السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة من الله وبركات..
معكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج العقائدي نتابع فيها إستنطاق النصوص الشريفة لإستكمال الإجابة عن سؤال عرضناه قبل ثمان حلقات هو:
ما هي واجبات الأمة تجاه أئمة العترة المحمدية أو حقوقهم – عليهم السلام – على الأمة، وقد عرفنا من القرآن الكريم والأحاديث الشريفة ثمانية من هذه الواجبات أو الحقوق هي: حق الطاعة المطلقة وحق الرجوع إليهم في كل نزاع وواقعة لأنهم عدل القرآن وحق الصلاة عليهم مع الصلاة على سيدهم المصطفى – صلى الله عليه وآله – وحق مودتهم المفروضة في القرآن، كذلك حق إكرامهم وتعظيمهم وعرفان منزلتهم عند الله ورسوله صلى الله عليه وآله.
وسادساً حق مبايعتهم وتجديدها للإمام الحي منهم وسابعاً حق زيارتهم في حياتهم الظاهرية وبعدها عن قرب أو بعد، وثامناً حق أداء الخمس الشرعي إليهم قربة لله عزوجل، فما هو الحق التاسع؟
أيها الأطائب، نجد في النصوص الشريفة تصريحات متعددة بأن للإمام المعصوم من الذرية المحمدية مقام الأبوة المعنوية للمسلمين، وهذا من مقامات النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – التي ورثها منه أئمة عترته الطاهرة عليهم السلام.
ومن هذه النصوص الشريفة نستفيد أن من حقوق الإمام المعصوم هي الحقوق التي جعلها الله عزوجل للأب على أبنائه كحقوق البر والإحسان إليه وطاعته وتوقيره واحترامه وإكرامه وسائر ما ذكرته الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة من حقوق الوالدين.
بل المستفاد من النصوص الشريفة تأكد واجب القيام بحقوق الأبناء تجاه الأب فيما يرتبط بأهل بيت النبوة – عليهم السلام – لأن الأبوة المعنوية الروحانية بها نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة ولذلك فهي مقدمة على الأبوة النسبية.
كما أن الإمام المعصوم كنبي الرحمة – صلى الله عليه وآله – يقوم بواجبات الأب تجاه أبنائه من هدايتهم إلى الحق ورعايتهم في السير على الصراط المستقيم وإبعاد الأذى عنهم، يقوم بكل تلك الواجبات بأكمل صورة ولذلك تتأكد في المقابل واجبات أولاده – وهم عموم المسلمين- في البر به طاعته والإحسان إليه بأكمل صورة أيضاً.
كما تشتد العواقب السيئة لعقوق الإمام المعصوم – وهو الأب الروحاني المعنوي – وتكون أشد من عقوق الأب في النسب.
وهذا ما صرحت به كثير من النصوص الشريفة نقرأ لكم بعضها بعد قليل فابقوا معنا مشكورين.
أيها الأفاضل، نقل العلامة البحراني في كتاب (غاية المرام) مروياً عن النبي الأكرم من طرق أهل السنة أنه – صلى الله عليه وآله – قال لوصيه المرتضى:
"يا علي، أنا وأنت أبوا هذه الأمة، فعلى عاق والديه لعنة الله".
وروى الفقيه إبن المغازلي الشافعي في كتاب المناقب، وابن عساكر الدمشقي في تأريخ دمشق وغيرهما من علماء أهل السنة بأسانيدهم عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – أنه قال: "حق علي على المسلمين كحق الوالد على ولده".
وروى شاذان بن جبرئيل في كتاب (الروضة) ضمن حديث الأصبغ بن نباتة عن وفاة أميرالمؤمنين أنه – عليه السلام – حدثه بعد ضربته بحديث طويل عن رسول الله جاء في جانب منه أنه – صلى الله عليه وآله – قال له:
"يا أبا الحسن، ألا وإني وأنت أبوا هذه الأمة فمن عقنا فلعنة الله عليه، ألا وإني وأنت موليا – أي سيدي – هذه الأمة، فعلى من أبق عنا لعنة الله، ألا وأني وأنت أجيرا – أي خادمي – هذه الأمة، فمن ظلمنا أجرتنا – أي المودة – فلعنة الله عليه".
ونقل الحافظ السروي الحلبي في كتاب المناقب، عدة من روايات أعلام أهل السنة للمضامين المتقدمة، ومنها قوله صلى الله عليه وآله:
"يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة، ولحقنا عليهم أعظم من حق أبوي ولادتهم، فإننا ننقذهم إن أطاعونا من النار إلى دار القرار ونلحقهم في العبودية بخيار الأحرار".
ثم نقل الحافظ الحلبي تعليقة لأحد علماء أهل السنة على الحديث المتقدم هو القاضي أبوبكر أحمد بن كامل حيث قال: "يعني – صلى الله عليه وآله – أن حق علي على كل مسلم أن لا يعصيه أبداً".
وقد جمع آية الله السيد شهاب الدين المرعشي النجفي – رضوان الله عليه – في الجزء السادس وغيره من موسوعة (ملحقات شرح إحقاق الحق) كثيراً من مصادر أهل السنة التي روت حديث "يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة".
وهذا الحديث الشريف مروي بطرق كثيرة في مصادر مدرسة الثقلين أيضاً وفيه كفاية في الدلالة على تواتر مضمونة وبالتالي الهداية إلى هذا الحق من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين).
ولكم دوماً من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران خالص الدعوات وفي أمان الله.