البث المباشر

تفسير موجز للآيات 1 الى 26 من سورة الغاشية

الأربعاء 15 نوفمبر 2023 - 12:33 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1074

 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلائق أجمعين وحبيب إله العالمين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. أحباءنا المستمعين السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.. تحية طيبة لكم أينما كنتم وأنتم تستمعون الى هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" وتفسير ميسر آخر من آي الذكر الحكيم..

في حلقتنا هذه أيها الأكارم سنقدم لحضراتكم بإذن الله، تفسير سورة الغاشية المباركة نشرعها بالإستماع الى تلاوة آياتها السبع الأولى فابقوا معنا مشكورين..

هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ{1} وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ{2} عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ{3} تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً{4} تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ{5} لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ{6} لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ{7}

"الغاشية" أيها الكرام، بمعنى المغطية، والمقصود بها هو يوم القيامة التي تلقي بغطائها على الجميع؛ و"عاملة" أي ساعية، و"ناصبة" العمل الشاق الذي يرهق الإنسان، و"حامية" أي ساخنة جداً و"آنية" هي أقصى درجات الإحتراق.

وقد يكون المقصود من الوجوه في الآية، أصحاب الوجوه المعروفة والمشهورة، أي الوجوه المعروفة من كلا الفريقين السيء والجيد.

وجاء عن الرسول (ص) أن الضريع هو شيء في جهنم شبيه بالشوك، أنتن ريحاً من الجيفة وأحمى من النار ومرّ جداً، وقد يكون تسمية هذا الشوك بالضريع لأن تناول هذا الشوك يدفع الإنسان الى الصراخ والتضرّع.

أما الآن، أيها الإخوة والأخوات، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات الثامنة حتى الحادية عشرة من سورة الغاشية المباركة..

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ{8} لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ{9} فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ{10} لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً{11}

كلمة "ناعمة" أيها الأطائب، أي أنها تحيا في نعمة ورخاء، و"لاغية" بمعنى الكلام الفارغ التافه.

ومن تعاليم هذه الآيات الشريفة يمكن الإشارة أولاً: تنعكس السعادة والرخاء الحقيقيان على الوجه.

ثانياً: صعوبة العمل في الدنيا هي أمر عابر؛ ولكنها السبب في السعادة والفلاح الأخرويين الدائمين.

وثالثاً: الأشخاص الذين يبتعدون عن اللغو في الدنيا، سيحيون في العالم الآخر في محيط بعيد عن اللغو.

نستمع الآن، إخوة الإيمان، الى تلاوة الآيات الثانية عشرة حتى العشرين من سورة الغاشية المباركة..

فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ{12} فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ{13} وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ{14} وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ{15} وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ{16} أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ{17} وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ{18} وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ{19} وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ{20}

كلمة "عين" أيها الكرام، تعني النبع؛ وأما "سرر" و"سرور" مشتقة من مصدر واحد، وتطلق سرير على المكان المصنوع بهدف السرور. وتدل كلمة "مرفوعة" على المكانة الرفيعة لسرر في الجنة المطلة على مناظر الجنة الخلابة.

وأما "نمارق" فجمع نمرقة بمعنى الوسادة الصغيرة يُتكأ عليها، و"زرابي" تعني البساط الفاخر المحاك بالذهب.

وتشير هذه الآيات الى أنه لو امتلك الإنسان روح التأمل والتفكر، فسيكون كل الكون بالنسبة إليه درساً للعبرة.

ومما نستقيه من منهل هذه الآيات المباركة أولاً: ليس بالإمكان إدراك عظمة ينابيع الجنة، فجاءت كلمة (عين) بصيغة النكرة.

ثانياً: يؤنب الله عزوجل الذين لا يتعمقون في كشف حقائق الوجود.

ثالثاً: ينبغي تجاوز المحسوسات للوصول إلى المعقولات.

ورابعاً: لا تشكوا في المعاد ونعم الجنة الخاصة، ألم تروا عجائب خلق الله في الدنيا؟

والآن، أيها الأكارم، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيات الحادية والعشرين حتى السادسة والعشرين وهي آخر آيات سورة الغاشية المباركة..

فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ{21} لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ{22} إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ{23} فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ{24} إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ{25} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ{26}

التذكير، أيها الكرام، هو لإتمام الحجة، لكي لا يقول الكافرون يوم القيامة (لو لا أرسلت إلينا رسولا فنتبع) بالطبع، فإن أصحاب العقول المفكرة هم فقط من يعتبرون.

وجملة (إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ) هي استثناء من جملة (إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ) ويعني أيها النبي أنت مذكّر ولكن تذكيرك لا يؤثر في الكافرين.

وجاء عن الإمام الباقر (ع) أن العذاب الأكبر هو العذاب الشديد الأبدي.

ومن تعاليم هذه الآيات البينات يمكن القول أولاً: النبي مسؤول عن واجبه وتكليفه وليس عن النتيجة.

ثانياً: وظيفة الأنبياء هي التذكير لا التسلط والإجبار على الإيمان.

ثالثاً: لا يسقط التكليف بعدم اكتراث الناس.

ورابعاً: منشأ الكفر هو العناد والإبتعاد عن الحق والحقيقة.

مع ختام تفسير سورة الغاشية المباركة، أيها الأفاضل، وصلنا الى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" فحتى الملتقى في الحلقة القادة لكم منا أطيب الأماني وأحلاها وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة