولت التهرب من تورطها المباشر في مجزرة النصيرات، بطريقة مضحكة، زادت من الشكوك حول دور الرصيف العائم في الجرائم التي ترتكب في غزة، فقد اعلنت وزارة الدفاع الأميركية ان منطقة "قريبة"! من الرصيف استخدمت في عملية النصيرات وليس الرصيف نفسه. بينما اعلنت القيادة المركزية الأميركية، ان تحليق طائرات مروحية "إسرائيلية" في منطقة "قريبة"، كانت بـ"المصادفة"!!.
-ما حدث في مخيم النصيرات، اكد صوابية موقف برنامج الغذاء العالمي، الذي دعا الى وقف إدخال المساعدات الإنسانية لغزة، عبر الرصيف الأميركي العائم بسبب "مخاوف أمنية".
-أخيرا، نتمنى على بايدن وبلينكن، ن يشعرا بالذنب والخجل لما اقترفاه في غزة، كما شعر الضابط مان، عندما قال:" اشعر بالذنب والخجل من المشاركة في السياسة الأميركية التي أسهمت في قتل الفلسطينيين وإن ما يحدث في غزة هو تطهير تستخدم فيه إسرائيل الأسلحة الأميركية بشكل شبه مؤكد"، ولكننا نستبعد ان يمتلك متصهين وصهيوني مثل هذه المشاعر.