سلام من الله عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة منه وبركات..
أطيب تحية نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج..
كما وعدناكم في الحلقة السابقة، نستكمل في هذا اللقاء الحصول على الإجابة المطلوبة بشأن الواجب التاسع للأمة تجاه أئمة العترة المحمدية أو الحق التاسع من حقوقهم – عليهم السلام -.
وهو حق الأبوة المعنوية للأمة، وقد هدتنا الأحاديث الشريفة من طرق الفريقين إلى هذا الحق مؤكدة أن للإمام المعصوم من خلفاء النبي الأكرم ما له – صلى الله عليه وآله – من هذه الأبوة المعنوية للمسلمين.
وقد دل على ذلك الحديث المشهور المروي من طرق الفريقين عنه – صلى الله عليه وآله – أنه قال: "يا علي أنا وأنت وأبوا هذه الأمة".
وكذلك قوله – صلى الله عليه وآله - : "حق علي على المسلمين كحق الوالد على الولد".
وقد إستفاضت الأحاديث الشريفة في مصادر السنة والشيعة بهذا المضمون، وقد نقلنا في الحلقة السابقة نماذج مما رواه أهل السنة ونضيف إليها هنا بعض ما روي من طرق مدرسة الثقلين فتابعونا مشكورين.
روى الشيخ الصدوق في كتاب الأمالي بسنده عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – أنه قال: "يا علي، أنت أخي وأنا أخوك، أنا المصطفى للنبوة وأنت المجتبى للإمامة وأنا صاحب التنزيل – أي القرآن المنزل – وأنت صاحب التأويل – أي العالم بمصاديق القرآن – وأنا وأنت أبوا هذه الأمة".
وروى في كتاب كمال الدين عنه – صلى الله عليه وآله – أنه قال ضمن حديث: "وأنا وعلي أبوا هذه الأمة، من عرفنا فقد عرف الله عزوجل ومن أنكرنا فقد أنكر الله عزوجل، ومن علي سبطا أمتي وسيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين، ومن ولد الحسين تسعة أئمة طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي، تاسعهم قائمهم ومهديهم".
والأحاديث الشريفة بهذه المضامين كثيرة، وفي طائفة منها تطبيق مضمونها كأسمى مصاديق قوله عزوجل "وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً".
فقد ورد في تفسير العياشي وعلي بن إبراهيم وفرات الكوفي وكتاب الكافي ومعاني الأخبار وغيرها كثير من أمهات المصادر المعتبرة بأن الوالدين المأمور بالإحسان إليهما هما محمد وعلي – عليهما وآلهما أفضل الصلاة والسلام – كما هو المروي عنه صلى الله عليه وآله.
وهذا يعني أن أداء حقوق الأبوة المعنوية هذه أوجب من المصداق الآخر للأبوة وهو الأبوة النسبية.
وهذا ما تصرح به أحاديث آخرها نقلها العلامة المجلسي عن تفسير الإمام العسكري – عليه السلام – وغيره ننقل بعضها بعد قليل فابقوا معنا مشكورين.
جاء في تفسير الإمام العسكري – عليه السلام – عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – في بيان المصداق الأسمى لقوله عزوجل "وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً" أنه قال:
"أفضل والديكم وأحقهما لشكركم محمد وعلي".
وروي في كتاب الكافي عن أميرالمؤمنين علي – عليه السلام – أنه قال:
"الوالدان اللذان أوجب الله لهما الشكر هما اللذان ولدا العلم وورثا الحكم وأمر الناس بطاعتهما".
وفي حديث للصديقة الزهراء – سلام الله عليها – إشارة لطيفة إلى أحد أسرار أن أداء حقوق الأبوة المعنوية للنبي والإمام المعصوم وهو كمال رعايتهما للأمة كرعاية الأب للأولاد وبما يهديها إلى النجاة قالت – صلوات الله عليها -: "أبوا هذه الأمة محمد وعلي يقيمان أودهم وينقذانهم من العذاب الدائم إن أطاعوهما ويبيحانهم النعيم الدائم إن وافقوهما".
وقال الحسن المجتبى – عليه السلام -: "محمد وعلي أبوا هذه الأمة فطوبى لمن كان بحقهما عارفاً، ولهما في كل أحواله مطيعاً يجعله الله من أفضل سكان جنانه ويسعده بكراماته ورضوانه".
وقال الإمام الباقر – عليه السلام -: "من أراد أن يعلم كيف قدره – أي منزلته – عند الله، فلينظر كيف قدر أبويه الأفضلين عنده: محمد وعلي عليهما وآلهما السلام".
وقال الإمام السجاد – عليه السلام -: "إن كان الأبوان إنما عظم حقهما على أولادهما لإحسانهما إليهم فإحسان محمد وعلي إلى هذه الأمة أجل وأعظم، فهما بأن يكونا أبويهم أحق".
أيها الإخوة والأخوات، وخلاصة ما نستفيده من هذه الأحاديث الشريفة ونظائرها أن الإمام المعصوم وبحكم خلافته الواقعية لرسول الله – صلى الله عليه وآله – يقوم بأكمل صور الرعاية الأبوية المعنوية للناس ورعايتهم وإعانتهم على سلوك الصراط المستقيم.
ولذلك يجب على المسلمين أداء حقوق أبوته – عليه السلام – بأكمل وأسمى ما يجب عليهم تجاه الآباء النسبيين.
وبهذه النتيجة نختم حلقة اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم وفي أمان الله.