السلام عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة الله وبركاته.
تحية مباركة طيبة نهديها لكم في مستهل لقاء اليوم من برنامجكم العقائدي هذا، في الحلقة السابقة حصلنا من الآيتين التاسعة والخمسين والثالثة والثمانين من سورة النساء على إجابة سؤال عرضناه بشأن أهم وجوه الحاجة إلى إمام معصوم في كل زمان بعد وفاة رسول الله – صلى الله عليه وآله – وإلى يوم القيامة فهاتان الآيتان الكريمتان تبينان بوضوح أن من لطف الله عزوجل بعباده وفضله عليهم ورحمته بهم أن جعل لهم في كل زمان إماماً من أولي أمره يكون المرجع المعصوم الذي يستنبط لهم حكمه في كل شأن يختلفون فيه ويتنازعون بشأنه.
وبذلك ينجيهم من إتباع الشيطان الذي لا يفتأ عن السعي لإثارة التنازع بين الناس في كل زمان لصدهم عن سبيل الله وهذا ما بينته كثير من الأحاديث الشريفة نختار لكم بعضها في هذا اللقاء فكونوا معنا مشكورين.
روى الشيخ الصدوق في كتاب معاني الأخبار مسنداً عن أمير المؤمنين – عليه السلام – أنه قال: قال لي رسول الله – صلى الله عليه وآله -: قد أخبرني ربي – جل جلاله – أنه قد إستجاب لي فيك [يا علي] وفي شركائك الذين يكونون من بعدك.
قال علي عليه السلام: فقلت يا رسول الله ومن شركائي من بعدي؟
فقال – صلى الله عليه وآله - : [هم] الأوصياء من آلي يردون علي الحوض، كلهم هاد مهتد لا يضرهم من خذلهم، هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقونه ولا يفارقهم، بهم تنصر أمتي وبهم يمطرون وبهم يدفع عنهم البلاء وبهم يستجاب دعاؤهم.
وواضح أن ملازمتهم للقرآن وملازمة القرآن لهم تعني أن ما يستنبطونه من كتاب الله هو الكلمة الإلهية المعصومة والفصل التي يحل بها كل تنازع واختلاف بين المسلمين، فتنصر بهم الأمة المحمدية ويدفع عنها بلاء التنازع وإتباع الشيطان الرجيم.
وروي في كتاب نهج البلاغة عن أمير المؤمنين – عليه السلام – أنه قال ضمن كلام له في رد إحتجاج الخوارج بإنكار تحكيم الرجال:
إنا لم نحكم الرجال وإنما حكمنا القرآن وهذا القرآن إنما هو خط مستور بين الدفتين لا ينطق بلسان ولابد له من ترجمان وإنما ينطق عنه الرجال ولما دعانا القوم إلى أن يحكم بيننا القرآن لم نكن الفريق المتولي عن كتاب الله وقد قال الله سبحانه "فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ".
ثم قال – عليه السلام -: فرده إلى الله أن نحكم كتابه ورده إلى الرسول أن نأخذ بسنته، فإذا حكم بالصدق في كتاب الله فنحن أحق الناس به وإن حكم بسنة رسول الله – صلى الله عليه وآله – فنحن أحق الناس وأولاهم بها.
وفي نص آخر مروي عنه في كتاب الإحتجاج يشير – عليه السلام – إلى المرجع الإلهي الذي ينطق بحكم الله ترجماناً لكتاب الله وسنة نبيه – صلى الله عليه وآله – حيث يقول ضمن حديث طويل:
" وقد جعل الله للعلم أهلاً وفرض على العباد طاعتهم بقوله "أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ" وبقوله "وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ".
وواضح أن إستدلال أمير المؤمنين – عليه السلام – بهاتين الآيتين يشير إلى أن المرجع الإلهي الذي أمر الله عزوجل بالرجوع إليه هم المعصومون القادرون على إستنباط حكم الله دون إحتمال تسرب الخطأ إلى إستنباطهم وبذلك تكون طاعتهم طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وآله.
فهم أصفياء الله عزوجل كما يصرح بذلك – عليه السلام – في تتمة حديثه وقد ذكر أن هؤلاء هم حجج الله فسأله أحد الحاضرين: من هم هؤلاء الحجج؟
فأجاب عليه السلام: هم رسول الله ومن حل محله من أصفياء الله وهم ولاة الأمر الذين قرنهم بنفسه ورسوله وفرض على العباد طاعتهم وقال فيهم "أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ" وقال فيهم "وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ".
ولما سأله الرجل عن معنى الأمر في صفة "أُوْلِي الأَمْرِ" قال عليه السلام: [هو الأمر] الذي تنزل به الملائكة في الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم من خلق ورزق وأجل وعمل وعمر وحياة وموت وعلم غيب السموات والأرض والمعجزات التي لا ينبغي إلا لله وأصفيائه والسفرة بينه وبين خلقه).
وأخيراً ننقل من كتاب (الإحتجاج) قول مولانا الإمام سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين –صلوات الله عليه– في خطبة له:
"نحن حزب الله الغالبون وعترة رسول الله الأقربون وأهل بيته الطيبون وأحد الثقلين، جعلنا رسول الله – صلى الله عليه وآله – ثاني كتاب الله تبارك وتعالى الذي فيه تفصيل كل شيء، والمعول علينا في تفسيره، لا يبطينا تأويله بل نتبع حقائقه.. ثم قال – عليه السلام - : فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة، قال الله عزوجل: " أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ" وقال: "وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً".. فأحذركم الإصغاء إلى هتوف الشيطان فإنه لكم عدو مبين..".
نشكر لكم أيها الأطائب طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) ولكم دوماً من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران خالص الدعوات وفي أمان الله.