واعتبرت العلاقات الإعلامية هذه الادعاءات خيالية ومفتعلة، لا تمت للواقع بصلة، حيث تهدف إلى زعزعة الثقة الكاملة بين حركات المقاومة وفصائلها في جميع أنحاء المنطقة، وتشويه التزامها العلني والعملي، بالإضافة إلى الإشارة إلى إيمانها الصريح بضرورة مقاومة الاحتلال الصهيوني، مع تأكيد الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، في خطاب علني حظي بمشاهدة الملايين، بأن عملية "طوفان الأقصى" هي عملية فلسطينية بكل معنى الكلمة، حيث شدد على أن الحزب لم يكن على علم بتفاصيلها من حيث التخطيط والإعداد والتنفيذ والتوقيت والأهداف.
طوفان الأقصى فلسطينية 100%
لا شك أن ما نشرته "لوفيغارو" يُعتبر شيئاً عارضاً للحقيقة، ناهيك عن انحياز الصحيفة بشكل كامل إلى جانب العدو، دون التحقق الدقيق والمهنية، ما يعني سقوطها أخلاقياً ومهنياً بما يشبه العديد من وسائل الإعلام الغربية التي تنحاز للظالم والقاتل على حساب الحقيقة والوقائع البسيطة والقيم الإنسانية، وفي أول خطاب له منذ اندلاع حرب غزة وبدء عملية "طوفان الأقصى"، بيّن الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، أن الحرب في غزة تجاوزت الحدود لتشمل ميداناً أوسع، وأشار إلى أن معركة "طوفان الأقصى" تحمل شرعية كاملة من الناحية الإنسانية والأخلاقية.
وإن القادة الحقيقيين برأي المقاومين في لبنان هم قادة المقاومة وأهل المقاومة وجهاديو المقاومة، وبالتالي إن "إسرائيل" لن تكون قادرة على تجاوز تداعيات هجوم "طوفان الأقصى" مهما حاولت، وتجدر الإشارة إلى أن الحرب اندلعت نتيجة لهجوم غير مسبوق في تاريخ كيان الاحتلال الإسرائيلي، ومنذ ذلك الحين، ردت تل أبيب بقصف مدمر على قطاع غزة، مصحوب بعمليات برية واسعة، وحسب وزارة الصحة التابعة لحركة "حماس" فإن القصف أسفر عن مقتل 9227 شخصاً، بما في ذلك أكثر من 3800 طفل.
خطاب نصر الله، أورد العديد من الأسباب التي أدت إلى حدوث عملية "طوفان الأقصى"، منها معاناة الشعب الفلسطيني على مدى 75 عامًا، وإن الظروف الصعبة خلال السنوات الأخيرة، وخاصةً مع حكومة بنيامين نتنياهو، كانت محفزة لحدوث هذه العملية، ناهيك عن أربعة ملفات تطلبت إجراء عملية "طوفان الأقصى"، حيث وجّه الأمين العام لحزب الله انتقادات للحكومة الإسرائيلية ووصفها بأنها "حمقاء وغبية ومتوحشة"، وعرج على ملف الأسرى وملف القدس والحصار على غزة، بالإضافة إلى المخاطر الجديدة التي تهدد الضفة الغربية بسبب مشاريع الاستيطان الجديدة، إضافة إلى القضايا الإنسانية المتعلقة بالاعتقال والقتل اليومي وتدمير البيوت.
" سياسة العدو زادت من الظلم والقهر، وهناك حاجة إلى حدث كبير يهز الكيان الإسرائيلي ويضع جميع هذه القضايا الإنسانية أمام العالم"، عبارة مهمة للغاية جاءت على لسان نصر الله الذي أوضح أن قرار عملية "طوفان الأقصى" كان فلسطينياً بنسبة 100٪، وتنفيذها كان أيضاً فلسطينياً بنسبة 100٪، والسرية التامة للعملية تمثلت في عدم كشف معلوماتها للعامة، وهذا السر أسهم في نجاح العملية بفضل عامل المفاجأة، وبالتالي معركة "طوفان الأقصى" أحدثت زلزالاً في مجالات الأمان والجيش والسياسة والنفسية والروحية للكيان الإسرائيلي، وستترك تأثيراتها على "إسرائيل" في الحاضر والمستقبل، كما أن "طوفان الأقصى" أسست لمرحلة جديدة في المنطقة، وهجوم حماس يستحق المجازفة والتضحية.
