بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً﴿۱﴾ فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً﴿۲﴾ فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً﴿۳﴾ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً﴿٤﴾ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً﴿٥﴾ إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ﴿٦﴾ وَإِنَّهُ عَلَى ذٰلِكَ لَشَهِيدٌ﴿۷﴾ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴿۸﴾ أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ﴿۹﴾ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ﴿۱۰﴾ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ﴿۱۱﴾
تسميتها آياتها
سُميت هذه السورة بالعاديات؛ على أول آية منها، وفيها أَقسَم الله تعالى بالعاديات، والعاديات من العدو وهو: الجري بسرعة، والمعنى أَقسمُ بالخيل اللاتي يعدون للغزو في سبيل الله فيَضبَحنَّ ضبحاً، وآيات هذه سورة (11)، تتألف من (40) كلمة في (169) حرف. وتعتبر هذه السورة من حيث المقدار من السور المفصلات، أي: السور التي لها آيات متعددة وصغيرة.
ترتيب نزولها
اختلف المفسرون في أنّ سورة العاديات مكية أو مدنية، والجمع الأكبر قال أنها مدنية، ومن حيث الترتيب نزلت على النبي (ص) بالتسلسل الرابع عشر، لكن تسلسلها في المصحف الموجود حالياً في الجزء الثلاثين بالتسلسل المائة من سور القرآن.
معاني مفرداتها
أهم المفردات في السورة:
(العاديات): واحدها عادية، من العدو: وهو الجري السريع.
(ضبحاً): صوت أنفاس الخيل عند عدوِها وجريها.
(الموريات): واحدها مورية، من الإيراء: وهو إخراج النار.
(قدحاً): وهو الضرب لإخراج النار، كأن تضرب حجراً بآخر ليخرج من بينهما شرار النار.
(المغيرات): الإغارة لغة الإسراع، والمراد بها هنا الهجوم على العدو بغتة بالخيل.
( فأثرنَ): الإثارة تهييج الغُبار وتحريكه.
(نقعاً): النقع: هو الغبار.
(لكنود): أصل الكنود الأرض التي لا تنبت شيئاً، وهنا إشارة إلى الإنسان الذي يمنع الخير ويجحد ما عليه من واجبات.
(حُصّل ما في الصدور): أي أُظهر ما في الصدور.
سبب نزولها
قيل: إنّ السورة نزلت في سَرية من المقاتلين بعثها رسول الله إلى كنانة، وقيل: نزلت السورة لمّا بَعث النبي (ص) علياً إلى ذات السلاسل، فأوقع بهم، كما رويَ عن الإمام الصادق في حديثٍ طويل: « ... لما نزلت السورة خرج رسول الله إلى الناس فصلى بهم الغداة وقرأ فيها: (والعاديات)، فلمّا فرغ من صلاته قال أصحابه: هذه السورة لم نعرفها، فقال رسول الله: نعم؛ إنَّ علياً ظفر بأعداء الله...».
محتواها
في السورة حثٌّ للمؤمنين على الجهاد في سبيل الله، والتسليح بالقوة لردع أعداء الله والإنسانية، كما وتذكر كفران الإنسان بنِعم ربه، وحبه الشديد للخير (وهو: المال، وقيل: أنه زينة الحياة وعرضها) علماً منه به، ثم أتبع سبحانه في السورة تعنيت من آثر دنياه على آخرته ولم يستعد لها.
معركة ذات السلاسل
في السنة الثامنة من الهجرة بلغ الرسول نبأ تجمع اثني عشر ألف راكب في أرض (يابس) تعاهدوا على أن لا يقرّ لهم قرار حتى يقتلوا الرسول وعلياً ويبيدوا المسلمين، فأرسل النبي علياً مع جمع غفير لمحاربتهم، وبعد أن طووا الطريق في منطقة العدو ليلاً، هاجموهم، والجو لم يزل في الظلام، فانتصروا عليهم، ونزلت سورة العاديات وجيوش الإسلام لم تصل إلى المدينة بعد.
فضيلتها وخواصها
ورد فضائل كثيرة في قراءتها، منها:
روي عن النبي (ص) أنه قال: «من قرأ هذه السورة أُعطي من الأجر كمن قرأ القرآن، ومن أدمن قرائتها وعليه دَين أعانه الله على قضائه سريعاً كائناً من كان»، وورد عن الإمام الصادق أنه قال: «من قرأ سورة العاديات وأدمن قرائتها بعثه الله مع أمير المؤمنين يوم القيامة خاصة».
وردت خواص كثيرة، منها:
أنها تتناول بعض مظاهر الضعف البشري، كالكفر والبخل وحب الدنيا، وتشير إلى مسألة المعاد وإحاطة الله بعباده.
أنها تُقرأ في صلاة جعفر الطيار، من الركعة الثانية بعد الحمد.
أنها تُقرأ للخائف فيأمن الخوف، وللجائع فيسكن جوعه، والعطشان فيسكن عطشه.