السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته.
على بركة الله نلتقيكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج، نتناول فيها سؤالاً آخر من الأسئلة المرتبطة بموضوع الإمامة.
وسؤالنا فيها – أيها الأكارم – عن علة الحاجة إلى وجود إمام منصوب من قبل الله تبارك وتعالى في كل عصر، فقد عرفنا في حلقات سابقة أن الآيات الكريمة تصرح بأن لكل قوم هاد وأن الأرض لا تخلي من حجة لله من الأئمة المعصومين عليهم السلام.
فما هي العلة والحاجة لذلك؟
أيها الأطائب.. في الإجابة عن هذا السؤال نقرأ أولاً الرواية التالية رواها الشيخ الصدوق في كتاب (علل الشرائع) بسنده عن العبد الصالح جابر الجعفي وجاء فيها أنه سأل الإمام الباقر – عليه السلام – قائلاً: لأي شيء يحتاج إلى النبي والإمام؟
فأجاب الباقر – عليه السلام – قائلاً: لبقاء العالم على صلاحه، وذلك أن الله عزوجل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيهم نبي أو إمام، قال الله عزوجل "وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ" وقال النبي صلى الله عليه وآله "النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون وإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون".
وكما تلاحظون مستمعينا الأفاضل، فإن مولانا الإمام الباقر – عليه السلام – يستند إلى القرآن الكريم والحديث النبوي لبيان أن الحاجة لوجود النبي أو الإمام تكمن في كون وجوده – عليه السلام – ضروري لبقاء العالم على صلاحه وعدم نزول العذاب الماحق للخلق بسبب الإفساد وسفك الدماء.
وعليه يتضح أن وجود النبي أو الإمام في كل عصر هو من لطف الله عزوجل بالعباد إذ أن وجود المعصوم – عليه السلام – يدفع عن الخلائق ذلك العذاب الإلهي ببركة هدايته للمستعدين للهداية منهم والأخذ بأيديهم إلى الإستغفار كما تنبهنا لذلك تتمة الآية الثالثة والثلاثين من سورة الأنفال التي إستند إليها الإمام الباقر عليه السلام.
ففي هذه الآية يصرح الله عزوجل بأن دفع العذاب الإلهي عن الخلق يكون لوجود النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – فيهم وكذلك لكونهم يستغفرون والمزيد من التوضيح يأتيكم بعد قليل فأبقوا معنا.
نتدبر معاً أيها الأكارم في الآية ۳۳ من سورة الأنفال المشار إليها آنفاً، ففيها يقول أصدق القائلين:
"وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ".
ولا يخفى عليكم مستمعينا الأفاضل، أن حقيقة الإستغفار هي الإنابة لله عزوجل وإطاعته والإعراض عن معصيته وتحقق هذه الإنابة والطاعة تكون بالإنابة وطاعة من طاعته طاعة الله ولرسوله، صلى الله عليه وآله، فلابد من وجود معصوم في كل زمان تكون طاعته طاعة لله ولرسوله.
وهذا ما ينبه إليه مولانا باقر علوم النبيين في تتمة حديثه المتقدم حيث يعلق على الحديث الشريف الذي رواه عن جده المصطفى – صلى الله عليه وآله – بقوله: "يعني بأهل بيته الأئمة الذين قرن الله عزوجل طاعتهم بطاعته فقال: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".
ثم قال عليه السلام: "وهم المعصومون المطهرون الذين لا يذنبون ولا يعصون وهم المؤيدون الموفقون المسددون، بهم يرزق الله عباده وبهم يعمر بلاده وبهم ينزل القطر من السماء وبهم تخرج بركات الأرض وبهم يمهل أهل المعاصي ولا يعجل عليهم بالعقوبة والعذاب لا يفارقهم روح القدس ولا يفارقونه، ولا يفارقون القرآن ولا يفارقهم صلوات الله عليهم أجمعين".
وكما تلاحظون مستمعينا الأفاضل، فإن الإمام الباقر – عليه السلام – يشير في إستدلاله المتقدم إلى أن وجود الإمام المعصوم في كل زمان هو سبب لدفع العذاب عن الناس حتى لو لم يتسلم منصب الإمامة الظاهرية والحكم لأنه رغم ذلك هو خليفة الله في الأرض الذي به يتم حجته على عباده فيكون وجوده سبباً لنزول البركات الإلهية وتوفير الرزق للعباد وكل ما يحتاجونه لإدامة الحياة في الأرض، فيعطيهم الفرصة – حتى للعاصين منهم – للإنابة إلى الله عزوجل لكي يكتب لهم الفلاح.
وتكون هذه الإنابة بالرجوع إلى خليفة الله في أرضه الذي لا يفارق الهدى الإلهي في حال من الأحوال فيكون بذلك قادراً على إيصاله لمن طلبه من المنيبين إلى الله عزوجل.
وعلى ضوء ما تقدم يتضح جواب هذه الحلقة وهو عن الحاجة إلى وجود إمام معصوم في كل زمان.
فهذه الحاجة أو العلة تكمن في لطف الله بعباده بجعل خليفة له في أرضه يكون لديه هداه عزوجل ويكون معصوماً مرتبطاً به تبارك وتعالى يرجع كل من طلب الله والفلاح إليه للنجاة من الضلالة ومن العذاب الإلهي والفوز بالجنة والرضوان.
وبهذا ننهي أيها الأكارم حلقة اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران شكراً لكم ودمتم بكل خير.