الإسرائيليون لم يتعلموا الدرس بعد
إن تل أبيب لا تستفيد من الدروس، وما يحدث اليوم تكرر في الماضي خلال حرب يوليو (تموز) 2006 وفي حروب متكررة في غزة، وإن القضاء على حماس هو هدف غير قابل للتحقق، ويرى حزب الله أن "إسرائيل" لا تمتلك سوى خيار تبادل الأسرى كما حدث في عام 2006، وعدم تحقيق "إسرائيل" أي تقدم في قطاع غزة بعد شهر من الهجمات العنيفة، ونهاية المعركة ستكون انتصاراً لغزة وستشكل نهاية للعدو، كما أن الأحداث في غزة تظهر الطابع الوحشي والهمجي لهذا الكيان الغاصب الذي زرع في المنطقة بناءً على وعد بلفور المشؤوم.
وفي هذا الشأن، نصر الله أثنى على قرار الفصائل العراقية باستهداف المصالح الأمريكية في العراق وسوريا، مؤكدًا أن "إسرائيل" لن تتمكن من استعادة الأسرى إلا من خلال التفاوض، وطالب بوقف الحرب في قطاع غزة، معلنًا أن الهدف الرئيسي هو انتصار حركة حماس في غزة، حيث إن المسؤولية تقع على عاتق الجميع في هذا العالم لوقف الحرب على غزة، وبيانات الاستنكار لا تكفي، ما يعني ضرور تحمل الحكومات العربية والإسلامية مسؤولياتها لوقف الحرب، وفيما يتعلق بلبنان، أعلن نصر الله أن حزب الله شارك في المعركة في اليوم الثاني من الحرب في غزة، وأكد أن ما يحدث على الحدود قد يظهر متواضعًا ولكنه ذو تأثير، وأنه لن يكتفى به في أي حال.
وحول ما يحدث على الجبهة اللبنانية ظهر من حديث نصر الله أنه يختلف عن أحداث حرب يوليو (تموز) 2006، فاليوم يواجهون معركة حقيقية وفريدة على الحدود مع الكيان، ومن هنا تنبع أهمية وتأثير الأحداث التي تجري على الجبهة اللبنانية، وهذا الوضع لم يتم الاكتفاء به في أي حال، وأنه غير مسبوق في تاريخ الكيان الإسرائيلي، فجميع المواقع العسكرية الإسرائيلية على الحدود تتعرض لهجمات يومية، وإن تل أبيب نقلت قوات من النخبة إلى الحدود مع لبنان، كما نجح حزب الله في تخفيف الضغط على جبهة غزة عن طريق إجبار الجيش الإسرائيلي على نقل جزء كبير من قواته إلى الجبهة الشمالية.
"احتمال التصعيد على الحدود اللبنانية وارد وقابل للحدوث"، هذا ما أكده نصر الله الذي شدد على أن "إسرائيل" تشعر بالقلق إزاء توسع الحرب والتصعيد، وغموض حزب الله يجعل تل أبيب تتحسب في كل خطوة، و"إسرائيل" سترتكب أكبر حماقة إذا هاجمت لبنان، فأسابيع من الضغوط والتهديدات لم تغير من موقفهم على الإطلاق، والجبهة في لبنان مرهونة بأمرين، الأول هو مسار وتطور الأحداث في غزة؛ لأن هذه الجبهة تعتبر جبهة تضامن ومساندة لغزة وتتطور بتطور الأحداث هناك، والأمر الثاني الذي يتحكم بالجبهة هو سلوك العدو في اتجاه لبنان، وقد توجه الأمين العام لحزب الله إلى الأمريكيين قائلاً: "تعرفون جيداً أنه إذا حدثت حرب في المنطقة، فلا أساطيلكم تنفع ولا القتال من الجو ينفع، ومن سيدفع الثمن بالدرجة الأولى هم مصالحكم وجنودكم وأساطيلكم".
وبالفعل، إن أساطيل الولايات المتحدة في البحر الأبيض المتوسط لا تخيف المقاومة ولم تخفها في أي وقت من الأوقات، وإنهم قد استعدوا لها بعدد مقابل، والولايات المتحدة مسؤولة عن وقف الحرب على غزة لمنع التصعيد في المنطقة، والأمريكيين يمكنهم أن يوقفوا العدوان على غزة، لأن من يريد منع حدوث حرب إقليمية يجب أن يسارع إلى وقف العدوان على غزة، ومن ينسى أنّه بعد اندلاع الحرب، قامت الولايات المتحدة بإرسال حاملتي طائرات إلى شرق البحر المتوسط، بهدف ردع الأعمال العدائية ضد الكيان أو أي جهود لتوسيع نطاق الحرب، واليوم فإنّ جميع الاحتمالات في الجبهة اللبنانية مفتوحة كما يقول حزب الله، وإن كل الخيارات قائمة وقابلة للتنفيذ في أي لحظة، نتيجة التصعيد الإسرائيليّ الذي دمر كل أمان في بلداننا.