السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله وبركاته..
طبتم وطابت أوقاتكم بكل خير وأهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج..
أيها الأكارم، نتابع في هذا اللقاء البحث في ثقلي الهداية عن الأسئلة المتعلقة بعقيدة الإمامة، فنتاول سؤال وردنا من الأخ أبي محمد يقول فيه:
هل الأئمة يعلمون بكل شيء حالهم حال رب العالمين إلا أن الله تعالى علمه ذاتي وعلمهم – عليهم السلام – من الله؟
هذا هو الشطر الأول من سؤال أبي محمد، أما الشطر الثاني منه فهو:
وهل أن علمهم – عليهم السلام – حضوري بمعنى أن علم كل شيء حاضر عندهم؟
نرجع معاً إلى الثقلين بحثاً عن الإجابة فتابعونا والأخ أبا محمد مشكورين.
أيها الإخوة والأخوات، نمهد للإجابة عن السؤال المتقدم بالتذكير بأن المحور الأساس لمهمة الإمام في كل زمان هو الهداية إلى الله بأمره عزوجل وتدبير شؤون خلقه عزوجل بهدايته.
وهذا معنى كون الإمام خليفة الله تبارك وتعالى، وهذه من الحقائق القرآنية التي أكدتها كثير من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة فصلنا الحديث عنها في حلقات سابقة.
واستناداً إلى هذه الحقيقة القرآنية نفهم أن من حكمة الله عزوجل أن يجهز خليفته بكل ما يحتاجه من أدوات للقيام بمهمة الخلافة الإلهية وأهمها العلم والإرادة التكوينية.
وهذا أمر واضح وإلا فمن غير العدل أن يكلف الإنسان بمهمة ولا تعطى له الأمور التي يحتاجها لأداء هذه المهمة.
فالله تبارك وتعالى أعدل وأحكم من أن يكلف الإمام المعصوم بمهام خلافته عزوجل في عباده وهدايتهم إليه دون أن يعطيه ما يلزم لأداء ذلك وأهمه كما ألمحنا، العلم بتفصيلات أداء مهام الخلافة وما يحتاجه لهداية الخلق إليه عزوجل.
وعلى ضوء ذلك نقول للأخ أبي محمد أن المقدار الثابت هو أن الله عزوجل يطلع وليه وخليفته الإمام المعصوم – كحد أدنى – على جميع ما يحتاجه من العلم للقيام بمهام الخلافة الإلهية.
وقد هدتنا لذلك كثير من النصوص الشريفة نستنير ببعض نماذجها بعد قليل فابقوا معنا مشكورين.
مستمعينا الأفاضل، من الأحاديث الشريفة الجامعة في بيان الإجابة على السؤال المتقدم هو الحديث الجامع المروي عن الإمام الرضا – عليه السلام – في صفات الإمام الحق المنصوب من الله عزوجل لخلافته.
وهو حديث إستدلالي قرآني روته كثير من المصادر المعتبرة مثل كتابي عيون الأخبار وأمالي الشيخ الصدوق وقد جاء فيه قول الإمام الرضا – عليه السلام – فيما يرتبط بعلم الإمام:
"إن الأنبياء والأئمة يوفقهم الله عزوجل ويؤتيهم من مخزون علمه وحلمه ما لا يؤتيه غيرهم فيكون علمهم فوق كل علم أهل زمانهم، [كما] في قوله عزوجل [أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون]".
وواضح من استدلال الرضا – عليه السلام – بالآية المتقدمة أن علم الأئمة عليهم السلام، هو عطاء رباني يستلزمه قيامهم بمهمة هداية الخلق إلى الحق بالصورة الفضلى ولذلك لا يكون في زمان أي إمام من هو أعلم منه؛ وهذا ما يصدق على أئمة العترة المحمدية – صلوات الله عليهم أجمعين -.
قال إمامنا الرضا – عليه السلام – في فقرة أخرى من هذا الحديث الجامع: "وقوله عزوجل في طالوت [إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم] وقال عزوجل لنبيه – صلى الله عليه وآله – [وكان فضل الله عليك كبيرا]".
ثم قال – عليه السلام – بشأن وراثة أئمة العترة لعلوم الأنبياء عليهم السلام: "وقال عزوجل في الأئمة من أهل بيته وعترته وذريته صلوات الله عليهم [أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيماً]..".
ثم خلص الإمام الرضا – عليه السلام – لإستنتاج النتيجة التالية من الآيات الكريمة فيما يرتبط بعلم الإمام قائلاً:
"وإن العبد إذا اختاره الله عزوجل لأمور عباده شرح صدره لذلك وأودع قلبه ينابيع الحكمة وألهمه العلم إلهاماً، فلم يعي بعده بجواب، ولا يحير فيه عن الصواب وهو معصوم مؤيد مسدد.. خصه الله بذلك ليكون حجته على عباده وشاهده على خلقه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم".
وفي هذه العبارات نجد الإجابة أيضاً على الشطر الثاني من سؤال الأخ أبي محمد وهو: هل أن علم الأئمة حضوري بمعنى أن علم كل شيء حاضر عندهم.
إذ يتضح من النص المتقدم يسددهم بإلهامهم علم كل ما يحتاجونه كلما احتاجوه فلا يعجزون عن جواب مسألة أو الإخبار عن علم شيء مما يحتاجه العباد في كل آن.
نشكر لكم أيها الأطائب طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، دمتم بكل خير وفي أمان الله.