البث المباشر

من المقصود بآية (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) - ۱

الأربعاء 13 مارس 2019 - 09:42 بتوقيت طهران

الحلقة 160

سلام من الله عليكم مستمعينا الأحبة ورحمة وبركات..
أطيب تحية نحييكم بها ونحن نلتقيكم في حلقة اليوم من برنامجكم العقائدي هذا؛ سؤال هذه الحلقة هو من الأسئلة الخاصة بمباحث الإمامة وقد وردنا من الأخ فيصل البدري يقول فيه:
من المقصود بالآية الكريمة "يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ"؟ هل هم الأئمة الذين تعتقدون بهم أم الرسول؟ إذا قلتم أنهم الأئمة فأنتم تفضلون الأئمة على الرسول؟
ويبدو من صيغة أن الأخ فيصل ليس من أتباع مدرسة الثقلين أي القرآن والعترة النبوية، لأن أتباع هذه المدرسة مجمعون على أن النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – هو سيد الخلائق أجمعين وأفضلهم من الأولين والآخرين وأن أحاديث أئمة العترة النبوية الطاهرة – عليهم السلام – صريحة بذلك وبأن كل ما عندهم – عليهم السلام – هو وراثة منه – صلى الله عليه وآله – وأنه هو وسيلتهم إلى الله تبارك وتعالى.
وهذه الحقيقة العقائدية المحورية أصل ثابت في مدرسة الثقلين، وإستناداً فلا يمكن أن يعني إثبات أن مقام أو منزلة لأهل البيت – عليهم السلام – تقديماً أو تفضيلاً – والعياذ بالله – على سيدهم وسيدنا الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله -.
ومع تثبيت هذه الحقيقة العقائدية نرجع إلى أصل سؤال الأخ فيصل البدري لمعرفة من المقصود بالآية الكريمة المشار إليها، تابعونا مشكورين.
أيها الأكارم، الآية الكريمة المشار إليها هي الحادية والسبعون من سورة الإسراء المباركة؛ وقد تناولناها ضمن الآيات الدالة على وجود إمام منصوب من الله في كل عصر يكون حجة لله عزوجل على أهل ذلك العصر.
والآية عامة لا ينحصر مصداقها بأئمة الهدى بل يشمل أئمة الضلالة أيضاً، إذ أن الواضح من إطلاقها في استخدام تعبير (إمامهم) دونما تعريف أن كل أناس يدعون يوم القيامة بمن إئتموا به واقتدوا في الحياة الدنيا فأتباع أئمة الضلال ينادون مثلاً يا شيعة فلان وفلان من الأئمة المضلين، ويميزون عن أتباع أئمة الهدى إذ ينادى هؤلاء بتعابير من قبيل يا شيعة فلان وفلان من أئمة الهدى الذين نصبهم الله عزوجل لهداية الخلق بأمره.
وعندما نلاحظ أن الآية الكريمة تستخدم تعبير (كل أناس) أي كل مجموعة من الناس يتأكد المعنى المتقدم بوضوح ويتضح معه أن المقصود ليس عموم الأمم من أتباع الأنبياء – عليهم السلام – كأمة إبراهيم أو أمة موسى أو أمة عيسى أو أمة خاتم الأنبياء عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام، فواضح من تعبير (كل أناس) أن المقصود هو طوائف من هذه الأمم وليس مطلق الأمة، والمراد في الآية التمييز بين أتباع أئمة الهدى عن أتباع الأئمة المضلين.
إذن فالمصداق العام في الآية الكريمة يشمل كل (الأئمة) سواء كانوا أئمة هدى أو أئمة كفر حسب التعبير القرآني أو الأئمة المضلين حسب تعبير النبوي في الحديث الشريف المروي من طرق الفريقين والذي يصرح فيه النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – بأن أخوف ما يخافه على أمته هو ضلالات الأئمة المضلين.
أيها الأحبة، وإذا إنتقلنا إلى البحث عن المقصود في الآية الكريمة المتقدمة ليس في الدائرة العامة، بل في دائرة (أئمة الهدى)، ففي هذه الحالة نجد أن الآية الكريمة تشير بأن (كل أناس) يدعون بإمامهم وهذا يعني أن كل طائفة من الناس وليس أمة كل نبي تدعى بإمام خاص بها، ومما لا شك فيه أن النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – هو إمام أئمة الهدى جميعاً من الأولين والآخرين، إلا أن المصداق المقصود في الآية لا ينحصر به – صلى الله عليه وآله – بل يشمل كل من جعله الله للناس إماماً فبه يدعى أناس عصره.
فالآية (۱۲٤) من سورة البقرة تصرح بأن الله تبارك وتعالى جعل إبراهيم الخليل – عليه السلام – إماماً للناس في أواخر عمره الشريف، ولذلك فإن أهل عصره من الذين إئتمنوا بإمامته يدعون يوم القيامة به تمييزاً لهم عن أتباع أئمة الباطل.
وهكذا الحال مع كل الأنبياء الذين جعلهم الله أئمة للناس بهم – عليهم السلام – يدعى أناس كل زمن أو عصر من عصورهم.
والأمر نفسه يصدق مع سيد الأنبياء والمرسلين الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله – فبه يدعى يوم القيامة أتباعه الصادقين من أهل زمانه تمييزاً لهم عن الذين لم يتبعوه.
وهذا المعنى يؤكده النص القرآني لعبارة "يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ" فهو يؤكد على التمييز بين أتباع الحق وأتباع الباطل حيث يقول جل جلاله في الآيتين الـ۷۱و۷۲ من سورة الإسراء المباركة:
"يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً{۷۱} وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً{۷۲}"
أيها الأفاضل، إذن فالمستفاد من التدبر في نص الآية الكريمة أن عنوان (بإمامهم) يشمل أئمة الحق والأئمة المضلين في كل عصر والمقصود التمييز بين أتباع الحق وأتباع الباطل.
وهذا المعنى القرآني دلت عليه الأحاديث الشريفة المروية من طرق الفريقين وسننقل لكم بعض نماذجها في الحلقة المقبلة من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين).
نشكر لكم طيب المتابعة ولكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران خالص الدعوات، دمتم في أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة